عبد السلام البوسرغيني: يحس المرء بكثير من الحسرة والمرارة عندما يجد نفسه مرغما على التذكير بالأحداث المأساوية التي عانت منها الإنسانية ، وتتضاعف المرارة عند مقارنتها بما يحدث حاليا في الشرق الأوسط ، ويلاحظ بأن التاريخ يعيد نفسه ولو بشكل مختلف .
ويذكرنا سلوك الإسرائيليين بسلوك النازيين الذين لم يكونوا يقيمون وزنا للقيم الإنسانية ويطبقون شعارهم القائل : ” الحق أمام المدافع ” ، لا أريد أن أتحدث عمن نطق بهذا القول ولا عن المآسي الإنسانية التي تسبب فيها ولا عن المصير الذي آل إليه ، فالأسرائيليين أعلم بذلك من غيرهم ، لكن يجب القول بأن القدر يمهل ولا يهمل ،وبأن الظلم ظلمات ، وبأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.
لقد بعث لي الصديق الأستاذ أحمد المديني بوثيقتين هامتين تكشفان عن قصة هجرة الرجل الذي تطور في حياته بفلسطين إلى أن اصبح رئيس حكومة إسرائيل وأعني به شمعون بيريز.
ويمكن اعتبار الوثيقتين كشاهدين على التاريخ ، فالأولى تثبت أن شمعون بيريز حصل على تأشيرة الدخول إلى فلسطين بوثيقة فرضت عليه أن يؤدي القسم الواجب كما هو مسجل في الوثيقة ، وهو كما يلي : ” أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا لدولة فلسطين ” ، وتسجل الوثيقة بأنه دخل الأرض الفلسطينية كمهاجر .
وتثبت الوثيقة الثانية أن شمعون بيريز حصل بتاريخ سنة 1935 على تصريح بالعمل في فلسطين كعامل نظافة صادر عن دائرة الهجرة التابعة لحكومة فلسطين .
ونريد بهذا ، التذكير التأكيد بأن فلسطين كانت تحمل اسم دولة وإنها كانت خاضعة للإنتداب البريطاني ، وأن ما تم فرضه من واقع لا يمكن أن يلغي وجود دولة فلسطين التي أصبحت تضم في جزء كبير منها دولة إسرائيل التي يجب على أهلها أن لا تغريهم القوة وأن يتذكروا أن القوي لا يمكن أن يفرض وجوده بواسطة المدافع وإلى الأبد ، وإن من يغتر بالقوة يموت بالضعف .
إن ما فرضه اليهود المهاجرون بالتواطؤ مع سلطات الانتداب البريطانية التي حكمت فلسطين لا يمكن أن يلغي حقوق سكانها الأصليين ، ومن أجل إقرارهذه الحقوق نشأت المقاومة ، وإذا كانت تخبو ولا تفتأ تنهض من حين لآخر ممتشقة السلاح مرة ورافعة شعار سلام الشجعان مرة أخرى ومنذ أكثر من سبعين سنة ، فلأن لها قضية لا يمكن التفريط فيها ولن يجعلها الزمان تدخل طي النسيان ، ولن تكون بمثابة الفردوس المفقود .
الصور: حدث كم
التعليقات مغلقة.