تفاءل حذر حول نجاح مفاوضات تشكيل حكومة جديدة في إيطاليا | حدث كم

تفاءل حذر حول نجاح مفاوضات تشكيل حكومة جديدة في إيطاليا

02/09/2019

لا تزال ملامح الحكومة الجديدة في إيطاليا لم تتضح بعد رغم أن الموعد الذي حدده رئيس الجمهورية لتشكيل فريق وزاري ينتهي اليوم الاثنين، وسط تفاؤل حذر بنجاح المفاوضات التي يجريها رئيس الوزراء المكلف جوزيبي كونتي ويعكر صفوها وجود خلافات بين الحزب الديمقراطي وحركة خمس نجوم،ما يثير توجس الأوساط الأوروبية والأسواق المالية .

فبعد الأزمة السياسية التي فجرها قرار وزير الداخلية وزعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف ماثيو سالفيني فض الائتلاف الثنائي الحاكم مع الرابطة في الثامن من غشت الماضي بذريعة خلاف شكلي حول نفق القطار الفائق السرعة بين إيطاليا وفرنسا، تتواصل مساعي جوزيبي كونتي لتقديم تشكيلة ائتلافه الحكومي الجديد المقرر بعد غد الأربعاء على أبعد تقدير ، وبالتالي تدشين فصل جديد في الحياة السياسية لثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو. وقد خيم على سلسلة المشاورات التي يجريها كونتي مع قادة الحزب الديمقراطي (يسار الوسط) وحركة خمس نجوم ( المعارضة للمؤسسات ) أول أمس السبت توتر شديد كاد يعصف بالائتلاف الناشئ الذي يسعى إلى تشكيل “حكومة تغيير” و تجنيب البلاد انتخابات مبكرة تتخوف منها الأوساط الاقتصادية و السياسية داخل إيطاليا وخارجها .

هذا التوتر الذي خفت وطأته اليوم نجم عن تحذير حركة خمس نجوم، التي تملك أكبر عدد من النواب في البرلمان لحليفها الجديد ، من مغبة انهيار الاتفاق بينهما إذا لم يوافق الحزب الديموقراطي على قائمة مطالبها الرئيسية، و هو ما أثار غضب الديمقراطيين . كما هدد زعيم حركة خمس نجوم لويجي دي مايو ، الذي يشعر بأنه الحلقة الأضعف في الاتئلاف الحكومي الناشئ ، بعدم المضي في الاتفاق إذا لم يحصل على منصب نائب رئيس الوزراء، وذلك ردا على اشتراط الحزب الديمقراطي تشكيل حكومة مكونة بالكامل من وزراء جدد.

ولينأى بنفسه عن المطالب الشخصية لزعيم خمس نجوم وتغليب المصلحة العامة على حد قوله ، أكد رئيس الوزراء المكلف بأنه ” لا ينتمي للحركة … وأن تركيزه ينصب على السياسات لا على المناصب “، مشيرا إلى أنه بعد استكمال صياغة البرنامج الحكومي سيدعو القوى السياسية التي تدعم الحكومة ” إلى الجلوس على الطاولة وتقديم اقتراحاتها، حتى نتمكن من تشكيل أفضل فريق حكومي يضم وزراء ووزيرات ” تكون لهم القدرة على تنفيذ برنامج الحكومة الجديدة.

ويعتبر محللون سياسيون هذا البرنامج “فضفافا في جانبه الاقتصادي ” كما أنه يتحدث فقط عن الأهداف دون تحديد الموارد المالية اللازمة ” لتنزيلها على أرض الواقع ” والمتمثلة أساسا في خفض الضرائب على الإيطاليين الذين يتقاضون رواتب متوسطة ودنيا من أجل ” تحفيز الاستهلاك ” إلى جانب وضع خطة للتوظيف وتشجيع الاقتصاد الرقمي،مع تدارس إمكانية ” جعل تعليم الأطفال المنحدرين من الأسر الفقيرة مجانيا من الحضانة إلى الجامعة . و ترى صحيفة (كوريري ديلا سيرا) في مقال تحليلي نشرته أمس الأحد أنه ينبغي للائتلاف الحكومي الناشئ ” قول الحقيقة للإيطاليين ، وليس إغراقهم بالوعود”. .. متسائلة ” أين سيجد الائتلاف الحكومي 23 مليار أورو لتنفيذ إصلاحات ضريبية في بلد معرض لخطر تفاقم الأزمة الاقتصادية والانزلاق لانكماش اقتصادي تدفع ثمنه الطبقات المتوسطة والضعيفة ؟ “.

و بحسب خبراء اقتصاديين فإن تقديم مشروع الميزانية العامة للدولة في أكتوبر القادم سيكشف عن حقيقة الوضع الاقتصادي غير الإيجابي في ظل توقف نمو الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى الصفر وضعف الأداء الاقتصادي ، وهو ما يستلزم اتخاذ تدابير قاسية قد تعري الوعود .

غير أن كونتي يريد تحويل فترة الأزمة الاقتصادية الحالية إلى “فرصة لنهوض إيطاليا لتستعيد البلاد المكانة التي تستحق ولتضطلع بدور ريادي في أوروبا “، وهو ما أكده خلال استعراض الخطوط الكبرى لبرنامجه الذي يروم جعل ايطاليا دولة ” أكثر عدالة وتنافسية وشمولية “.

وقد لقي التوجه الجديد لكونتي ترحيبا من المفوضية الأوروبية التي تمنى رئيسها جان-كلود يونكر النجاح لرئيس الوزراء الإيطالي المكلف في جهوده تشكيل حكومة جديدة غير أن هذا التوجه تتهدده اشتراطات دي مايو في برنامجه الحكومي المتمثلة في عدم إدخال تعديلات على ” المراسيم الأمنية ” التي أصدرها وزير الداخلية ماتيو سالفيني زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف.

وقال زعيم خمس نجوم في هذا الإطار ” إن الهجرة هي مشكلة جدية وملموسة ولا بد من مواجهتها بكفاءة في إطار احترام الحساسيات التي يعبر عنها الرأي العام”، وهو يدرك يدرك أن القسم الأكبر من مناصري حركته يدعمون سياسة التشدد التي اعتمدها سالفيني إزاء المهاجرين خلال التحالف بين حزبيهما الذي دام 14 شهرا .

لكن يوم الحسم في التوجهات السياسية المقبلة ، سيكون غدا الثلاثاء، لأنه بعد ثلاثة أسابيع من تضارب الأراء، و الإشاعات و التوترات سيتعين على أنصار الحركة اختيار ما إذا كانوا سيستمرون في المسار الذي يؤدي إلى تشكيل تحالف حكومي مع الحزب الديموقراطي أم لا عبر عملية تصويت الكترونية على منصة “روسو”.

الأكيد أن الخلافات بين الفرقاء السياسيين تظل سيدة الموقف في مساعي تشكيل حكومة جديدة بإيطاليا ، لكن سيتم خلال الساعات القادمة تقرير المصير السياسي للبلاد بعد أن شدد كونتي على الحاجة إلى إنهاء المفاوضات غدا الثلاثاء أو بعد غد الأربعاء كأقصى موعد وتقديم تشكيلة الحكومة وبرنامجها للرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا من أجل طي صفحة أزمة استثنائية فرضت الرهانات الاقتصادية والسياسية مسار دفتها بعيدا عن زعيم الرابطة الذي قد يجبر على الانزواء في ركن المعارضة لسنوات .

و.م.ع

التعليقات مغلقة.