قال الوزير الأول بجمهورية كوت ديفوار، السيد أمامدو غون كوليبالي، اليوم السبت بمراكش، إن إفريقيا تتوفر على أسس “متينة” حتى تصير إحدى دعامات النمو والرفاه العالمي الرئيسية وترفع التحديات التي تواجه القارة، موردا “أنها مسؤوليتنا جميعا، وتقع أولا على عواتق القادة الأفارقة”.
و أفاد السيد كوليبالي في كلمة خلال افتتاح أشغال الدورة 12 من مؤتمر السياسة العالمي (وورلد بوليسي كونفيرانس الذي ينعقد من 12 إلى 14 من الشهر الجاري) بأن معدل النمو بالقارة، المرتفع على المعدل العالمي، كان في حدود 3.5 بالمئة سنة 2017 و2018، ليصير 4 بالمئة سنة 2019، ثم 4.1 بالمئة سنة 2020، كما يظل رغم كل ذلك، “غير كاف” أمام تحديين رئيسيين لإفريقيا الراهنة، وهما إحداث فرص ضخمة للشغل، لاسيما في صفوف الشباب الذين يشكلون 70 بالمئة من الساكنة الإفريقية، وتقليص الفقر.
وشدد على “أن الأمر يتعلق بتحديين رئيسيين يتعين كسبهما سويا على اعتبار لحوقاتهما على إشكالية الهجرة وعلى التهديدات الإرهابية بالقارة”. وبشأن إحداث فرص شغل ضخمة لفائدة الشباب، الذي يشكل حاضر ومستقبل القارة، سجل الحاجة إلى “تحويل منهجي لاقتصادياتنا الإفريقية”، مضيفا أن هذا التحويل يشكل راهنا مكونا أساسيا للسياسات المتبعة من قبل مختلف الحكومات، ويوجب تنمية متسارعة للصناعة الإفريقية، التي تبقى قليلة التنافسية بسبب كلفة عوامل الإنتاج المرتفعة وحجم السوق.
وفي هذا الصدد أكد المسؤول الإيفواري أن جل البلدان الإفريقية تتبنى مشاريع كبرى قصد إعادة تأهيل وتنمية البنى التحتية المتصلة بالنقل والطاقة لغاية خلق اقتصادات قوية وتقليص تكاليف العوامل.
وفيما يخص مسألة تمويل البنى التحتية بإفريقيا، أوضح الوزير الأول الإيفواري أنه “يتوجب علينا تمثل إمكانات البنك الدولي رافعة لتعبئة الموارد اللازمة لسد خصاص تمويل البنى التحتية بالقارة”، لافتا إلى أن البلدان الإفريقية تتعبأ منذ سنون لتحسين مناخ الأعمال استمالة وجذبا للاستثمارات الخارجية المباشرة، وحفزا للزخم الذي يسم القطاع الخاص ويظل مقدما للشغل.
كما أبدى ارتياحه لعدد البلدان الإفريقية التي توجد ضمن المئة في تصنيف مناخ الأعمال للبنك الدولي، والذي تضاعف في عقد من الزمن، منتقلا من 5 إلى 9 مابين 2010 و 2019. أما بخصوص تقليص الفقر، فاعتبر مختلف السياسات العمومية المتبعة من قبل مختلف الحكومات مثمرة، على اعتبار انحدار معدل الفقر المدقع بإفريقيا من 57 بالمئة سنة 1990 إلى 35 بالمئة سنة 2015، وذلك حسب البنك الإفريقي للتنمية.
وعلاوة على ذلك، اعتبر السيد كوليبالي أن إفريقيا، بصرف النظر عن جودة السياسات الاقتصادية المتبعة بجل القارة قصد توطيد تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، تواجه تحديا جديدا من شأنه كبح زخمها الاقتصادي، ويتجلى في انبثاق نزعة حمائية وليدة حروب اقتصادية بمستطاعها تخليف إشكالات رئيسية للقارة، من قبيل انخفاض الصادرات الإفريقية نتيجة تعزيز نظم جودة وسلامة منتجات عديدة، وبطء التصنيع الإفريقي نظرا للمنافسة الشديدة للصناعات التحويلية، فضلا عن هوي الاستثمارات الخارجية المباشرة بالقارة على اعتبار الصعوبات التي تنتصب أمام المستثمرين الرئيسيين.
