“في خضم الجائحة”.. أوروبا تبتكر بدائل لإنعاش الثقافة – حدث كم

“في خضم الجائحة”.. أوروبا تبتكر بدائل لإنعاش الثقافة

إبراهيم الجملي:  لم يكن الفاعلون في الحقل الثقافي بأوروبا والعالم بأسره يدركون أن عجلة قطاعهم ستتوقف بشكل شبه كامل، عندما بدأت رياح جائحة كورونا تهب في شهر مارس الماضي من كل جانب، لتعصف في لمح البصر بكل ما قاموا ببرمجته من فعاليات وأنشطة ثقافية.

ومع توالي موجة الإلغاءات التي أتت على الحفلات الموسيقية، والمهرجانات الفنية، والمسارح، والمعارض، ودور السينما، بدأ المشهد الثقافي في جميع البلدان الأوروبية يعيش مرحلة من الفراغ التام. وهنا أضحى لزاما الشروع في مرحلة البحث عن الحلول والبدائل.

الجائحة تخلق أنماط عرض جديدة  

هكذا، ولدت من رحم الأزمة أشكال جديدة للعروض الفنية، هاجسها الأول هو الامتثال لتدابير السلامة الصحية والحفاظ على التباعد الاجتماعي.

ففي ألمانيا مثلا، ازدهرت الحفلات الموسيقية المنظمة على نمط «درايف-إن»، والتي ليس عليك عند حضورها سوى البقاء خلف مقود سيارتك لمشاهدة العرض والتفاعل معه، من خلال إطلاق العنان لمنبهات السيارات والإشارة بالأضواء الأمامية.

 البدائل الرقمية في الواجهة  

«اللايف ستريم» هو نمط بديل آخر ازدهر بشكل كبير خلال زمن الجائحة في جل الدول الأوروبية، والذي يقوم على نقل حفلات وعروض موسيقية حية على «الإنستغرام»، تمكن الموسيقيين من البقاء في تواصل دائم مع جمهورهم ومحبيهم وتمكينهم من الاطلاع على جديد أعمالهم الفنية.

وفي مجال العرض السينمائي، كان على متعهدي القطاع البحث عن صيغ جديدة لمواصلة نشاطهم، ولو بعائدات أقل، لعل أهمها «سينما الهواء الطلق» التي انتصبت شاشاتها العملاقة في عدد من الحواضر الأوروبية، لعرض أفلام سينمائية أمام مشاهدين يظلون جالسين داخل سياراتهم طوال مدة الشريط.

أما المسارح ودور الأوبرا التي تعد أيقونات ثقافية بعدد من العواصم الأوروبية، فلم تسلم هي الأخرى من التداعيات القاسية للوباء. فبعد أن ظلت أبوابها موصدة لعدة شهور، اضطر القائمون عليها للبحث عن حلول بديلة حتى يتمكنوا من استقبال جمهور «أب الفنون» مرة أخرى.

ولهذه الغاية، قامت بعض المسارح الأوروبية باعتماد ترتيب جديد يتيح احترام مسافة التباعد الاجتماعي المحددة في متر ونصف، لاسيما من خلال تخفيض عدد المقاعد وحذف الصف الأمامي الذي يكون عادة قريبا من الخشبة، مع تقليص عدد مشاهد العروض وملاءمتها مع قواعد السلامة الصحية.

مجال الفن التشكيلي في أوروبا كان هو الآخر ضحية للوباء، لكنه أدرك كيف يتعامل معه بشكل إيجابي من خلال ابتكار نمط «المعارض الافتراضية» التي ازدهرت بشكل غير مسبوق خلال زمن كورونا، والتي يجمع الكثير من المهتمين على أنها ستصبح تقليدا دائما حتى بعد انقشاع غيوم الجائحة.

وعلى نفس المنوال، وجدت المزادات الأوروبية للتحف الفنية نفسها مضطرة للتكيف مع الوضع القائم، على غرار دار «سوثبيز» الشهيرة للمزادات العالمية، التي أحدثت سوقا افتراضية للأعمال الفنية مكنتها من الحفاظ على نشاطها، وحتى بلوغ أرقام مبيعات لا تقل عن تلك التي كانت تحققها في الأيام العادية.

  المتلقي في قلب مباهج الثقافة رغم التباعد  

هكذا، يرى الكثير من المهتمين بالشأن الثقافي الأوروبي أن وباء «كوفيد- 19» أدى إلى ظهور أنماط جديدة لعرض المنتوجات الفنية وإيصالها للمتلقي، دون الحاجة إلى الحضور الفعلي للجمهور في صالات العرض، وفضاءات المهرجانات.

ح/م

التعليقات مغلقة.