وليد إد بناصر: لمسات صغيرة بألوان الحلم – حدث كم

وليد إد بناصر: لمسات صغيرة بألوان الحلم

“أجد في الرسم شيئا ما يجذبني إليه بقوة، أحب أن أرسم مثلما يحب أقراني ممارسة هواية أو لعبة ما” بهذه الكلمات يحاول وليد إد بناصر، اليافع ابن مدينة كلميم، تقريب وكالة المغرب العربي للأنباء من السر الكامن وراء شغفه بالرسم وما يكسو لوحاته من جمال بينما يضفي لمسات صغيرة على لوحة بين يديه.
على جدران غرفة بمنزله يتخذها وليد مرسما صغيرا يبدع فيه أعماله، يشتغل وليد على لوحته الجديدة. في ورشه الفني هذا تتجاور لوحات تختلف درجة التعقيد في رسمها من محاكاة لوجوه ومناظر إلى محاولات في طمس الملامح وتجريد النظر. ليس التجريد بالمعنى الذي اتخذه هذا المفهوم في أدبيات الفن التشكيلي، وإنما باعتباره بدايات لرسم العالم بمزج خاص للألوان يجعلها أقل التصاقا بالمحاكاة وأكثر جرأة على اكتشاف المجردات.
“بدأت برسم صور لوجوه أفراد من أسرتي على سبيل الهواية حين كنت أصغر سنا”، يقول وليد، واصفا وجوها معلقة بأحد جدران ورشه المنزلي. الوجوه المعلقة لا تخلو من تلاعب بملامحها يحررها من أسر العبوس ويعيد لها حقها في الابتسام.
في لوحات أخرى، معلقة في الجدار المقابل للوجوه، تبدو موهبة وليد وقد تطورت أكثر فانتقل من رسم الوجوه إلى رسم مناظر الطبيعة بما يتطلبه ذلك من حرص أشد على الدقة بين درجات الألوان والظلال والهيآت والآفاق. من بين لوحات وليد أيضا، لوحة لوجه كأنما تساقطت فوقه بتلات ورد حتى غطت معظمه فلم يعد باديا منه غير شفتين ورديتي اللون، لعلها إحدى أكثر لوحاته تعبيرا عن ابتعاده عن رسم الذوات الكاملة والإحالة عليها بقسط منها مع ما يضيفه ذلك إلى اللوحة من غموض آسر. عموما، تتوزع لوحات وليد بين بورتريهات ولوحات ثلاثية الأبعاد تخادع البصر وأخرى للطبيعة وأخرى تفسح المجال للغموض والألغاز (وقد تقترب بذلك، في حدود، من التجريد).
“أهتم بأعمال الرسامين الكبار، وأتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي مع رسامين مغاربة وأجانب، أتعلم منهم..وأحاول كل مرة رسم شيء جديد” يقول وليد، منبها إلى أن “شغفي بالرسم لا يعني أنه يكون على حساب الدراسة..الرسم هواية لكن الدراسة مهمة”. وفي الحقيقة فهواية وليد بعيدة كل البعد عن أن تمثل أي مشكل بالنسبة لدراسته كما يؤكد ذلك تفوقه الدراسي في صفه (يدرس بالأولى إعدادي) المثبت في نتائجه. 
“وليد تلميذ متفوق في دراسته، نتائجه مشرفة جدا، كما أنه يظهر موهبة مميزة في المجال الإبداعي، وأقصد بذلك فن الرسم طبعا” يقول مدير الثانوية الإعدادية عبد الكريم الخطابي، حيث يدرس وليد، الصديق بوعلام، في تصريح للوكالة، مشيرا إلى أن “المؤسسة تسهر على تشجيع التلاميذ على إبراز طاقاتهم وإنماء مواهبهم وملكاتهم من خلال ورشات وأيام تربوية وأنشطة مختلفة يتم فيها تأطير التلاميذ كل حسب ميوله”.
ويؤكد الصديق أن “المؤسسة تحتل موقعا متقدما في ما يتصل بأنشطة الحياة المدرسية والأنشطة الموازية حيث كانت مشتلا لإبراز العديد من المواهب الفذة”، مرجعا هذا الموقع الرائد للمؤسسة التعليمية إلى “جهود الطاقمين التربوي والإداري للمؤسسة في إعداد أنشطة الحياة المدرسية والسهر على مواكبة التلاميذ”.
داخل الإعدادية، وليد منخرط في ناد لأنشطة الحياة المدرسية (المسرح، الصحافة، الرسم، الشعر..) ينظم ورشات في مختلف هذه المجالات وضمنها الرسم. عبد الفتاح شبي، الأستاذ المشرف على أنشطة الحياة المدرسية بالمؤسسة، يشير إلى أن وليد يتمتع بملكة بارزة في الرسم يحاول رفقة زميل (أستاذ) مختص في الرسم تمكين الرسام الفتي من صقلها.
وكالة المغرب العربي للأنباء حضرت إحدى ورشات الرسم التي يشارك فيها وليد ولاحظت المواهب والملكات الفتية والإبداعات الجميلة لوليد وزملائه المشاركين في ورشة الرسم. إبداعات تعكس حس هذه المواهب اليافعة الإبداعي، والطاقات الكبيرة التي تملكها كلها على حد سواء. حين تحاول حمل وليد على تقديم جواب شاف لشغفه بالرسم تتعثر الكلمات بين شفتيه، يرفع نظارته الطبية إلى الأعلى قليلا، ويفكر في ماهية هذا السر الذي يجعله يوشي الفرشاة بألوان الماء ويمر بها على اللوحة مرة بعد أخرى، يصمت قليلا، ثم يجيب “شيء ما في داخلي”.

ح/م

التعليقات مغلقة.