“المغرب، ثقافة ومجتمع”: ندوة دولية لتعزيز المعرفة حول المغرب لدى الإسبان – حدث كم

“المغرب، ثقافة ومجتمع”: ندوة دولية لتعزيز المعرفة حول المغرب لدى الإسبان

الجزيرة الخضراء: تنطلق غدا الأربعاء، بمدينة جيان بإقليم الأندلس (جنوب إسبانيا) أشغال ندوة دولية في موضوع “المغرب، ثقافة ومجتمع”، تنظمها جامعة جيان ومجموعة البحث حول المجتمعات العربية والإسلامية والمسيحية، بتنسيق مع جامعة الحسن الثاني عين الشق بالدار البيضاء، وذلك بهدف تعزيز المعرفة حول المغرب لدى الإسبان .

وتناقش هذه الندوة، على مدى يومين، عددا من المواضيع الهامة، من بينها، على الخصوص، “الحقوق والمجتمع”، و”الإطار المتوسطي الإسباني-المغربي”، و”المغرب، مجتمع وثقافة متوسطية”، و”من فاس إلى تونس، انتقال مركز القانون المالكي في أواخر القرن الخامس عشر”، و”الأسطورة الأندلسية في اللاوعي الجماعي الإييري الشريف.. تأملات حول التراث الثقافي”، و”المغرب وإسبانيا، إرث مشترك في الطهي”، و”ليلة كناوة، نشوة الألوان”.

وقال الأستاذ مصطفى أمادي، منسق الندوة من الجانب المغربي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه على الرغم من القرب الجغرافي والإرث الثقافي والتاريخي، فإن صورة المغرب لدى بعض الإيبيريين “تختزل في صورة المهاجر والإفريقي الذي يبحث عن فرصته في إسبانيا، في حين أن الحقيقة غير ذلك، فالمغربي والإسباني يلتقيان في مجموعة من القواسم المشتركة، وسط أجواء إنسانية وحضارية عرفناها في الماضي ونفتقدها نسبيا في الحاضر”.

وأردف أن هذا الإشكال غير مطروح بالنسبة للأساتذة الباحثين، “فمنذ وصول العرب إلى إسبانيا عام 711 م، وإلى غاية خروجهم منها سنة 1462 م، وحتى بعد خروجهم، بقيت الثقافة المتوسطية بمثابة ركن حضاري يعبر عن القيم والأفكار والعادات والتقاليد والأذواق واللغة والمشاعر التي تختص بها منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط”.

وذكر بأن “الماضي الذي عشناه، هو ماضي الثقافات الثلاث، الإسلام والمسيحية والعبرية، هذا الماضي المشترك تحقق مرة واحدة في التاريخ فوق أرض الأندلس على يد الحضور العربي في إسبانيا، وما الآثار الشامخة الموجودة اليوم، مثل قصر الحمراء ومسجد قرطبة الكبير ومسجد إشبيلية، وغيرها من المعالم التاريخية الإسلامية الخالدة، إلا شاهدا على هذا الماضي الغني، الذي نسعى من خلال هذا المؤتمر أن يكون بمثابة تاريخ وذاكرة للقارئ الإسباني والقارئ العربي، حتى يطوفان به أرجاء التاريخ ويجعلان من هذه الكنوز المعرفية والمعالم القائمة نبراسا يرسم من جديد مسار العلاقات المغربية الإسبانية”.

وأوضح أن اختيار موضوع “المغرب، ثقافة ومجتمع” نابع من كون الثقافة المتوسطية تعد تراثا فكريا يجمع بين المغاربة والإسبان بشكل خاص، ويراد منه تعزيز وتحسين المعرفة حول المغرب “لأن الثقافة هي المسار الموصل للقمة، ولا مكان ولا عزة لمجتمعات بدون ثقافة”.

ومن هذا المنطلق، يضيف أمادي، ارتأت ثلة من الباحثين الذين ينتمون لجامعات الحسن الثاني بالدار البيضاء وجيان بالأندلس وكمبلوتنسي بمدريد وسيدي محمد بن عبد الله بفاس، “إحياء العلاقات المغربية الإسبانية في شقها الثقافي، سواء في ما يتعلق بالقانون والدين والتصوف والآداب والموسيقى والطبخ، أو بالبعد المتوسطي في الوعي الإيبيري”، لكون ذلك يمثل، في رأيه، الطريقة المثلى للاستفادة من الإرث الحضاري والثقافي الذي تركه علماء الأندلس.

وأكد أن المغرب وإسبانيا يمثلان دوما، باعتبارهما دولتا جوار، عبر تاريخهما المشترك مجالا للإنتاج والمعرفة والتحاور، وقبلة لعلماء الأندلس والمغرب وغيرهم من العلماء، الذين تركوا في المكتبات والزوايا وفي الجوامع والمنارات، ذخيرة نفيسة من التراث الثقافي.

وقال في هذا الصدد إن “هذا التراث نريده اليوم أن يكون نبراسا وقبلة يعجه العلماء من كل حدب وصوب ويستنيرون بمصابيحه وخصائصه المتوسطية”، مؤكدا أهمية الدور الثقافي في تعزيز العلاقات بين الجيران، “فكل تراجع ملموس وكل جهل بالآخر، هو في حد ذاته تراجع لدور ووظيفة المثقف، دوره في توعية الناس وتثقيفهم وفي محاربة كل السلوكيات المدمرة للقيم وللتراث وللجوار وللنقاش بين الباحثين”.

وبحسب أمادي، الذي سبق له أن ناقش دكتوراه في موضوع “المصطلحات العربية في القواميس الإسبانية”، فإن الثقافة هي التي تعبر عن خصائص المغاربة والإسبان. “إننا نلتقي مع جيراننا في مجموعة من الخاصيات، سواء في ما يتعلق باللغة، حيث تضم القواميس الإسبانية العديد من الكلمات العربية، التي يتم تداولها حتى الآن خاصة في الأندلس، أو بالمذهب المالكي الذي وصل قمته في الأندلس مع المدرسة الأندلسية المالكية، أو بالنسبة للتصوف”.

وأشار أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني عين الشق (الدار البيضاء)، إلى أن الموسيقى الأندلسية مثلا، هي موسيقى تعبرعن الثقافة المتوسطية، وإلى أن الطبخ المغربي والإسباني يلتقيان في مجموعة من الأطباق.

وتجدر الإشارة إلى أن ندوة “المغرب، ثقافة ومجتمع” التي تحتضنها جامعة جيان يومي خامس وسادس نونبر الجاري وينسقها من الجانب الإسباني، فرانسيسكو فيدال كاسترو، أستاذ اللغات والثقافات المتوسطية بهذه الجامعة، يشارك فيها ثلة من الأكاديميين والباحثين المغاربة والإسبان، يمثلون جامعات جيان ومدريد وقرطبة وإشبيلية وألميرية وغرناطة والدار البيضاء وفاس.

إعداد : فاطمة رفوق/و.م.ع

التعليقات مغلقة.