نظم النادي الجراري، بشراكة مع المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، اليوم الجمعة بالرباط، لقاء ثقافيا لتقديم قراءة في كتاب تحت عنوان “ثلاثون يوما في الولايات المتحدة الأمريكية”، لمؤلفه الأستاذ عباس الجراري، بحضور ثلة من الباحثين والأساتذة الجامعيين.
ويؤرخ هذا الكتاب، لرحلة الجراري الأولى إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1981 التي قام بها في إطار المشروع الثنائي الثقافي “أولبرايت”، بين الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب، حيث يسلط الضوء على جملة من القضايا والظواهر الثقافية والاجتماعية السائدة في المجتمع الأمريكي آنذاك.
وكانت هذه الرحلة فرصة استكشف فيها الكاتب الواقع الأمريكي من خلال اللقاءات والزيارات والاتصالات والمشاهدات التي سعى لنقلها وتدوينها متفاعلا مع الواقع المرئي والمروري، وواقع الذات الثقافية الحاضرة في كل لقاء ومشهد وحوار على امتداد محطات زمن الرحلة.
وقد تم تطعيم هذه المحطات بملاحق توثق لذاكرة السفر وتعضد يوميات الكتابة بأيامها الثلاثين التي تحيط بتفاصيل ذات الكاتب المسافرة ثقافيا وحضاريا ووجدانيا، مغربيا وأمريكيا، حيث زار مجموعة من المؤسسات والمعاهد الجامعية والتوثيقية في مدن أمريكية مختلفة بلغت 14 جامعة ومعهدا، إضافة إلى مجموعة من المكتبات العامة والخاصة على غرار مكتبة الكونغرس الرائدة. وفي قراءته لهذا المؤلف، أشار الأستاذ الجامعي، مصطفى الجوهري، إلى أن هذا الكتاب عبارة عن “شبكة من التواصل الثقافي والتربوي والاجتماعي، تعرفنا عن المكونات الأساسية في المجتمع الأمريكي، خاصة على مستوى البحث العلمي والتربية والتعليم”، مضيفا أنه ركز في تقديمه للكتاب “على هرم يتكون من الجامعة والمتاحف والمكتبات التي أثارت اهتمام الأستاذ الجراري أثناء رحلته”. وأضاف السيد الجوهري، أن الكتاب في مجمله يعتبر نصا إبداعيا جديدا في كتابات الأستاذ عباس الجراري، مشيرا إلى أن عميد الأدب المغربي، معروف عنه أنه كتب في مختلف أصناف المعرفة؛ كالمقالة والبحث الجامعي والدراسات الإسلامية والفكر الإسلامي والاعلام وغيرها من الكتابات، إلا أنه يكتب أيضا في الشعر والنثر.
ودعا الأستاذ الجوهري إلى التأمل في ثنايا هذا النص الرحلي، باعتباره يطرح جملة من القضايا والظواهر في المجتمع الأمريكي التي يمكن الاستفادة منها، لأن “هذا النص لو خرج إلى الوجود يومئذ، لتغيرت الكثير من المعالم الثقافية في بحثنا العلمي بالمغرب”. من جانبه، أكد الأستاذ الجامعي محمد احميدة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “المؤلف يقدم في هذا الكتاب نمطا آخر من كتاباته، وهي الكتابة الرحلية التي تنضاف إلى اهتمامه بقضايا الفكر الإسلامي عامة والمغربي خاصة”، معتبرا أن “عمق هذه الكتابة تكمن في نظرة المثقف المغربي للآخر”. ووصف الأستاذ احميدة الكتاب بأنه عبارة عن “محكي شخصي لمثقف مغربي انفتح على الآخر، ورسم من خلال رحلته صورة لهذا العالم متعدد الأعراق والثقافات من زوايا مختلفة، حيث كان ناظرا ومنظورا إليه”، مبرزا أن “صاحب النص فضل إبقاء الحكي كما أنشأه أول مرة، خاصة أن التدوين كان لحظيا، ينقل الوقائع بدفئها الآني، مما يمنح النص صدقيته”.
بدوره، أكد الأستاذ محمد اليملاحي أن “الهدف الأساسي من الرحلة ثقافي محض، هدفه المساهمة في تطوير الجامعة المغربية وكذا معرفة حجم حضور الثقافة العربية والمغربية خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية”، معتبرا أن “الرحلة تندرج ضمن رحلات علاقة الأنا الثقافية تجاه الآخر”.
وأبرز السيد اليملاحي أن “نص الكتاب ينطوي على خطابين، أحدهما ظاهر بارز وآخر مضمر ينبثق من الخطاب الأول ويترك استخلاصه للقارئ”، مؤكدا أن هذا الخطاب “يكشف عن التفاوت الكبير بين المرجعية الحضارية للمؤلف والمرجعية الحضارية للعالم الجديد”.
وللأستاذ الجراري، المزداد بمدينة الرباط سنة 1937، مؤلفات وبحوث عديدة تتناول التراث العربي والفكر الإسلامي وقضايا ثقافية مختلفة، منها على الخصوص “الحرية والأدب”، و”الثقافة في معركة التغيير”، و”موشحات مغربية”، و”ثقافة الصحراء”.
حدث/ومع
التعليقات مغلقة.