تونس تحيي الذكرى السابعة لثورتها على خلفية مطالب اجتماعية ووضع اقتصادي صعب – حدث كم

تونس تحيي الذكرى السابعة لثورتها على خلفية مطالب اجتماعية ووضع اقتصادي صعب

تحيي تونس، اليوم الأحد، الذكرى السابعة لثورة “الحرية والكرامة”، التي تصادف تاريخ الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي، (2011) على خلفية مطالب واحتجاجات على ارتفاع أسعار بعض المواد وإجراءات قانون المالية الجديد.

وغلى غرار بداية كل سنة (شهر يناير) منذ 2011، شهدت تونس في الأيام القليلة الماضية سلسلة من الاحتجاجات الرافضة للإجراءات التي اتخذتها الحكومة وذلك على إيقاع توتر اجتماعي ومظاهرات ترافقت مع أعمال شغب ليلية، طالت 11 ولاية وأسفرت عن أحداث عنف وحرق واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وإيقاف أزيد من 770 شخصا.

وأتت المواجهات الأخيرة على الرغم من تحذيرات رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الذي أعلن عن فتح تحقيق في أحداث الشغب والتخريب التي طالت عددا من الجهات لكشف المتورطين وكل من يقف وراءهم. واعتبر أن “المخربين الذين يستغلون كل حالة احتقان للخروج إلى الشارع للنهب والتكسير، لا يخدمون مصلحة تونس”. ووجه أصابع الاتهام بالخصوص إلى “الجبهة الشعبية” (معارضة).

وكانت الجبهة الشعبية أعلنت، منذ يوم الثلاثاء الماضي، مساندتها لحركة الاحتجاجات ضد قانون المالية لسنة 2018، مؤكدة انخراطها فيها وفق ما جاء على لسان الناطق الرسمي باسم الجبهة حمة الهمامي.

وقال قياديون في الجبهة الشعبية (15 نائبا في البرلمان)، يوم الخميس الماضي، إن الخلاف بين الحكومة والتونسيين، أعمق من قانون المالية 2018 وما رافقته من إجراءات لأنه “خلاف حول خيارات اجتماعية واقتصادية بالأساس”.

وسجل ملاحظون أن “أحداث الشغب التي رافقت الاحتجاجات ليست جديدة لكن الظرفية التي وقعت فيها تجعلها بمثابة صفارة إنذار تنبه إلى خطورة الفجوة القائمة بين السياسيين والشعب”، واعتبروا أن فض الأزمة “يستوجب في الأحوال كلها، فهما حقيقيا وملائما لأسبابها”.

ومن جهته جدد نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل (أكبر مركزية نقابية) دعم المنظمة للاحتجاجات السلمية ضد غلاء المعيشة وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن وتفاقم البطالة والفقر وتهميش الشباب، ورفضها لكل الاحتجاجات “تحت جنح الظلام والتي تتحول لاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة عن طريق السرقة والنهب والتخريب”.

وقال الطبوبي إنه “دعا رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الى التعجيل باتخاذ قرارات سياسية جريئة تأخذ بعين الاعتبار الفئات المهمشة التي تضررت أكثر من غيرها من قانون المالية لسنة 2018″، مضيفا أنه حث رئيس الحكومة على الإعلان الفوري، عن الرفع من الأجر الأدنى ومنح العائلات المعوزة ومعاشات التقاعد الضعيفة، وإيلاء المزيد من العناية بالشباب على جميع المستويات.

كما دعا الطبوبي جميع الأحزاب السياسية التونسية إلى مزيد من التعقل نظرا لحجم المسؤولية الموكلة إليها خاصة خلال الفترات الصعبة وتغليب المصلحة العامة بعيدا عن منطق المصالح الضيقة، مؤكدا ان الاتحاد لا يدعم الأشخاص بل يدعم الخيارات القادرة على إضفاء النجاعة والتعامل بحكمة مع القضايا الحارقة، ودعم الاستقرار السياسي، واستنباط الحلول، ورسم الآفاق والانفتاح على المحيط الخارجي والداخلي.

