العلاقات البحرينية المغربية عام 2016: تعاون متنامي وتضامن متجدد | حدث كم

العلاقات البحرينية المغربية عام 2016: تعاون متنامي وتضامن متجدد

15/12/2016

شهدت العلاقات البحرينية المغربية زخما قويا خلال سنة 2016 بفضل زيارة الأخوة والعمل التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لمملكة البحرين في أبريل الماضي، ضمن جولة خليجية، عززت أكثر الروابط المتينة القائمة بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي.
ففضلا عن المباحثات التي أجراها صاحب الجلالة الملك محمد السادس مع عاهل البحرين صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ترأس قائدا البلدين خلال هذه الزيارة حفل التوقيع على ثلاث اتفاقيات تعاون في مجالات تجنب الازدواج الضريبي، والأوقاف والشؤون الإسلامية، والقضاء.
وتعلق الأمر ببروتوكول تعديل اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من الضرائب بالنسبة للضرائب على الدخل، الموقعة بين المغرب والبحرين في 7 أبريل 2000، وبرنامج تنفيذي لاتفاق التعاون في مجال الأوقاف والشؤون الإسلامية (2016 – 2018)، وبروتكول تعاون بين المعهد العالي للقضاء بالمملكة المغربية ومعهد الدراسات القضائية والقانونية بمملكة البحرين.
وفي شتنبر الماضي، تم التوقيع بالمنامة على البرنامج التنفيذي لمذكرة تفاهم في مجال الصناعة التقليدية (2016 – 2018)، وذلك على هامش الأسبوع المغربي البحريني للصناعة التقليدية، الذي شارك فيه العديد من الحرفيين المغاربة من مختلف التخصصات، والذي لقي إقبالا كبيرا من لدن الجالية المغربية بمملكة البحرين والجمهور البحريني والخليجي.
وعلى مدى عقود، ظلت العلاقات بين المملكتين والقائمة على الاحترام والتقدير المتبادل والتضامن الكامل إزاء القضايا الوطنية، نموذجا يحتذى للتعاون البين – عربي يستند إلى رؤية حصيفة لبناء شراكة متكاملة ومطبوعة بالحيوية والابتكار في آلياتها وأهدافها النوعية، وتغذيها إرادة متبادلة في تقاسم الخبرات والاستفادة من الموقع الاستثماري المميز لكل بلد، وتشجيع المبادلات.
وعززت الاتفاقيات الجديدة رصيد التعاون الثنائي الذي عرف تطورا نوعيا، خلال السنوات الأخيرة. ففضلا عن الاتفاقيات المبرمة منذ سنة 1986 وإلى غاية 2007، والبالغ عددها 40 اتفاقية، تعزز الإطار القانوني منذ سنة 2012 بإبرام 10 اتفاقيات ذات أهمية نوعية واضحة شملت المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والحكامة الإدارية والحقوقية .
وعلى الصعيد السياسي، ترسخت العلاقات الوطيدة بين البلدين والقائمة على التآخي والتضامن والتآزر، دفاعا عن سيادتهما ووحدتهما الوطنية، وعن القضايا العربية والإسلامية والدولية العادلة، على أساس تطابق وجهات نظر المملكتين، وتماسك مواقفهما السياسية الثابتة حيال شتى الملفات، وانطلاقا من وشائج الأخوة والصدق ووحدة المصير والمصالح الحيوية المشتركة.
وشهد عام 2016 محطات أخرى كرست مجددا هذا المبدأ التضامني، حيث أكدت مملكة البحرين، على لسان وزير خارجيتها، الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، في شهر مارس الماضي، دعمها ومساندتها للموقف المغربي الرافض لتصريحات بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة المنتهية ولايته، حول الصحراء المغربية.
فقد شدد رئيس الدبلوماسية البحرينية، خلال استقباله سفير صاحب الجلالة لدى مملكة البحرين، أحمد رشيد خطابي، على أن هذه التصريحات غير مقبولة وليس لها أي سند قانوني، مجددا موقف بلاده المبدئي والمتضامن مع المغرب، والداعم لمبادرته الخاصة بالحكم الذاتي في الصحراء المغربية في إطار السيادة المغربية ووحدة التراب المغربي، ووفقا للشرعية الدولية.
ومن المنامة، أيضا، أعرب وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، خلال اجتماعهم يوم سابع أبريل الماضي، مع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، تحضيرا للقمة الخليجية الأمريكية بالرياض، عن دعمهم للمغرب بخصوص قضية الصحراء، وللمقترح المغربي للحكم الذاتي، داعين إلى عدم اتخاذ أية إجراءات قد تضعف من ذلك.
وقال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في مؤتمر صحفي مشترك مع جون كيري عقب الاجتماع، إن وزراء خارجية دول المجلس “أعربوا عن دعمهم للمغرب الشقيق في ما يتعلق بقضية الصحراء، وأهمية الاستمرار في الاقتراح المغربي في ما يخص الحكم الذاتي، وعدم اتخاذ أية إجراءات قد تضعف من ذلك، إلى جانب التأييد الأمريكي لهذا الشأن من قبل وزير الخارجية الأمريكي”.

