الداه أبو السلام الحجة .. وعاد الى "الصكيكة لغفا الطعام " | حدث كم

الداه أبو السلام الحجة .. وعاد الى “الصكيكة لغفا الطعام “

03/12/2020

بقلم .. محمد حسيكي : الداه أبو السلام : اسم أول، الحجة : اسم ثان، واسم الداه ساد على لسان المغاربة من عهد المرابطين اسما شريفا للمسمى به من تأدية الحجة، وفي اللغة أدى أبو السلام الحجة، ومن الاسم الداه أبو الحجة .  وعهد تنظيم الحجة بالأوراق الثبوتية وجوازات السفر الدولية، أصبح الشخص الذي يؤدي الحجة، ينادى عليه من اسم الحاج .

والحج فريضة دينية في الاسلام، واجبة على من استطاع اليه سبيلا، من المال، والصحة الجسمية والعقلية، والطهارة، وإن حل بالإنسان وباء لا ينبغي حمله اليه .

وعهد الحماية ساد في اللغة من الأسماء، الحاج موسى، الأول اسم ثان، والثاني اسم أول، أما القول من اللغة : موسى الحاج، فإنه يعني : اسم اول متبوع باسم ثان .

وعند الامام الشيخان : ينسب اسم الحج موسي، الى الجمع والافراد، ومن الافراد الحج موسى .

مراحل رحلات الحج :

الحج أيام معدودات أخذ به المسلمون عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، يشد اليه المسلمون الرحال من نشأته الى عصر الفضاء، من ثلاثة مراحل تاريخية :

رحلة فترة القوافل :   

هي حقبة تاريخية من الطرق البرية، عن طريق قوافل الرحلات على ظهور الحيوان، بين الأقطار والمعابر البرية بين القارات، وكانت وقتها رحلة الحج من المغرب الى أرض الحجاز، تستغرق فصلا موسميا من السنة، عبر محطات الوفود ونزل لاستبدال الركب .

بينما كان أهل الاندلس يتوجهون من اوروبا عن طريق حج الروم، نزولا الى المسجد الاقصى، ومنه يشدون الرحال الى أرض الحجاز لأداء فريضة الحج .

رحلة فترة الخطوط البحرية :  

من وقت إنشاء فناة السويس الرابطة بين البحر الأبيض، والبحر الأحمر، انقطعت طرق القوافل، وحلت محلها السفن البخارية، والتي استمر العمل بها الى حين إغلاق المرور بالقناة، بعد حرب سنة 1967م بين العرب واسرائيل، حول حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه من فلسطين .

وقبل إغلاق قناة السويس حج الداه أبو السلام، وكان الإقلاع للحج بالمغرب يتم من ميناء الدار البيضاء، على متن باخرة حجاج المغرب، وتستغرق الرحلة وقتذاك من عرض البحر مدة الشهر .

يبحر الحجاج بالذكر والصلاة، وكأنهم في رحاب مسجد سابح في البحر، يسبحون بحمده، ويذكرون الله كثيرا، حيث يكونون مرفقين بمن يؤدي بهم الصلاة على ظهر السفينة، وبمن يحدثهم عن الدين ومناسك الحج، وكيفية ارتداء الإحرام، والطواف من مسجد بيت الله الحرام، ومتابعة المناسك من طواف القدوم “ب”مكة وزيارة المدينة، الى حين الوقوف من جبل عرفات، ورمي الجمرات، وانتهاء الى طواف الوداع .

كما كان برفقة الحجاج، من يرشدهم من طريق البحر عن الأماكن التي يمرون منها، إلى حين الوصول إلى بحر الحجاز، حيث يركبون من عهد أول القوافل نحو مكة، بينما عهد الطرق السيارة يركبون الحافلة، نحو مكة، حيث يحرمون بنية الحج أو يحرمون بنية الحج والعمرة كما عند فقهاء المالكية .

وبالنسبة لحج النسوة فلا إحرام عليهن، وخارج موسم الحج فإنه لا إحرام في العمرة .

رحلة فترة الخطوط الجوية : 

من عهد إغلاق قناة السويس، من الصراع العربي الاسرائيلي، تحولت رحلات الحج من الخطوط البحرية، إلى الخطوط الجوية، وتقلص زمن المسافة من مدة شهر داخل المياه البحرية، إلى مدار يوم بين الليل والنهار عبر الخطوط الجوية، لقطع المسافة بين المملكة المغربية، والمملكة العربية السعودية .

وتطورت الإقامة بالحج من نصب الخيام وحمل المؤن من قبل الحجاج، إلى فنادق الرفاه المصنفة الدرجات، وأضحى الحج مريحا للقاصي كما الداني .

الداه أبو السلام :  

رجل قروي من أهل المغرب يشتغل بالتجارة من الاسواق القروية، القائمة على شراء وبيع بلغة القدم الرجالية التقليدية، بين الجبلية المقاومة للأحراش، والفلالية الملائمة للتربة المترملة، والمخزنية من الرطوبة الناعمة، وأيضا أريحية القدم الخاصة بالنسوة من عقر البيت .

وعهد عقد العزم على الحج، أثار إقدامه على أداء الفريضة صيتا واسعا، في القرية التي تقع جنوب مراكش، كونه من أوائل الحجيج بالبلد، وبعد اكتمال الإجراءات الادارية والطبية والمالية، شد الرحال وسط جموع من العائلة نحو الميناء للإبحار الى الحج، وأداء الفريضة الدينية طلبا للمغفرة، وحسن الخاتمة من سيرنه الشخصية .

العودة من الحج :  

كانت عودة الحجاج المغاربة من الحج على ظهر الباخرة، تتم من شهر صفر الخير بالوصول الى ميناء الدار البيضاء، وكانت إجراءات الإفراغ والمراقبة الجمركية بالميناء، تتطلب من الحاج مدة ثلاثة أيام .

