” جهة الشمال .. التنوع الثقافي رافعة للتنمية “: موضوع ندوة نظمتها سفارة المغرب بباريس – حدث كم

” جهة الشمال .. التنوع الثقافي رافعة للتنمية “: موضوع ندوة نظمتها سفارة المغرب بباريس

أكد مشاركون في ندوة نظمت مساء أمس الجمعة في ( دار المغرب ) بباريس أن جهة الشمال بالمملكة القوية بغناها وتنوعها الثقافي يمكنها بالارتكاز على إمكانياتها ومؤهلاتها أن تحقق إنجازات جد مهمة وأن تتقدم بثبات في مجال تحقيق التنمية المستدامة .

وشدد المتدخلون في ندوة نظمتها سفارة المغرب بباريس حول موضوع ” جهة الشمال .. التنوع الثقافي رافعة للتنمية ” أن المنطقة الشمالية بتاريخها الغني والعريق وبتنوعها العرقي والتراثي المتميز وكذا بفضل الأوراش والمشاريع المهيكلة الكبرى التي تم إنجازها أو التي هي في طور الإنجاز تتوفر على كل الإمكانيات الضرورية لتحقيق طفرة اقتصادية واجتماعية وثقافية كبرى خلال السنوات القليلة القادمة .

وأكد السيد شكيب بنموسى سفير جلالة الملك في فرنسا في افتتاح أشغال هذه الندوة أن هذا الملتقى يندرج في إطار سلسلة من الندوات التي انطلقت منذ سنوات حول موضوع ” التنمية والحكامة ” مضيفا أن هذا النوع من الملتقيات يسمح بتسليط الضوء وتعزيز التبادل بين مختلف الجهات المعنية بقضايا التنمية المستدامة إلى جانب التركيز على مظاهر التقدم والمنجزات التي تحققت بمنطقة الشمال منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس على العرش .

وأبرز في هذا السياق الجهود التي بذلت في إطار سياسة القرب على مستوى هذه الجهة من أجل تهيئة ظروف التنمية لفائدة جميع الشرائح الاجتماعية مشيرا إلى أن الثروة الثقافية والاجتماعية التي تميز منطقة الشمال يمكنها أن تشكل عاملا أساسيا ومحوريا لدعم وتعزيز التنمية المحلية والتماسك الاجتماعي.

وشدد سفير المغرب بباريس خلال هذه الندوة التي حضرها جمهور كبير من المثقفين والفاعلين والخبراء على أهمية وضرورة تثمين الموروث العريق لجهة الشمال الذي يمكنه أن يشكل آلية أساسية للتنمية المستدامة والشاملة ورافعة محورية لإشعاع المملكة والتعريف بما تزخر به من إمكانيات ومؤهلات على الصعيد الدولي .

من جانبه توقف محمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عند ترسيم اللغة الأمازيغية بموجب دستور عام 2011 الذي أولى اهتماما خاصا وكبيرا للغة والثقافة الأمازيغية مشيرا إلى أن الإشكال الرئيسي الذي يواجه اللغة الأمازيغية اليوم هو انتقالها من جيل إلى جيل .

وأوضح أن التحولات الهيكلية التي يعرفها المغرب منذ سنوات خاصة مع الهجرة القروية المكثفة نحو المدن الكبيرة تسببت بشكل كبير في فقدان وحتى ضياع الكثير من مكونات اللغة الأمازيغية خاصة في المناطق الحضرية مؤكدا على أن إعمال وتنفيذ القوانين المتعلقة بالاستعمال الرسمي للغة الأمازيغية من شأنه أن يساعد لا محالة على معالجة هذه الإشكالية .

وحسب محمد بوكوس فإن التحدي الحقيقي يتمثل في العمل على ضمان عدم ضياع هذه اللغة وهذه الثقافة وضمان استمراريتها كوسيلة للتواصل والتعبير وللخلق والإبداع الأدبي والفني مشددا على أهمية إشراك المؤسسات الرسمية والقطاع الخاص في الجهود المبذولة لتحقيق التقدم في عملية الحفاظ على اللغة الأمازيغية وتطويرها .

وقال إن الدستور المغربي يوفر ضمانات كافية لتطوير الأمازيغية في مختلف تعبيراتها المتنوعة مؤكدا على أهمية زيادة الوعي لدى كل من صناع القرار والسكان بأهمية هذا الرهان مشيرا إلى أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية خصص للمنطقة الشمالية غلافا ماليا يقدر ب 31 مليون درهم وجهت لتنمية وتطوير الثقافة الأمازيغية في هذه المنطقة من خلال دعم مشاريع مختلفة في هذا الاتجاه .

