ظاهرة هجرة شباب شمال المغرب إلى سبتة المحتلة .. ناتجة عن روابط سكان الشمال باسبانيا | حدث كم

ظاهرة هجرة شباب شمال المغرب إلى سبتة المحتلة .. ناتجة عن روابط سكان الشمال باسبانيا

28/05/2021

في خضم الأزمة الناشئة بين المغرب وإسبانيا حدثت هجرة جماعية من مدينة الفنيدق الى مدينة سبتة المحتلة، وبلغ عدد الشباب واليافعين أكثر من ثمانية آلاف شاب تمكنت السلطات الإسبانية من طرد أغلبيتهم .

ولقد بدت هذه الظاهرة غريبة بالنسبة للرأي العام المغربي والأجنبي ، لكن الذين فكروا مليا في الأوضاع التي عاشتها منطقة شمال المغرب المتاخمة لسبتة وصنوتها مليلية ربما لم تفاجئهم هذه الظاهرة لعدة أسباب ساحاول عرض ما بدا لي واضحا منها .

لم يكن ما حصل مستبعدا في نظري إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الروابط التي ظلت قائمة بين سكان المنطقة الشمالية للمملكة المغربية والمملكة الإسبانية ، ويمكن للمرء أن يصفها بروابط روحية ، حرص الأسبان أنفسهم على المحافظة عليها وتعهدها بما يغدقونه على سكان المناطق المتاخمة لسبتة ومليلية من التسهيلات للدخول إليهما والارتباط بهما تجاريا، لتصبح مدن الشمال سوقا واسعة للفائض من السلع الإسبانية وحتى المنتهية صلاحيتها

قبل ثلاثة عقود ، وبالضبط سنة  1984 ساهمت في جولة استطلاعية صحفية لشمال المملكة بعد الاضطرابات الخطيرة التي عرفتها عدة مدن وكان لمدن الشمال النصيب الأوفر منها ، وخرجت بخلاصات أهمها العزلة التي كان السكان يشكون منها نتيجة الإهمال وأيضا انعدام الاتصال الإعلامي مع الجنوب .

هذا الوضع هو الذي أجج غضب الشماليين ، وهو الذي قوى أرتباطهم باسبانيا والإسبانيين وجعلهم يحسبون سبتة ومليلية المحتلتين، ملاذات لهم يلجأون إليهما عند الاضطرار.

والآن وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود هل يمكن القول بأن العقلية التي كانت قد تكرست في أذهان المواطنين الشماليين قد تغيرت كلية ؟ لا أعتقفد حصول ذلك بدليل تهافت سكان الفنيدق وغيرها من شبان وحتى أمهات بأطفالهن على النزوح الى سبتة بمجرد ما سحبت السلطات حراسة حدود المدينة ، اعتقادا منهم ان لهم الحق في العيش فيها ولو ان الإسبان يحسبون أرضها حقا لهم وحدهم

هكذا يجب النظر الى النزوح الى سبتة الأسبوع الماضي من طرف فئة من الشماليين الذين تضرروا من إغلاق الباب الذي كأن يوفر لهم كسب قوتهم ولو أنه كان يتسم بمظاهر الإهانة أحيانا

أن أوليك الشبان الذين غامروا بكثافة في اجتياز الحدود سباحة أو تسلقا للأسلاك هم الذين حرموا مما كانوا ينتفعون به من التهريب العلني المتغاضي عنه من السلطات ، اما بصفة مباشرة اوغيرمباشرة .

والظاهر أنهم لم يستفيدوا من الفرص التي أتاحتها المشاريع التي رأت النور في شمال المملكة خلال العقدين الماضيين ، إما لأنهم لم يكونوا مؤهلين تكوينيا أو لم تكن تلك المشاريع كافية لتستوعب تشغيل جحافل الشباب ضحايا الهدر المدرسي والانقطاع عن الدراسة

لقد جاءت الأحداث التي صاحبت الأزمة بين المغرب وإسبانيا لتكشف عن الأوضاع المؤسفة التي تعاني منها منطقة شمال المملكة والتي تذكر بشكل مختلف بأحداث الحسيمة الي تعاملت معها السلطة بحكمة ، لكنها لم تنته الا بإدانة من أصروا على تأجيجها .

ربما يمكن اعتبار مشاكل هذه المنطقة أكثر إلحاحا لمعالجتها لكون الشمال يعد مرآة تعكس صورة المغرب ، ولكون أهلها عانوا في الماضي من قساوة السلطة خلال أحداث 1958 واحداث 1984 وبأقل من القساوة خلال أحداث الحسيمة .

عبدالسلام البوسرغيني

 

التعليقات مغلقة.