عودة الداه أبو السلام  إلى البلد من الحج، لم يكن فيها حضور من الأهل كوقت وداعه، حيث كان وحيدا، إلى أن حل في غفلة عن عائلته، من بني العمومة من مراكش .

بعد الوصول إلى الحي متعبا، عرف الدرب وأتلف باب القصد من الدار، فجلس بأمتعته يطالع النظر إلى المارة من بوابة الدرب، إلى أن لمحت رؤيته ابنة عمه الشريفة لآلة أم زادة، وهي عائدة بالتسوق اليومي من السويقة، فأشار عليها بصوت خافت منهك بالجوع .

تفاجأت لوصوله ورؤية حاله بالفرحة والدهشة، هذا الحاج ابن عمي ᴉ مرحبا بالحاج وقدومه من لآلة مكة أعزها الله، فأخذت به الطريق نحو مدخل الدار مرحبة، وأطلعت الجيران على جيئة الحاج، ابن عمها وحلوله بالبيت .

ومن سمعتها الذائعة الصيت وفي لحظة السماع، اجتمع الجيران بالفرح والسرور والجمع من أهل الدرب، نحو الدار التي نزل بها الحاج عائدا من الحج، ضاربين النداء مهنئين ينشدون الفرحة بأصوات عالية وسط الزغاريد النسوية وآلات الدبك الايقاعية، يتحينون الفرصة للسلام على الحاج والتبرك من زيارته البيت، كما زار المقام المعظم، والعودة إلى أهله سالما .

وبعد أن دخل الحاج البيت، طلب على عجل من بنت عمه أن تأتيه بما يقتات به، فأجابته لازلت قادمة من السويقة، ولا شيء حاضر بالبيت غير وجبة طعام من الصك واللبن، فقال بلهف احضري ما عندك .

وما أن شرع يدفق اللبن على الطعام، حتى توالت الجموع من النسوة تقبل راس الحاج الداه أبو السلام، وهو منغرف في تناول الطعام

والشريفة تخاطب الجموع من أهل الدرب، من سلم على الحاج يترك الفجوة للآخرين لتقديم السلام .

الوافدون يتزاحمون كي لا يضيعوا فرصة السلام، والمنتهون منه يرددون الداه أبو السلام الحج، وعاد باديا بالصك يأكل الطعام قبل السلام ᴉ.

وبعد أن تفرغت لآلة أم زادة إلى الحديث مع ابن عمها، سائلة إياه كيف قضيت حالك من الحج ҁ قال اللهم اجعله حج مغفرة لي، وطعام لك في الجنة، وأضاف، أمضيت ثلاثة أيام صائما دون طعام كي أخرج من الميناء، الله، يا ابن عمي، ما أصعب الحج على الجائع .

مقابلة الحاج ابن عمه : 

بعد أن حضر الحاج إلى بيت أبناء العم في وقت يشتغل فيه الرجال نهارا، حضر ابن عمه  مولاي الزين في نهاية اليوم، ووجد الحاج من داخل بيته، حينها حضر فكره وجهة عائلة الحاج، إذ قام وبعث برقية لاسلكية لإخبار أسرته بالعودة، وأن عليهم أن يحضروا لمجيء الحاج إلى بيته، بعد ثلاثة أيام .

ولم يفوت ابن العم من الفرحة على الحاج، إذ أوقف عمل خدمته اليومية، وذهب بالحاج إلى الاستحمام من الحي، ثم دخل به المسجد من وقت العصر لتأدية الصلاة، والقيام بإعداد دخول رسمي بالجماعة من الجامع، وسط الأذكار النبوية والتلاوة القرآنية، وتجديد جو الأفراح من الدرب بالأعلام الوطنية والزغاريد النسوية، لمقام الحاج وقصده النزول من بيت أبناء العمومة .

الاستقبال الجماعي :  

ما أن علمت الأسرة بعودة الحاج من الحج، حتى عبأت القرية للاستقبال، بل وكان اليوم عند الأهالي يوم عطلة طوعية لا سبيل لخروج الفرد عن الجماعة .

ومما رفع من أجواء التهيئة تهيئ سيارة خاصة، والتوجه بها لمسافة عشرين كلم لنقل الحاج من محطة نهاية الخط الطرقي الى بيته القروي، فضلا عن الحشود السكانية التي ملأت جنبات الطريق من مسافات بعيدة لتحية عودة الحاج بعد اداء فريضة الحج .

ومن وقت رؤية الجموع شرع المهنئون يسألون الحاج عن ظروف الحج، حيث لسان حاله يقول : الحج هو السعي الى ذكر الله، غافر الدنب وقابل الثوب، ترى الناس خاشعين ثائبين لا يغفلون عن ذكر الله .

وبعد أن شرع الناس وأهل عائلته  يتهيؤون للعودة الى بيوتهم، من مواكبة الحاج وسلامة حلوله من بيته، تقدمت عنده زوجته تطلب منه بما يودع به المهنئين، فأجاب الحاج الداه أبو السلام، طلبت من الله المغفرة، وجئت بالحسنات من أحسن مقام، أحسنوا اليهم وادعوهم للضيافة بعد استعادة راحتي .

وهكذا كانت حجة الداه ابو السلام، على ظهر السفينة تمخر عباب البحر من الأحمر الى الأبيض، نزولا إلى المحيط بالميناء من الدار البيضاء، وبعد الوصول نزل شريفا من بيت الشرفاء، إلى أن عاد إلى بيته وحجته معه، من اسم الداه أبو السلام، من محل الحاج مولاي عبد السلام .

 

 

التعليقات مغلقة.