ومن جهته أكد محمد المباركي المدير العام لوكالة تنمية أقاليم جهة الشرق على الأهمية التي تحظى بها الثقافة والتراث كآليات ومرتكزات فاعلة وأساسية في تحقيق التنمية مشيرا إلى أنه بالنظر إلى الصعوبات التي تعتري تخصيص اعتمادات مالية للقطاع الثقافي من طرف مختلف المؤسسات والهيئات فإن الدولة تعمل على تشجيع وتحفيز القطاع الخاص على المساهمة في تحقيق التنمية الثقافية بالمملكة .

وتساءل عن أنجع الطرق والتصورات الكفيلة بجعل الثقافة تصبح منتجة للثروة مؤكدا على أن جلالة الملك محمد السادس ما فتئ يشدد على أن التراث الوطني غير المادي هو من ضمن المكونات الأساسية لخلق الثروة والتي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند إعداد ووضع أية سياسة للتنمية .

وبعد أن استعرض المهام والأدوار المنوطة بوكالة تنمية أقاليم جهة الشرق كقوة اقتراحية خاصة في مجال إنعاش والتعريف بالتراث الثقافي سلط الضوء على الأوراش والمشاريع المهيكلة الكبرى التي تم إنجازها بجهة الشمال لاسيما المركب المينائي ( طنجة المتوسط ) الذي يعد واحدا من بين أهم موانئ البحر الأبيض المتوسط والعالم وكذا المركب المينائي بالناظور الذي يجري تنفيذه حاليا مشيرا إلى أن تموقع منطقة الشمال وما تتوفر عليه من إمكانيات وتجهيزات بمعايير دولية يمكنه أن يساهم في استقطاب العديد من الاستثمارات وبالتالي خلق الثروة .

وبدوره قدم الكاتب رشيد تافرسيتي عرضا عن التراث في المنطقة الشمالية للمغرب وتطوره بين الماضي والحاضر خاصة مدينة طنجة التي تشكل فضاء للتلاقي وللتعايش ورمزا كونيا للتلاقح الثقافي والحضاري المتعدد والمتنوع .

وبسط الكاتب رشيد تافريستي صاحب العديد من المؤلفات حول مدينة البوغاز شهادة مؤثرة على التحولات العميقة التي طبعت مدينة طنجة ومعيشها اليومي معززة بصور وأشرطة فيديو سافر من خلالها بالحضور المشارك في هذه الندوة في رحلة عبر الزمن لاستكشاف معالم ومآثر هذه المدينة العريقة والتحولات التي عاشتها منذ القدم إلى عهد جلالة الملك محمد السادس .

أما نائلة التازي رئيسة فيدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية بالاتحاد العام لمقاولات المغرب فتحدثت عن أوجه إسهامات الثقافة في تنمية جهة الشمال مقدمة في هذا الصدد نموذجا من مدينة الصويرة التي قالت إن مهرجان كناوة الذي تحتضنه هذه الحاضرة والذي أضحى تقليدا سنويا نجح في إعطاء إشعاع غير عادي ومتميز لهذه المدينة في جميع أنحاء العالم وذلك على الرغم من الصعوبات التي رافقت انطلاق الدورات الأولى لهذا الحدث العالمي قبل 23 سنة .

وأكدت أن المدينة تحولت منذ ذلك الحين إلى واحدة من أفضل الوجهات السياحية في المغرب مع كل الزخم الاقتصادي الذي صاحب هذه التحولات مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بعمل طويل الأمد يحتاج إلى دعم مستمر من كل من الدولة ومن القطاع الخاص .

ومن أجل جعل الثقافة وسيلة وآلية حقيقية لتحقيق التنمية دعت المتدخلة إلى تكريس التعاون والتنسيق بين مختلف الإدارات والمؤسسات المعنية من أجل وضع وتقديم عرض ثقافي ذي جودة عالية تكون له القدرة على خلق الثروة والمساهمة في إشعاع المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي .

وتميزت هذه الندوة التي حضرها العديد من الباحثين والمثقفين والخبراء ورجال الفكر والثقافة إلى جانب المسؤولين والفاعلين الاقتصاديين بتنظيم عرض موسيقي بمساهمة الفنانين عائشة رضوان ومحمد الريصاني وعبد الرحيم عبد المومني .

الصورة من الارشيف

التعليقات مغلقة.