.. واخيرا .. “الرسالة” وصلت..! – حدث كم

.. واخيرا .. “الرسالة” وصلت..!

“حدث” وان تطرقت في موضوع سابق ، الى ما كان يترقبه الشعب المغربي بصفة عامة ، والبرلمان بصفة خاصة، من خطاب جلالة الملك، خلال افتتاح الدورة الاولى من السنة التشريعية الخامسة، من الولاية التشريعية التاسعة، وفي حلة جديدة للغرفة الثانية ، وما “ورد” في تصريحات بعض زعماء الاحزاب السياسية، حول المسلسل الانتخابي منذ يوم 4 شتنبر الماضي، والذي افرز من يسير الشؤون المحلية ، والاقليمية، والجهوية، والغرفة الثانية طبقا لدستور 2011 .

وجاء “الحدث” من خلال الخطاب الملكي السامي، امس الجمعة بالمناسبة، وكان بمثابة توضيح الواضحات، ورسائل قوية تحمل اكثر من دلالة، لمن يريد ان يشوش على المسلسل الديمقراطي الذي اراده جلالة الملك بان يكون يضاهي اكبر الديمقراطيات عبر العالم، حيث قال حفظه الله: إن تمثيل المواطنين أمانة عظمى على المنتخبين والأحزاب أداءها، سواء بالوفاء بوعودهم تجاه الناخبين أو من خلال العمل على الاستجابة لانشغالاتهم الملحة، وهي مسؤولية وطنية تقتضي من الجميع الارتفاع إلى مستوى اللحظة التاريخية التي تعيشها بلادنا”.

مضيفا بان ” الحياة السياسية لا ينبغي أن ترتكز على الأشخاص، وإنما يجب أن تقوم على المؤسسات. فالأشخاص كيفما كانوا فهم راحلون، أما المؤسسات فهي دائمة. وهي الضمانة الحقيقية لحقوق المواطنين”

ولرفع اللبس ، والتنبيه، قال حفظه الله: “أريد من هذا المنبر أن أوجه رسالة للذين لم يتوفقوا في هذه الانتخابات، فعليهم ألا يفقدوا الأمل، وأن يرفعوا رؤوسهم لما قدموه من خدمات للوطن والمواطنين، وعليهم أن ينتبهوا إلى أن المغاربة أصبحوا أكثر نضجا في التعامل مع الانتخابات، وأكثر صرامة في محاسبة المنتخبين على حصيلة عملهم.
كما يجب عليهم القيام بالنقد الذاتي البناء، لتصحيح الأخطاء وتقويم الاختلالات، ومواصلة العمل الجاد، من الآن، ودون كلل أو ملل، من أجل كسب ثقة الناخبين في الاستحقاقات القادمة.
وهذا هو حال الديمقراطية الحقة، فهي تداول وتناوب على ممارسة السلطة، وتدبير الشأن العام، فمن لم يفز اليوم قد يكون هو الرابح غدا.
غير أننا نرفض البكاء على الأطلال، كما نرفض الاتهامات الباطلة الموجهة للسلطات المختصة بتنظيم الانتخابات. فالضمانات التي تم توفيرها تضاهي مثيلاتها في أكبر الديمقراطيات عبر العالم، بل إنها لا توجد إلا في قليل من الدول.
وبطبيعة الحال فإن من يعتبر نفسه مظلوما، بسبب بعض التجاوزات المعزولة التي تعرفها عادة الممارسة الديمقراطية، فيبقى أمامه اللجوء إلى القضاء”.

وهذه الرسالة ليست هي الاولى التي ما فتئ جلالته ينبه من خلالها زعماء الاحزاب السياسية، والبرلمان ككل، بل سبق وان اكد في جميع خطبه، بمناسبة افتتاح دورات البرلمان في السابق، لكي يتعض المتعضون للارتقاء بالخطابات السياسية ، سواء داخل قبة البرلمان او خارجه، مؤكدا مرة اخرى على “النقاش البناء والرزانة والموضوعية، بعيدا عن أي اعتبارات سياسية، واضاف جلالته :”ينبغي استثمار التكامل بين مجلسي البرلمان للرفع من مستوى أدائه ومن جودة التشريعات التي يصادق عليها.
ورغم كل الجهود المبذولة ، فإن الصورة التي تبقى في ذهن عدد من المواطنين ، هي الصراعات والمزايدات بين الاغلبية والمعارضة ، داخل البرلمان أحيانا، وفي بعض التجمعات الحزبية وحتى في وسائل الإعلام.
وقد سبق لي أن قلت لكم، من هذا المنبر، بأن الخطاب السياسي لا يرقى دائما إلى مستوى ما يتطلع إليه المواطن. وهنا انبه إلى أن التوجه نحو الصراعات الهامشية يكون دائما على حساب القضايا الملحة والانشغالات الحقيقية للمواطنين، وهو ما يؤدي إلى عدم الرضى الشعبي على العمل السياسي بصفة عامة ، ويجعل المواطن لا يهتم بالدور الحقيقي للبرلمان.
فالبرلمان يجب أن يكون مرآة تعكس انشغالات المواطنين، وفضاء للحوار الجاد والمسؤول، حول كل القضايا الوطنية الكبرى”.

كما اكد جلالة الملك على “ضرورة العمل، خلال هذه السنة، لاستكمال إقامة المؤسسات، والتي لا يستحمل إضاعة الوقت في الصراعات الهامشية” مذكرا بالمشاريع والنصوص القانونية التي ستعرض على البرلمان ، لشدة الاهمية والحساسية، واضاف نصره الله: “لذا ارتأينا أن نذكر الحكومة والبرلمان بضرورة الالتزام بأحكام الفصل 86 من الدستور، الذي يحدد نهاية هذه الولاية التشريعية كآخر أجل لعرض القوانين التنظيمية على مصادقة البرلمان.
ونذكر هنا، على سبيل المثال، مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية، والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وممارسة حق الإضراب ومجلس الوصاية.
فهذه القضايا الوطنية الكبرى تتطلب منكم جميعا ، أغلبية ومعارضة ، حكومة وبرلمانا، تغليب روح التوافق الإيجابي والابتعاد عن المزايدات السياسية”.

وبعد ما استعرض جلالة الملك، خارطة الطريق السياسية، للسياسيين المغاربة، و نزلت رسائله بردا وسلاما، على من يهمهم الامر، وظهر الاصفرار على وجوههم، العرق يتصبب على جبينهم ، مع الارتعاد في “فرائص امعائهم”، وبعدما صفقوا بحرارة جميعا ، على الخطاب الملكي، هرول البعض حينما غادر الملك قبة البرلمان، نحو “قنينات المياه” ليرووا عطشهم، من كثرة حرارة الموقف.

هذا ما حدث، في انتظار ما سيحدث!، اتمنى لزعمائنا السياسيين ان يأخذوا العبرة بالاية القرآنية الكريمة ، التي تليت قبل افتتاح الجلسة، والتي تقول: “واوفوا بالعهد، ان العهد كان مسؤولا.. (الآية) . “ صدق الله العظيم.

التعليقات مغلقة.