وخلق فرص عمل تخصصية للبحرينيين، إضافة إلى تعزيز مستويات المعيشة، في أفق جعل المملكة تحتل المركز الأكثر جاذبية للاستثمارات والأعمال في الشرق الأوسط.
وحسب أحدث الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للمعلومات، فإن إجمالي عدد سكان البحرين يناهز 1.3 مليون نسمة، يشكل البحرينيون منهم نسبة 47 في المئة.
وعلى الصعيد الأمني، شهدت المملكة خلال سنة 2016 تقلصا محلوظا في أعمال العنف، حيث أكد وزير الداخلية، الفريق الركن الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة، مؤخرا، أن انحسار الجريمة لا يعود فقط إلى استعداد وجاهزية الشرطة وإنما أيضا للتعاون الأمني مع باقي الأجهزة، وخصوصا الأمن الوطني، فضلا عن البرامج الحكومية في هذا المجال وخاصة تلك الموجهة للشباب من خلال التعليم والإعلام.
وقال الوزير، خلال مداخلة أمنية في منتدى (حوار المنامة)، “تركنا وراءنا فترة صعبة استفدنا منها في حفظ أمن البحرين ومستقبلها، ومع الوقت أدرك العديد من الشباب حقيقة الأمر حيث لم تكن الأمور واضحة لديهم في السابق ومن ثم أصبح هناك عزوف عن العنف إلا من فئة محدودة” .
وأبدت السلطات الأمنية يقظة وحنكة في تعقب وضبط الخلايا الإرهابية المرتبطة بجهات خارجية، فيما شهد التعاون الأمني على الصعيد الخليجي قفزة نوعية تجلت بالخصوص في استضافة مملكة البحرين، مؤخرا، لتمرين (أمن الخليج العربي 1) الذي شاركت فيه قوات أمنية من دول الخليج العربي الست.
وعلى الصعيد ذاته، أصدر القضاء البحريني في يوليوز الماضي، قرارا بحل وتصفية أموال (جمعية الوفاق الوطني الإسلامية)، التي تتهمها السلطات بتوفير “بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف والعنف” في البلاد.
وقبل ذلك، وافق المجلس الوطني بغرفتيه، على فصل المنبر الديني عن العمل السياسي بإقرار مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون الصادر سنة 2005 بشأن الجمعيات السياسية.
ويؤطر مشروع القانون المعدل إجراءات تكوين أجهزة الجمعية واختيار قياداتها على ألا يكونوا من معتلي المنبر الديني أو المشتغلين بالوعظ والإرشاد والخطابة ولو بدون أجر، ومباشرتها لنشاطها وتنظيم علاقاتها بأعضائها على أساس ديمقراطي، وتحديد الاختصاصات السياسية والمالية والإدارية لأي من الأجهزة والقيادات، مع كفالة أوسع مدى للمناقشة الديمقراطية داخل هذه الأجهزة.
وأزالت هذه الخطوة، برأي المراقبين، خلطا طالما طبع العلاقة بين الحقلين الديني والسياسي، بعد أن برزت مخاطر تدخل الأول في الثاني وتوجيهه له وفق أجندات خاصة تؤكد السلطة أنها مدبرة من الخارج للنيل من استقرار البلاد وسلمها الأهلي.
وفي غضون ذلك، تواصل زخم المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث احتضنت مؤخرا القمة الخليجية السابعة والثلاثين، التي حثت على مواصلة الجهود للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتكليف المجلس الوزاري ورئيس الهيئة المتخصصة باستكمال اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، ورفع ما يتم التوصل إليه إلى المجلس الأعلى في دورته القادمة.
وثمنت القمة الإنجازات التي تمت في نطاق تحقيق التكامل الدفاعي بين دول مجلس التعاون الخليجي بهدف بناء شراكة إستراتيجية قوية، وإقامة منظومة دفاعية فاعلة لمواجهة مختلف التحديات والتهديدات، والخطوات التي تحققت لإنشاء القيادة العسكرية الموحدة، داعية إلى تكثيف الجهود وتسريعها لتحقيق التكامل الدفاعي المنشود بين دول المجلس في مختلف المجالات.
وبالمناسبة، عقد قادة مجلس التعاون الخليجي اجتماعا مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، تم خلاله بحث آخر المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، والإعلان عن الشراكة الإستراتيجية بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة.
وعلى غرار السنوات الماضية، احتضنت مملكة البحرين العديد من التظاهرات والمؤتمرات الدولية في شتى الميادين الرياضية والاقتصادية والثقافية والسياسية، كان آخرها منتدى (حوار المنامة) الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، والذي ناقش في دورته ال12 مواضيع تتعلق بالسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، والقوى الإقليمية واستقرار الشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وما وراءه، والتوسع في الشراكات الأمنية الشرق أوسطية، وذلك بمشاركة شخصيات عربية ودولية مرموقة.

حدث كم/و.م.ع
الصورة من الارشيف

 

التعليقات مغلقة.