الصراع المغربي الجزائري وعلاقته بالأوضاع في الجزائر في ظل غياب "تبون" وحكم "شنقريحة!" | حدث كم

الصراع المغربي الجزائري وعلاقته بالأوضاع في الجزائر في ظل غياب “تبون” وحكم “شنقريحة!”

17/01/2021

عبد السلام البوسرغيني: يحدث أن لا تكون أخبار أي بلد في أغلبها باعثة على القلق فيما يتعلق بالأوضاع السائدة فيها خلافهم لما لما يحدث  بالنسبة للجارة الشرقية للمغرب  .

وإنه ليصعب على الملاحظ أن يميل الى التفاؤل بوقوع تحسن في ا لأوضاع في الجزائر سواء منها السياسية أو الاقتصادية وهو يرى ما يبث و ينشر من أخبار في المدة الأخيرة .

ولعل سوء تدبير شؤون الدولة عامة من طرف الرجال الذين يحكمون البلاد والمنتسبين إلى الجيش يرجع إلى عدم توفرهم على مؤهلات ومتطلبات الحكم السديد وألحكامة الجيدة ،وهو السبب الأساسي في ما تتعرض له البلاد من أزمات وهزات قد يصعب التحكم فيها .

وبالتأكيد فإن أهم التطورات المنذرة تتمثل في عودة الحراك الشعبي الذي سيضاعف ، ولا شك من الاحتقان السياسي ، أن لم يسفرعن حدوث اضطرابات خطيرة ، وذلك إذا ما أصرت السلطات الحاكمة على منع تجدد المظاهرات وعمدت إلى مواصلة اعتقال ومحاكمة الرموز التي انبثقت من الحراك الشعبي ثم أصبحت من المحفزين على استمراره ، وأصر الحكام على عدم تغيير طبيعة الحكم ليتحول إلى حكم مدني ، وربما يبدو من تتبع الأحداث أن ما ستعرفه الجزائر من تحولات سيكون في حظيرة الجيش .

فقضية خالد نزار أثارت الاهتمام لما قد تكون لها من خبايا ولما قد تسفرعنه بالنظر لطبيعتها ، إذ كيف يعقل أن لا يتم اعتقاله لدى عودته من أسبانيا وهو الذي كان محكوما بعشرين سنة سجنا صدرت عن المحكمة العسكرية ؟ ولم يكن ليحدث ذلك لو لم يكن نتيجة صفقة أسفرت عن رجوعه ، وأذن ما طبيعة هذه الصفقة ؟ ومع من تم إبرامها ؟ وما صلة هذه الصفقة بمصير قطبي المخابرات الجزائرية الجنرالين توفيق وطرطاق اللذين صدرت في حقهما أحكاما قاسية في إطار الإجراءات المتخذة ضد رجال عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ؟،  فهل يكون كل ذلك حدث نتيجة توافق بين أجنحة متباينة في مواقفها إزاء الاحداث وتنتمي كلها للمؤسسة العسكرية التي تحكم البلاد حاليا وبقيادة الجنرال المسن السعيد شنقريحة ؟

إن التعامل بهذا التساهل مع الجنرال نزار الذي حكم الجزائر بيد من حديد خلال من سمي بالعشيرة السوداء التي خلفت حوالي مأتي الف قتيل من المواطنين الجزائريين  ، قد يكون راجعا ألى وجود حلفاء له في حظيرة الجيش طالبوا  على ما يعتقد بعودته ورد الاعتبار له كرجل من رجال الحكم العسكري الموروث عن عهد الرئيس الراحل هواري بومدين

أن الحديث عن الأوضاع في الجزائر يدفع بالمرء الى ربطها بالصراع المغربي الجزائري ، وذلك لكون رجال الحكم في الجارة الشقيقة يسعون الى محاولة التغطية على الحالة المزرية بالبلاد ، وذلك عن طريق التلويح بوجود تهديد خارجي ، يأتي أساسا حسب ما يدعون من المغرب ،رغم أن كل القرائن تؤكد وجود رغبة صادقة من المسؤولين المغاربة في تجنب اَي اصطدام مباشر مع الجزائر وذلك لأن المغرب اعتمد أساسا التشبث بالسلم كيفما كانت الأحوال ، في حين نرى أن الرجال الذين يحكمون الجزائر سواء عسكريين أومدنيين يجمعهم شيء واحد هو العداء المستحكم ضد المغرب ، وانه لمما يؤلم أن نسجل بان هذا العداء امتد الى أوساط النخبة الأكاديمية التي كان من المفروض ان يكون أفرادها بمثابة العقل المفكروالمنور والموجه بحكم تكوينهم العلمي الى ما يخدم الأمن والسلام في المنطقة المغاربية .

