النقيب طيار ياسمين بوصبع.. حينما تعانق أحلام المرأة عنان السماء – حدث كم

النقيب طيار ياسمين بوصبع.. حينما تعانق أحلام المرأة عنان السماء

بقلم: محمد إدسيموح: لطالما راود النقيب ياسمين بوصبع، وهي تخطو في مراتع الطفولة والصبا، حلم الطيران كالعصافير الصغيرة أو كالربابنة الأبطال، قبل أن يصبح حلمها بتوالي سني التحصيل العلمي والتكوين، واقعا عيانا وهي تجلس خلف مقود طائرة النقل بالمجموعة الجوية للدرك الملكي.

تتبدى على قسمات النقيب طيار بوصبع أمارات الحزم والتأهب، وهي المتسلحة بالانضباط العسكري أثناء تفحصها لدقائق الأمور المتعلقة بالإعداد التقني والذهني للمهام النبيلة التي تؤديها من قبيل الإنقاذ أو الإخلاء الطبي أو غيرها، وبالعزيمة الوقادة أثناء التحليق عاليا في السماء- رفقة كواسر الطيور.

لم يكن التحاقها بمجال الطيران العسكري من قبيل الصدفة أو نتيجة لتوجه المضطر، بل هو ثمرة للعمل الجاد و- المضني أحيانا- على تحقيق حلم الطفولة، لا سيما وأن مهامها تجمع بين جانبي الطيران والمساعدة الميدانية، وهي من الأمور التي تلامس شغاف قلبها وتحفزها على بذل الجهد مضاعفا.

مسار دراسي متميز- كأقل ما يكون التوصيف- و ضعت أسسه الصلبة في الأقسام التحضيرية بالمدرسة الجوية للطيران بمراكش، مكن النقيب بوصبع من الحصول على دبلوم مهندس الدولة في مجال الطيران، وعلى دبلوم ربان طائرة النقل، لتلتحق إثرها بالمجموعة الجوية للدرك الملكي كمساعد طيار في البداية، ثم غدت قائدا للطائرة بعد استكمال مجموعة من التدريبات والتكوينات.

وإلى جانب التميز الأكاديمي، توجز النقيب ياسمين بوصبع، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، وصفتها السحرية للنجاح المهني في “التهيئ الذهني والاستعداد البدني التامين” قبل الشروع في عمليات الطيران التي تشمل مهام النقل، والبحث والإنقاذ، والمشاركة في عمليات محاربة الهجرة السرية، والإخلاء الطبي.

تمضي الربانة، رفقة زميلاتها وزملائها، بعض يومها في ثكنة أشبه ما تكون بخلية النحل، بين اجتماعات موجزة للطيارين، ودروس نظرية تروم مواكبة التقنيات المستجدة في مجال الطيران، وإعداد لمهام الطيران المرتقبة رفقة مساعد الطيار.

هي، بالفعل، خلية نحل تنطلق من مدرجها مروحيات وطائرات، لا يتوقف هديرها، حاملة رحيق الإنقاذ والمساعدة والوقاية لكل الأرجاء في كل وقت وحين. خلية تخطو داخل قاعاتها وردهاتها ومدرجها النقيب بوصبع بخطوات ملؤها الثبات والحزم، تدرس حالة الطقس في المناطق موضوع مهامها بعناية، ثم تسرع نحو طائرتها لتراقب حالتها التقنية بعين المتفحص الحريص، قبل أن تنظر إلى الأفق البعيد راسمة طريقا – تراه بعين الخبرة- في السماء.

وحين الحديث عن التجارب التي طبعتها بقوة أثناء أداء مهامها، يتسابق إلى ذهن النقيب ومقولها لحظات الإخلاء الطبي رفقة الأطقم الصحية، لا سيما في المناطق النائية التي تكون في مسيس الحاجة إلى تدخلات مستعجلة، وكذا تدخلات الإنقاذ البحري، من أجل مساعدة المهاجرين السريين الذين يتحدون الموت في سبيل بلوغ الضفة الأخرى، لما تنطوي عليه هذه العمليات من تحل بقيم النبل.

تنضح تصريحات النقيب بوصبع بالفخر وهي تؤكد أن المرأة المغربية لم تتأخر في الالتحاق بزميلها الرجل في مضمار الطيران، مدنيه وعسكريه، منذ أمد طويل، حيث اندمجت في أسلاك الطيران بكافة أنواعه، وتتم معاملتها على قدم المساواة مع زميلها الرجل، على اعتبار أنها تتحمل الأعباء ذاتها وتقوم بنفس المهام على أكمل وجه.

وبمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة المصادف ل8 مارس، مزجت النقيب ياسمين بوصبع فخرها بخبرتها ونبلها فبعثت للمرأة المغربية رسالة تشجيع قوامها التأكيد على أن الإرادة والمثابرة كفيلتان ببلوغ الأهداف، ذلك أن الصعوبات التي تقترن ببعض المجالات بالنسبة للمرأة سرعان ما تنجلي بالتأقلم.

غالبا ما يقترن الحلم بالتفكير في الأمر بعيد المنال ومحاولة بلوغه، غير أن حلم النقيب طيار ياسمين بوصبع – اعتبارا لهذا المعيار- ليس بعيدا فحسب، بل لا يناله إلا من كانت إحدى قدميه فوق الثرى والأخرى فوق الث ريا. تح/
ح/م

التعليقات مغلقة.