وشدد أمام هذا التحدي الجديد، على “ضرورة تسريع المبادلات التجارية داخل المجموعات الاقتصادية الإقليمية وإرساء أمثل لمنطقة التبادل الحر القارية التي تشكل سوقا لمليار و200 مليون مستهلك، بالإضافة إلى انبثاق طبقة وسطى تمثل زهاء 800 مليون شخص.
وأكد المسوؤل الإيفوراي أن هذا سيمكن من تعزيز المبادلات التجارية البين – إفريقية التي ترتفع الآن إلى 16 بالمئة، مع تقليص وقع الصدمات الداخلية، منتهيا عند إلزامية جنوح القارة نحو اعتماد اتفاقيات تجارية مع شركائها المفضلين.
وبعدما أشار إلى محورية تعددية الأطراف التي تعلي من شأن مقاربة اتخاذ القرار عن طريق التوافق، والتي تمكن الواهن الضعيف، من وجهة نظر اقتصادية، من المشاركة في بلورة نظم ناظمة للتجارة العالمية، سجل السيد كوليبالي أن نظام الأمم المتحدة، كتجل لتعددية الأطراف راهنا، يسهم منذ عقود، في حفز التجارة العالمية، وفي تحديد أهداف ومرامي التنمية المستدامة، والتحوط من الأزمات وفي حلحلة مستدامة للصراعات.
وبخصوص قضية الإرهاب بإفريقيا، لاسيما في غرب القارة، أكد الوزير الأول الإيفواري أن هذه الرقعة من القارة “تواجه ترديا مقلقا في الأمن على اعتبار تعدد الأفعال الإرهابية”، محذرا من مغبة تأثير هذه الآفة بشكل كبير على الآفاق الاقتصادية لبلدان المنطقة.
وفي هذا الصدد ثمن عاليا مبادرة القادة الأفارقة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، الذين صادقوا على تخصيص مليار دولار، 500 مليون منها مولتها بلدان الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا، لغاية ضمان محاربة إقليمية للإرهاب.
كما انتهز السيد كوليبالي المناسبة، لنقل تهانئ رئيس جمهورية كوت ديفوار، السيد الحسن واتارا، القلبية، لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، منوها بعلاقات الصداقة والتعاون المتميزة التي تجمع بين البلدين.
كما اعتبر مؤتمر السياسة العالمي “موعدا رئيسا يمنح الفرصة سنويا لصناع القرار والباحثين ورواد الرأي، لمناقشة تحديات راهن اليوم وغدا”.
وقال إن “التظاهرة التي نلتئم فيها اليوم تمنحنا الفرصة لإعمال معمق للفكر حول التحديات التي تواجه إفريقيا والعالم”.
وافتتحت اليوم السبت بمراكش أشغال النسخة 12 من مؤتمر السياسة العالمي، بمشاركة لفيف من الشخصيات المرموقة من عوالم السياسة والاقتصاد والإعلام، بالإضافة إلى أكاديميين وخبراء وباحثين من كافة أنحاء المعمور.
وتروم التظاهرة المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الإسهام في حفز عالم أكثر انفتاحا ورفاها وإنصافا، مما يوجب جهدا مستمرا لاستيعاب واقع القوى وتفاعلاتها، مع التفكير في أقلمة سلمية لتنظيم العلاقات بين الدول على كافة المستويات، في احترام للثقافة وللمصالح الرئيسية لكل أمة.
كما توفر فضاءا للتفكير والحوار حول تحديات الحكامة الدولية الكبرى، مع العمل على تنمية أواصر مستدامة.
وتتناول أشغال التظاهرة تيمات تتعلق بتحديات التكنولوجيا في المجتمع والسياسة، والقوى السيبرانية، والتهديد السيبراني، والطاقة والبيئة، بالإضافة إلى الآفاق الاقتصادية والسياسية، والتجارة، والاستثمار المباشر والثقة، مع التركيز على مستقبل النظام النقدي العالمي، وسلاح القانون والعولمة.
كما تتناول تيمات أوروبا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وإفريقيا، لاسيما شمالها وغربها، بالإضافة إلى التوجهات السياسية الخارجية الجديدة بشرق آسيا، وتيمات أخرى.
الصورة من الارشيف/ومع/حدث
التعليقات مغلقة.