لا مقارنة بين المغرب والجزائر مع وجود الفارق: الصعوبات المالية توحي بتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية لدى جيراننا بالجزائر – حدث كم

لا مقارنة بين المغرب والجزائر مع وجود الفارق: الصعوبات المالية توحي بتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية لدى جيراننا بالجزائر

لقد ترسخت في ذهني عبارة ذات مغزى نطق بها المعارض الجزائري أمير ديزاد الذي دأب منذ مدة كغيره من المعارضين ،على التعبير عن مؤاخذتهم على النظام الجزائري وانتقاد الأوضاع في بلادهم ، ويقول في هذه العبارة وهو يوجه الخطاب لمواطنيه :

” انظروا إلى المغرب الذي كنّا نضحك منه وعليه وما أنجز وإلى أين وصل ، وقارنوه بما نحن عليه ” ، ولقد نطق بهذه العبارة الصادرة عن اللاشعور وهو يتحسر على ما آل اليه الوضع العام في الجزائر والاقتصادي منه على الخصوص ، إذ تبدو معالم هذا الوضع الخطير واضحة في أزمة المواد الغذائية الأساسية التي أصبح من الصعوبة الحصول على البعض منها ، مثلما تبدو خطورة الوضع جلية على الصعيد المالي الذي يعكسه الشح في السيولة ، بحيث لم يعد من السهولة بالنسبة لعامة الناس سحب رواتبهم وتعويضات تقاعدهم أو ودائعهم من الأبناك ومكاتب البريد واضطرارهم إلى الوقوف في صفوف طويلة لقضاء مآربهم .

لا أريد من هذا الحديث ، أن أجاري المعارض الجزائري وأدخل معه في المقارنة بين المغرب والجزائر في أي ميدان ، إذ لا مقارنة مع وجود الفارق ، ولأنني لا أميل إلى المقارنة التي توحي عادة بوجود تنافس بين بلدينا، لأن الأحداث أثبتت انحراف القادة الجزائريين الذين فرضوا على البلاد حكما عسكريا شموليا اساء التدبير سياسيا واقتصاديا ، بالإضافة إلى فرض قطيعة بين بلدينا حالت دون قيام تنافس شريف ، ثم لأنني أرى أن لكل بلد أوضاعا خاصة به ، ومشاكل تتطلب معالجتها الرجوع إلى مسبباتها .

ويبدو لي أن أغرب ما يقع في الجزاير ، أن بعض الوزراء ينزلون إلى الأسواق لطمأنة الناس بكون الدولة ستعمل على تدارك النقص الملاحظ في بعض المواد الغذائية كالحليب والزيت والسميد مثلا ، مع تقديم الوعود بأن الأوضاع ستتحسن ، وهم إذ يفعلون ذلك يقتدون برئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي لم يفتأ يقدم الوعود ولا يتردد مع ذلك في الادعاء ، بأن الجزائرأفضل حالا من دول المنطقة والدول الأفريقية أحب من أحب وكره من كره ، كما يحلو له أن يكررهذه العبارة ، ويضيف إلى دلك التباهي بأن الجزائر أقوي من تلك الدول ، وبأنها تتفوق عليها في المجال الصحي ، بل وحتى على بعض الدول المتقدمة ، ناسيا أنه ألتجأ كسلفه عبد العزيز بؤ تفليقة إلى الدول الأروبية للمعالجة واستغرق مقامه في ألمانيا شهورا عدة .

وأننا لنتوجه لمن يهمه الأمر وللمعارض الجزائري أمير ولغيره لنقول لهم : إن ما غاب عنهم بفعل الحملات الممنهجة ضد المغرب في حظيرة الشعب الجزائري لتشويه سمعته هو أن ما اكتشفوه عن بلادنا لم يأت بشكل عفوي ، بل كان نتيجة وجود قيادة صارمة في تدبير شؤون الدولةً وموفقة في التوجيه ، وأنه أيضا ثمرة توفير حكامة جيدة وتخطيط محكم وتحديد للمسؤوليات على مختلف المستويات ، فليس مثلا من مهمة الوزير عندنا في المغرب أن ينزل الى الأسواق لأن أمرها يخضع لقوانين نظام التدبير والمراقبة المحلية والإقليمية ، وليس كما يفعل الوزراء الجزائريون الذين يقدمون الوعود الشفاهية على قارعة الطريق وهم يحاسبون التجار في أماكن نشاطهم وبشكل مهين أحيانا.

إن ما تعيشه الجزائرمن صعوبات على الصعيد الاقتصادي،  يوحي بتفاقم الأزمة خصوصا في جانبها المالي ، إذا ما علمنا أن الدولة تعيش على عائدات صادراتها من المحروقات التي تشكل نسبة حوالي خمس وتسعين في المائة من مجموع الصادرات ،وإذا ما لاحظنا أن السعر الدولي للنفط ، حتى وأن كان قد أرتفع أخيرا إلى ستين دولارا للبرميل ، فإنه لا يساعد على تحسن أوضاع الجزائر المالية ، ومما يضاعف من تلك الصعوبات أن الجزائر لم تعد تستطيع أنتاج وتصدير حصتها كاملة بمقتضى التوزيع الذي أقرته منظمة الدول المصدرة للبترول لأعضائها .

فحسب ما نقله موقع ( روبيرتر) فإن صادرات الجزائرخلال شهر فبراير الماضي توقفت عند 878 ألف برميل يوميا عوض استنفاد حصتها البالغة مليون وخمسين آلف برميل ،  ومن أجل معالجة هذا النقص في انتاج آبار النفط والعمل على اكتشاف منابع بترولية جديده كانت الدراسات قد قدرت التكاليف الضرورية بحوالي ثلاثة وسبعين مليار دولار .

لكن كيف يمكن توفير هذا المبلغ والبلاد محتاجة إلى تخصيص مختلف العائدات لتمويل واردات المواد الغذائية الأساسية لتغطية الحاجيات بنسبة خمس وخمسين في المأئة من العجز في الإنتاج الداخلي من تلك المواد؟.

وبالنظر الى الأوضاع عامة في الجزائر، فإن ما يعانيه اقتصادها من صعوبات بل وأزمات لا يوحي بأن الأزمة السياسية التي تحولت إلى أزمة نظام وحكم ستجد سبيلها إلى الحل ، خصوصا مع احتمال تحول الحراك الشعبي الذي ظل سلميا منذ انطلاقه قبل أكثر من سنتين الى اصطدامات دامية ، بعد أن قرر النظام تجريمه ومتابعة رموزه الذين يتضاعف اعتقالهم ولم يعد يتحمل وقع شعاراته التي تركز على تغيير طبيعة النظام من عسكرية إلى مدنية كما يلح على ذلك المتظاهرون من عامة الشعب .

الدار البيضاء 30 أبريل 2021

عبد السلام البوسرغيني

التعليقات مغلقة.