تهافت أولياء الأمور على التعليم الحضوري أنانية متوحشة وجلد للذات! – حدث كم

تهافت أولياء الأمور على التعليم الحضوري أنانية متوحشة وجلد للذات!

+د.رضوان غنيمي : هل كان من الضروري أن يستحرّ فينا الوباء ويعصف بأرواح الناس لندرك أن خيار التعليم عن بعد في المرحلة الراهنة هو الخيار؟ هل كان من الضروري أن يرتفع مؤشر الحالة الوبائية إلى الخط الأحمر لنعلم كم نحن جاهلون أيها الآباء أيها الأولياء، أما كان لكم في غيركم عبرة؟ أحقيقة لم تستطيعوا أن تتبيّنوا حقيقة الوضع وقد آل أمر القرار لكم؟ أما كان لكم في تبعات عيد الأضحى والاصطياف على شواطئ البحر عبرة حتى ملتم كالسيل ميلة واحدة على المؤسسات طلبا لاختيار التعليم الحضوري؟ هل هو التمرد على الواقع أم هو الانتقام من الذات أو مغالطتها؟ أم أنها الأنانية المتوحشة التي استبدت ببعضنا فاعتمد قاعدة “إذا مت عطشانا فلا نزل القطر” أم أن حقيقة الأبوة والأمومة والخوف على فلذات أكبادكم صهرته معاناة تدبير الأزمات في بيوتكم، ففضلتم التضحية بالذرية يختبئ بعضكم خلف بعض؟ اعلموا يا من سارعتم إلى اختيارالتعليم الحضوري في وقت أوكل إليكم أمر أنفسكم ووضعت بين أيديكم مصائر أبنائكم أنكم قتلة تسوقون أبناءكم وأنفسكم إلى الموت وأنتم تنظرون، اعلموا أن مقاربتكم للمسألة كانت براغماتية بئيسة ظهر عوارها -والحمد لله- قبل فوات الأوان.

إن الحديث عن الدراسة عن بعد اليوم في ظل تنامي خطر الإصابة بوباء كورونا  أصبح خيارا استراتيجيا، بل ضرورة شرعية لا محيد عنها، والأمر هنا كما ينبغي أن يفهم أننا لسنا في معرض المقارنة بين الحضوري وعن بعد، ولسنا بصدد الدعوة إلى حياة التعليم عن بعد وموت النمط التقليدي كما قد يفهم البعض ممن ضاق أفقه، وإنما الحديث عن اختيار الأسلم، دعوتنا إلى اختيار نمط التدريس عن بعد في الحقيقة هو دعوة لاختيار الحياة، ودعوة لصون فلذات الأكباد، ليس الوقت وقت مناقشة مردودية التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، لمَلمْ يفهم الناس أن المقاربة الأنسب هي مقاربة السلامة الصحية لأنها الأولى بالاعتبار الآن، لا أدري لم يصعب على الناس فهم حقيقة الوضع، بل أتعجب كيف يتفهم الناس تعليق العبادات بسبب الوباء بناء على قاعدة المحافظة على الأبدان مقدم على حفظ الأديان و يصعب عليهم في المقابل أن يفهموا أن المحافظة على الأبدان والأرواح أولى وآكد من التعليم، إن قرار إغلاق المؤسسات التعليمية بالدار البيضاء نزل على قلوب الآباء بردا وسلاما لما سيحققه من تكافئ الفرص أمام تلاميذ المدينة بعد أن كان الناس قد افترقوا في اختياراتهم فذهب السواد الأعظم إلى اختيار التعليم الحضوري استخفافا بالحالة الوبائية التي ما تزال تنذر بالأسوأ إذا ما أصر الناس على استهتارهم وعدم مبالاتهم، في وقت لم تتوقف حناجر الناصحين المصلحين مبيّنة، ومخوّفة، مذكّرة بالوباء وسرعة انتشاره وقوة فتكه، لكن للأسف جُبل الناس على حب الصالحين لا المصلحين، إن احتواء الوضع لازال بين أيدينا إذا تحلى الناس بمستوى من الوعي والمسؤولية، وإلا فالمقاربة الأمنية للأسف لن تنفع وحدها، أيها الناس اعلموا أن ضياع تعلم ساعة أو حتى سنة أخف من فقدان الآباء ويُتم الأبناء، إن حضور فقه الأولويات وحده كفيل بأن يجعل الواحد منا يقول بأريحية: حفظ الأنفس أولى من تعلم ساعة ولا غضاضة عندي أن أقول للتعليم الذي يهدد المهج: ” إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم”

+  أستاذ بجامعة ابن زهر

التعليقات مغلقة.