في أهمية البرلمان – حدث كم

في أهمية البرلمان

+ أحمد مفيد: يعتبر البرلمان من بين أهم المؤسسات الدستورية في مختلف البلدان الديمقراطية وكذلك في البلدان السائرة في طريق الديمقراطية، حيث يشكل السلطة التشريعية التي تتولى تمثيل الأمة، حيث يتم انتخابها من قبل الشعب (الناخبون والناخبات)، وتقوم بممارسة العديد من الوظائف والأدوار في مجالات التشريع والرقابة على العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية.

فالبرلمان هو المشرع الذي يتولى وضع القوانين في إطار دولة معينة، كما يتولى الرقابة على العمل الحكومي. ويطلق عليه تعبير السلطة التشريعية le pouvoir législative . ويتم انتخاب البرلمان من قبل الشعب. وقد يتكون البرلمان من مجلس و احد، كما قيد يتكون من مجلسين bicamérisme، وفي هذه الحالة الأخيرة غالبا ما توجد غرفة – مجلس- سفلى تنتخب عن طريق الاقتراع العام غير المباشر (حالة مجلس المستشارين بالمغرب)، وغرفة عليا تنتخب عن طريق الاقتراع العام المباشر (حالة مجلس النواب بالمغرب).

ويعد تواجد البرلمان، وانتخابه بطريقة شفافة ونزيهة، أحد الشروط الأساسية لوجود الديمقراطية و لإرساء دعائم دولة القانون. فالبرلمان هو الممثل الأسمى للأمم، وهو المعبر عن إرادتها. وهو المكلف بوضع السياسات العمومية والموافقة عليها، والتي تهم سائر المجالات السياسية و الاقتصادية و الضريبية و الاجتماعية و الثقافية والبيئية وكذلك الشؤون الدولية… كما أنه هو المختص بمراقبة عمل الحكومة، ومراعاة مدى احترامها للبرنامج الحكومي الذي تقدمت به أمامه، ومدى قيامها بتنفيذ وتفعيل السياسات العمومية الواردة في صيغة قوانين، والتي من شأنها الاستجابة لتطلعات الشعب و تحسين أوضاعه المادية و المعنوية.

ويملك البرلمان سلطات حقيقية لمراقبة الحكومة و التأثير في عملها، حيث يمكنه أن يقيلها ( اختصاص خاص بمجلس النواب)، وأن يشكل لجان لتقصي الحقائق في أمور معينة، كما يملك الحق في توجيه الأسئلة لرئيس الحكومة والوزراء…

ويعتبر وجود البرلمان في دولة ما من بين أهم الشروط الأساسية لبناء الديمقراطية، وهو من بين أهم ركائز دولة القانون التي تقوم على أساس عدة عناصر منها ما يتعلق بمبدأ الفصل بين السلط والذي يقضي بضرورة توزيع السلطة في الدولة على هيئات مختلفة، بحيث تتولى السلط التشريعية وضع و سن القوانين والرقابة على العمل الحكومي، فيما تتولى السلطة التنفيذية مهمة تنفيذ القوانين التي تضعها السلطة التشريعية، وتسند للسلطة القضائية وظيفة الفصل في المنازعات المعروضة على أنظار المحاكم، اعتمادا على القوانين التي يتولى البرلمان وضعها.

ولكن على الرغم من ضرورة توزيع السلطة على جهات مختلفة في الدولة، فذلك لا يعني عدم إمكانية التعاون بين مختلف السلط، وخصوصا السلطتين التشريعية و التنفيذية، أما السلطة القضائية فيجب أن تكون مستقلة عن كلتا السلطتين التشريعية و التنفيذية ، وذلك تحقيقا لمبدأ العدالة.

وبالنسبة للمغرب، فقد تم النص على إحداث البرلمان المغربي لأول مرة بمقتضى دستور 1962 والذي يعتبر أول دستور في تاريخ المملكة المغربية. وقد عرفت تركيبة وأدوار البرلمان المغربي، عدة تغيرات، وهذا ما يمكن تأكيده من خلال مختلف المراجعات التي عرفتها الوثيقة الدستورية للمغرب.

و طبقا لدستور 2011، تنص الفقرة الأولى من الفصل 60 على أن ” يتكون البرلمان من مجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين؛ ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة، وحقهم في التصويت حق شخصي لا يمكن تفويضه”. وتنص الفقرة الثانية من نفس الفصل على أن” المعارضة مكون أساسي في المجلسين، وتشارك في وظيفتي التشريع والمراقبة، طبقا لما هو منصوص عليه خاصة في هذا الباب.”.

ومن بين أهم محاور الإصلاح الدستوري لسنة 2011، ما يتعلق بالسلطة التشريعية، حيث انتقلت المجالات التي يشرع فيها البرلمان من 30 مجالا إلى ما يفوق 60 مجالا. كما توسعت صلاحيات البرلمان وبالخصوص مجلس النواب في مجال الرقابة على العمل الحكومي، وتم تبسيط المساطر و الإجراءات المتعلقة بالمراقبة البرلمانية للحكومة. كما تمت عقلنة الثنائية البرلمانية وذلك بتعزيز صلاحيات مجلس النواب مقارنة بصلاحيات مجلس المستشارين.

وبالنظر لأهمية البرلمان في إطار النظام الدستوري المغربي، فإن المشاركة في انتخاب أعضائه تعتبر جد حاسمة في طبيعة ونوعية التشريعات والسياسات العمومية التي سيعتمدها، ولهذا فمحطة انتخابات 7 أكتوبر المقبل الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس النواب الذي ستنبثق منه الحكومة المقبلة، تعتبر محطة تاريخية ينبغي أن تعرف مشاركة انتخابية مكثفة بهدف تكريس التميز المغربي الذي يقوم على استمرارية الإصلاح من داخل المؤسسات وعن طريق الانتخابات.

 

+ أستاذ باحث بكلية الحقوق

جامعة سيدي محمد بن عبد الله – فاس

 

 

التعليقات مغلقة.