إن اصطفاف النخبة الجزائرية عموما إلى جانب حكام الجزاير يرجع إلى تركيز هؤلاء على إشاعة الاعتقاد بان إنشاء كيان صحراوي ، كما توهموه سيكون بمثابة  ( فتح مبين ) سيوفر فرصا واعدة اقتصاديا ودبلوماسيا واستراتيجيا أمام الجزائر .

وإنه لأمر مغر لم يترك لأفراد النخبة الجزائرية وحتى لبعض المعارضين للنظام مجالا للتفكيرفيما إذا كان من الممكن تحقيق ذلك المخطط التوسعي المغري الذي كان محكوما عليه بالفشل وبالفشل الذريع أمام يقظة المسؤولين المغاربة ، وان قصر النظر وعدم التبصر أعمى أعين أوليك الذين لم يدركوا طبيعة ما يحيط بالأوضاع الإقليمية والدولية من ملابسات .

ولقد أوقعهم ذلك في المحظور، أي الدفع بالعداء للمغرب الى أقصى الحدود  والاستهانة بإمكانياته المادية والمعنوية وبما يملكه من قدرة وحنكة في تدبير شؤون الدولة سياسيا ودبلوماسيا واستراتيجيا وعسكريا ، واستهانوا أيضا بما يتوفر للمغرب من مقومات أكسبته تعاطف حلفائه .

ولايشك احد في أن ما كسبه المغرب في معركته هذه يرجع الى أحباط ذلك المخطط الذي دبرت خيوطه في دهاليز الحكم على عهدالرئيس هواريبومدين ، وكان يستهدف الأقاليم الصحراوية المغربية التي ظل يسيل لها لعابهم وظنوا أن كسبها الى جانبهم اذا ما تأسس فيها الكيان الذي تواطاوا مع البعض لقيامه سيتيح لهم السباحة في الشواطئ الأطلسية بما ما يعنيه ذلك من الهيمنة على المنطقة المغاربية بشمال غرب إفريقيا .

ها قد مرت خمس وأربعون سنة على خروج الصراع المغربي الجزائري إلى العلن اهدرت خلالها كثير من الطاقات والإمكانيات بالنسبة للمغرب العربي .صحيح ان المغرب ناله حظه من الخسائرالناتجة عن ذلك الصراع ، بيد أن في أستطاعتنا القول بأن المغرب ربح الكثيرمن الاعتبار ، ويرجع ذلك في نظري ألى مبدأين أساسيين تم التقيد بهما إنطلاقا من عهد المغفور له الحسن الثاني  وعلى عهد جلالة الملك محمد السادس ، ويتمثلان في ما يلي :

المبدأ الأول ، التشبث بالسلام مع الجزاير مهما كانت الأحوال ما لم تتعمد فتح نزاع مسلح مباشر مع المغرب .  ولقد كان هذا السلوك قد أسفر على عهد الرئيس الجزائري الراحل المرحوم الشاذلي بنجديد عن انفراج أدى إلى تأسيس الاتحاد المغاربي الذي تعرض للانهيار .

والمبدأ الثاني تمثل في التفرغ  للبناء والتشييد لتحصين الأراضي المغربية والصحراوية في المقدمة مدنيا وعسكريا ،وتبدو الأقاليم الصحراوية المغربية اليوم وقدتحولت الى مدن مزدهرة وقرى متطلعة بما شيد من عمران يبعث على الاعتزاز ، ويسود في  ربوعها  الامن والاطمئنان مع توفر كل ما يضمن رغد العيش للسكان  وما تضمنه التشريعات من حقوق وواجبات ، ويشهد على ذلك افتتاح سلسلة القنصليات التي تعتبر بمثابة نافذة يطل العالم من خلالها على ما تنعم به أراضينا الصحراوية من أمن وسلام واطمئنان.

 

التعليقات مغلقة.