من أجل مواجهة الأعاصير السياسية وكل ما يهدد كياننا ! | حدث كم

من أجل مواجهة الأعاصير السياسية وكل ما يهدد كياننا !

07/06/2021

ثلاثة أفكار أردت أن أبسطها في هذا الحديث ، وهي :

الأولى وجوب التضامن مع الشعب الفلسطيني ومساندة  القضية الفلسطينية بما نملك من قدرة على ذلك

–  الثانية ، الافتراضات المتخيلة لما كان سيحدث من جراء الصراع المغربي – الجزائري ، واستطاع المغرب تفاديها

–  إعادة ترتيب الاستراتيجية المغربية للحصول على التحالفات من أجل صيانة الوحدةالترابية لوطننا .  

وبعد ، لقد خصص زميلنا الأستاذ الأمين أزروال حديثه ليوم 28 ماي الحالي لانتقاد ما سماه بازدواج المواقف لدى السيد سعد الدين العثماني ” فلم يعد يفرق – كما قال الكاتب – بين صفته الرسمية كرئيس للحكومة يمثل جميع المغاربة ويعبر عن مواقف المغرب الرسمية ، وبين صفته كأمين عام لحزب قد تكون له مواقف لا تنسجم مع المواقف الرسمية للدولة ” .

وإذ أشاطر رأي زميلي الأمين ، فإنني أرى مع كل الأحوال أن من الواجب التنديد بالعدوان الإسرائيلي المتواصل والمتجدد على الشعب الفلسطيني ، ومع هذا الواقع الذي تعيشه القضية الفلسطينية ، منذ أكثر من سبعين سنة يجب التذكير بأن تضامن المغرب شعبا وقيادة مع نضال الفلسطينيين لم يضعف ولم ينقطع .

وكما دأبنا فإن التعبير عنه يجب أن يوجه ، عندما يصدر عن جهة رسمية إلى من يملك حق تمثيل الشعب الفلسطيني برمته ، لا إلى منظمة بعينها ، ونعني به حاليا الرئاسة الفلسطينية .

إن تبني المغاربة للقضية الفلسطينية، ليعتبر من الواجبات التي تنأى بنا عن المتاجرة بها وكما تصرفنا في السابق ، بل وتوجب علينا ذلك ، ولسنا كالجزايريين، الذين لا يتورعون عن ربط القضية الفلسطينية بقضية الصحراء ، بيد أن تأييدنا المطلق لهذه القضية يجب أن لا ينسينا قضيتنا الأساسية والمقدسة وهي وحدة ترابنا الوطني ، ويجب أن لا تختلط علينا الآمور لنقرنها بما يسميه البعض (التطبيع مع إسرائيل ) ، وذلك لأن لكل قضية اعتباراتها .

ومهما كانت مكانة القضية الفلسطينية في قلوبنا ووجداننا ، فيجب أن لا تعلو على مكانة قضية وحدتنا الترابية آو تغطي عليها ، مثلما لن تكون قضيتنا الأساسية هذه عند غيرنا بمن فيهم الفلسطينيون قضيتهم الأولى ، بل أن لنا من الأدلة ما يثبت أن من بين الفلسطينيين من تنكروا لقضيتنا أو انهم يتجاهلونها ، مع كل ما يمكن أن يصيب أمتنا العربية من أضرار اذا ما تضررت وحدتنا الترابية ، ومع ذلك فإننا لا نتخلي عن القضية الفلسطينية .

أعتقد أن كل مواطن سيقاسمني الرأي عندما أقول : “لا أخفي أنني أصاب بقشعريرة تتملكني وتزعجني الكوابيس ، كلما خطر في ذهني ما كان يحاك ضد بلدنا لجعلها محاصرة في ذلك المثلث الضيق كما سطره المستعمرون على خريطة المنطقة المغاربية وكما أراد الأعداء الجدد أن لا يتغير “.

وليس ما أقوله تخيل عبثي ، بل هو ما كان سيحدث لو لم تكن هناك أرادة مستمدة من أرادة الله ، ولو لم تكن بلادنا في المستوى الذي أتاح لها إحباط ذلك المخطط الجهنمي الذي استهدف محاصرة المغرب وفصله عن عمقه الإفريقي ليتاح للجزائر فرض هيمنتها على المنطقة المغاربية عن طريق إنشاء كيان يكون في خدمة أهدافها .

وإذ أقول إن ما تصورته ليس تخيلا عبثيا ، فلأنني عشت في السبعينات من القرن الماضي في خضم المعركة الإعلامية التي واكبت المعارك السياسية رالبلوماسية وحتى الحربية، التي خضناها في مواجهة الجزائر، في أوج قوتهاونفوذها على عهد الرئيس هواري بومدين ، ولأن الرجال الذين يحكمون في الجزائر ما يزالون يتعهدون ويحرصون على إرثه ، ولأن ما نلمسه الآن من أساليب الابتزاز الذي تمارسه الجزائر على الجيران وما يشنونه من هجمة شرسة ضد المغرب ، ينبئ عما يمكن أن تذهبوا إليه اذا لم يكن ما يردعهم.

وليس بدعا في سلوك الرجال وهم يتحملون المسؤولية في الدولة ، عندما يواجهون رجالا لا يحسنون التصرف ولايلتزمون بقواعد التعايش مع الجيران ، أن يبحثوا عن ظهير وعن حلفاء ليشكلوا معهم ما يعتبرونه رادعا ، كي لا يتجاوز أصحاب النوايا السيئة الحدود ،خصوصا وأنهم أصبحوا لا يتورعون في التصريح بأن قضية الصحراء تعتبر كما يتصورون مرتبطة بالأمن الوطني الجزائري ، ومن هذا القول يمكن تخيل ما يحدث إذا انعدمت لدى المغرب القوة الرادعة.

لقد توصل باحث في العلوم السياسية،  الى خلاصة اعتمادا على ما يعرفه حاليا الصراع المغربي – الجزائري يقول فيها ما يلي : ” إن إعادة ترتيب الأستراتيجية المغربية في عمقها الإفريقي ، وتعزيزها بانضمام الدبلوماسية المغربية الى محور واشنطن – تل أبيب ، وإضفاء الصبغة الواقعية عليها ، إن من شأن ذلك أن يمكن المغرب من الحصول على وضع استراتيجي لم يكن يظن امتلاكه قبل بضع سنوات ” .

إن الذين تغيب عنهم المعطيات المتحكمة في السياسة الدولية أو يجهلونها سوف لا يدركون خطورة الوضع الدقيق الذي تعيشه المنطقة المغاربية ، وسوف يتشبثون بدغمائيتهم التي تحجب عنهم التفكير السليم ، والخلاصة التي أوردناها تقول كل شيء لمن يتعظ ويريد لبلاده ان تكون قادرة على مواجهة الأعاصير السياسية والدبلوماسية وكل ما يهدد كيانه ووحدة تراب وطنه

عبد السلام البوسرغيني

الدار البيضاء 30 ماي 2021

التعليقات مغلقة.