ولا يخلو الوضع السياسي من تجاذبات محتدمة على خلفية تباين مواقف الفاعلين السياسيين والرهانات الكبيرة التي تقع على عاتق الطبقة السياسية في البلاد خاصة إزاء الاستحقاقات المقبلة، حيث اعتبر الرئيس الباجي قائد السبسي أن أبرز التحديات التي تطبع الفترة الحالية، تتمثل في تنظيم وإنجاح “الانتخابات البلدية وهو موعد انتخابي ورهان كبير بالنسبة إلى الأحزاب السياسية، لا بد من كسبه”، فضلا عن مواصلة إقامة بقية الهيئات الدستورية وفي مقدمتها المحكمة الدستورية.

وتميزت الشهور الأخيرة من السنة الماضية بمناخ مشحون طبعه، على الخصوص، الجدل حول تأخير موعد الانتخابات البلدية، التي تقرر تنظيمها في آخر المطاف يوم 6 ماي المقبل، بعد أن كانت مقررة في يوم 25 مارس 2018.

أما على الصعيد الاقتصادي فإن تونس تكاد تعيش منذ 7 سنوات في حلقة مفرغة، حيث إن البلاد تشهد عجزا في الميزان التجاري والميزانية، مما أدى إلى التضخم وتعميق المديونية وتراجع قيمة الدينار.

وللخروج من هذا الوضع، تعتزم الحكومة التخفيض من عجز الميزانية إلى 9ر4 بالمائة سنة 2018 و3 بالمائة سنة 2020 وذلك بهدف تحقيق التوازنات المالية في البلاد واستقرار الدينار. وفي هذا السياق قال وزير التجارة التونسي عمر الباهي: “علينا الزيادة في الأداءات (الضرائب) لضمان تعبئة موارد إضافية في خزينة الدولة، علما أنها لا تشمل المواد المدعمة وموزعة على مختلف الفئات وليست مسلطة على الفئات الهشة والمتوسطة فقط بل تهم أيضا المؤسسات (الشركات) وبالتالي الطبقة الغنية”.

وفي أول رد فعل لها بعد الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها البلاد، أعلنت الحكومة التونسية، أمس السبت، عن اتخاذ جملة من الإجراءات الاجتماعية لفائدة العائلات محدودة الدخل والعاطلين عن العمل، من خلال رصد اعتمادات مالية بقيمة 100 مليون دينار (33,6 مليون أورو).

وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية التونسي، محمد الطرابلسي، في أعقاب مجلس وزاري التأم، مساء أمس، أنه سيتم بداية من مطلع أبريل 2018 تمكين شريحة الشباب العاطلين عن العمل من التغطية الصحية المجانية، والزيادة ب 20 في المائة في منحة العائلات المعوزة لترتفع من 150 دينارا (50 أورو) ، إلى 180 دينارا أو 200 دينارا (60 و 67 أورو)، بحسب عدد أفراد الأسرة.

وأضاف الوزير أن الحكومة رفعت الحد الأدنى لمعاشات المتقاعدين إلى 180 دينارا، وهو إجراء سيستفيد منه أكثر من 40 بالمائة من مجموع المتقاعدين، أي حوالي 220 ألف متقاعد، مشيرا إلى مضاعفة المنحة المخصصة للأطفال المعوقين من أبناء العائلات المعوزة.

وأوضح الوزير أن القرارات الحكومية تندرج في إطار الحرص على إرساء أرضية وطنية دنيا للحماية الاجتماعية، معتبرا أن هذا الأمر هو محل توافق بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين.

ومن جانبه، قال وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية، مبروك كورشيد، إن الحكومة ستعلن في وقت لاحق، اليوم الأحد، عن إجراءات تتعلق بالتشغيل، معتبرا أن الاجراءات الحكومية المعلنة ترمي الى النهوض بالفئات الهشة ومحدودة الدخل.

حدث/و.م.ع

التعليقات مغلقة.