إيطاليا : سباق التحالفات يتواصل مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية – حدث كم

إيطاليا : سباق التحالفات يتواصل مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية

سهام توفيقي: على بعد شهر ونصف من الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في الرابع من مارس بإيطاليا، تسابق الأحزاب السياسية الزمن من أجل تشكيل ائتلافات متماسكة ومنسجمة، وتجاوز أزمة الانشقاقات الداخلية التي يغذيها جدل عميق حول الوضع الاقتصادي وقضية المهاجرين وسياسات الاتحاد الأوروبي.
ولم تثمر هذه المساعي لحدود اليوم سوى في تحالف أحزاب يمين الوسط (فورتسا إيطاليا ورابطة الشمال وإخوة إيطاليا) بقيادة رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني، ، الذين وقعوا يوم الجمعة الماضية على برنامجهم الانتخابي المشترك لخوص الاستحقاقات القادمة، حيث شكل خفض الضرائب على دخل الأسر والشركات أبرز مضامينه. ولا يزال الحزب الديمقراطي (الحاكم) بقيادة ماثيو رينزي يمني النفس بتشكيل تحالف قوي مع أحزاب اليسار يخول له الظفر بالصدارة في الاقتراع القادم، لاسيما الحزب الرديكالي ورأب الصدع الذي خلفه انسحاب بعض أعضائه نتيجة خلاقات حول قضايا داخلية. أما حركة خمس نجوم (الشعبوية) التي يقودها “بيبي غريللو” فهي ضد التحالف مع اليسار أو يمين ، إذ ا تصف نفسها بأنها “قوة نظيفة ” مغاييرة للأحزاب السياسية التقليدية التي باتت تفتقد للمصداقية.
وبالنسبة للعديد من المراقبين فإن فشل بعض الأحزاب في الوفاء بالتزاماتها ، لاسيما تلك المتعلق بالتشغيل وإجراء إصلاح اقتصادي ينعكس إيجابا على الوضع الاجتماعي للإيطاليين أدى إلى فقدان الثقة في صدق وعود البرامج الانتخابية لهذه الأحزاب التي تراجعت شعبيتها في استطلاعات الرأي.
وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتيلوني إن بروز ظاهرة عزوف الناخبين الإيطاليين عن التصويت في الاستحقاقات المقبلة تولدها غياب مصداقية السياسيين خلال حملاتهم الانتخابية.
واعتبر جينتيلوني، القيادي في الحزب الديمقراطي، أول أمس السبت أن القيام بحملة انتخابية مبنية على “الكراهية والخوف وعلى تعهدات يستحيل الالتزام بها” سيضعف نسبة المشاركة في الانتخابات. 
وبالفعل فقد سجلت بعض الانزلاقات في تصريحات مناهضة مهاجرين أثرت جدلا في الأوساط السياسية والإعلامية الإيطالية، كان آخرها تأكيد مرشح تحالف يمين الوسط بأن “العرق الأبيض” في البلاد معرض للانقراض إذا ما استمر توافد المهاجرين بهذه الأعداد الهائلة.

وقال أتيليو فونتانا المنتمي لحزب رابطة الشمال اليميني المتطرف إنه “من غير المعقول أن نرحب بالجميع، لأنه لا يمكن أن ننسجم جميعا في البلاد”.
أما رئيس الرابطة ماثيو سالفيني فقد تعهد بطرد مائة ألف مهاجر غير شرعي سنويا من البلاد، في حال فوز إئتلاف يشارك فيه حزبه في الانتخابات التشريعية القادمة.
ولقيت هذه التصريحات العنصرية تنديدا واسعا من قبل مختلف مكونات الطبقة السياسية ، ووصفت رئيسة مجلس النواب الإيطالي لاورا بولدريني سياسيين يمينيين في بلادها بأنهم “عنصريون لا يفهمون الدستور”.
وبالنسبة لمحللين سياسيين فإن أحد نواقص هذه الحملة الانتخابية هو اختزالها في شعارات فارغة أحيانا و توظيف “عبارات جاهزة” لا تخرج عن نطاق الحد من تدفقات المهاجرين وإعطاء أولوية قصوى للمواطنين الإيطاليين. وبخصوص سياسات الاتحاد الأوروبي ، أكد تحالف يمين الوسط على ضرورة جعل الدستور الإيطالي يسود فوق القانون الأوروبي”، حيث شن حزبا رابطة الشمال و (إخوة إيطاليا) حملة ضد الأورو، بينما اقترح برلسكوني، التخلي عن الاتحاد النقدي الأوروبي، باعتماد نظام عملة مزدوجة.
ولتمرير رسائلهم، يستغل المرشحون، لاسيما قادة أحزاب اليمين والحزب الديمقراطي وحركة خمس نجوم المتنافسون الأبرز في الساحة السياسية جميع الوسائل المتاحة سواء وسائل الإعلام السمعية البصرية والمكتوبة أو الشبكات الاجتماعية وكذا التجمعات الخطابية بمختلف انحاء إيطاليا ، لإبراز رجاحة وعودهم التي يهيمن عليها تحقيق اقلاع اقتصادي، و محاربة البطالة، وخفض الضرئب وإلغاء مشروع رفع سن الإحالة على التقاعد، إلى جابب قضايا الحساسة تتعلق بملف الهجرة والأمن اللتان يتم توظيفهما كعملة لاستمالة الناخب الإيطالي. 
وإلى حين إجراء لاستحقاقات القادمة، تعيش إيطاليا على وقع حملة انتخابية نتائجها غير مؤكدة وتخيم عليها تصريحات مشحونة بالانتقادات المتبادلة بين المرشحين، في ظل غياب برامج سياسية واقعية . و في هذا السياق، تتصدر حركة خمس نجوم استطلاعات الرأي في البلاد ، ك”بديل سياسي نظيف” ، مستثمرة في ذلك الاستياء الشعبي من فشل سياسيات بعض الأحزاب وعدم قدرتها على تحقيق تطلعات المواطنيين، لاسيما الشباب. 

ح/م

التعليقات مغلقة.