حكمة ملك .. في تطبيق “شرع الله” و “خريطة ” الجوار في “الحوار !” – حدث كم

حكمة ملك .. في تطبيق “شرع الله” و “خريطة ” الجوار في “الحوار !”

حدث وان جاء في  كتاب الله العظيم (سورة النحل):” ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” صدق الله العظيم.

ولهذا ، خصص أمير المؤمنين، وملك المغرب صاحب الجلالة محمد السادس، خطاب العرش، بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لتربع جلالته على عرش اسلافه الميامين، حيزا هاما من هذا الخطاب التاريخي، الذي يحمل عدة رسائل “انسانية” ودالة، وهامة الى الشعب الجزائري، ومن خلاله الى العالم العربي والاسلامي،  وباقي الشعوب التواقة الى السلم، والعمل من اجل أنْسنة  مجتمعاتها.

وقبل ان يتطرق الى هذا الموضوع، اشار حفظه الله ، الى ما يوليه جلالته من اهمية، وما اوتي له من قوة،  لمحاربة جائحة كورونا، التي اصابت العالم باسره، كما لم تفته الفرصة ايضا، ليقدم عبارات الشكر لكل الفاعلين في القطاع الصحي ، العام والخاص والعسكري ، وللقوات الأمنية ، والسلطات العمومية ، على ما أبانوا عنه من تفان وروح المسؤولية ، في مواجهة وباء كوفيد 19 للعين.

كما تطرق  حفظه الله الى الاثار السلبية التي نتجت عن الوباء ، على المشاريع والأنشطة الاقتصادية ، وعلى الأوضاع المادية والاجتماعية ، والحلول التي قدمها جلالته للتخفيف عن الشعب المغربي الوفي ، للحد من آثار هذه الأزمة، اضافة الى رزمانه من المبادرات منذ ظهور الجائحة ، منها : احداث صندوق خاص للتخفيف من تداعياته ،والذي  لقي إقبالا تلقائيا من طرف المواطنين، و خطة الإنعاش الاقتصادي، من خلال دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة المتضررة ، والحفاظ على مناصب الشغل ، وعلى القدرة الشرائية للأسر ، بتقديم مساعدات مادية مباشرة، بإنشاء صندوق محمد السادس للاستثمار ، للنهوض بالأنشطة الإنتاجية ، ومواكبة وتمويل مختلف المشاريع الاستثمارية.

معتزا بنجاح المغرب في ” معركة الحصول على اللقاح “، التي ليست سهلة على الإطلاق ، وكذا بحسن سير الحملة الوطنية للتلقيح ، والانخراط الواسع للمواطنين فيها، مبرزا “بأن السيادة الصحية عنصر أساسي في تحقيق الأمن الاستراتيجي للبلاد، من خلال أطلاق مشروع  رائد في مجال صناعة اللقاحات والأدوية والمواد الطبية الضرورية بالمغرب.

ورغم كل هذا، يقول حفظه الله “لا بد من التنبيه إلى أن الوباء مازال موجودا، وأن الأزمة مازالت مستمرة. وعلى الجميع مواصلة اليقظة، واحترام توجیهات السلطات العمومية، في هذا الشأن”.

وللعودة الى الشق الثاني من خطابه السامي، ومغزى الرسائل الانسانية ، التي ما فتئ يوجهها جلالته في كل مناسبة، للجارة الجزائر،  منذ توليه عرش اجداده ملوك الدولة المغربية لقرون والتي تبرهن على ان الملكية في المغرب راسخة ومتجدرة في اعماق المغاربة الذين بايعوها ويجددون ذلك في كل مناسبة، لانها هي اساس الاستقرار والاستمرار الى ان يرث الله الارث ومن عليها، لانها تطبق شرع الله في الدين والانسانية، والمعاملة مع جميع الديانات المعتدلة على الكرة الارضة، ولهذا عمل امير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين ،  جلالة الملك محمد السادس، على مخاطبة الشعب الجزائري هذه المرة، ومن خلاله “حكامها !“، وعلى راسهم الرئيس عبد المجيد تبون، تطبيقا لقول الله في سورة النحل”ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ “، صدق الله العظيم. بان يرجع الى الله ـ كما يقال ـ للتفكير في المصالح المشتركة، وحسن الجوار،  الذي يجمع الشعبين للحفاظ على مكتسباتهم،  طبقا للجغرافية والتاريخ،  حيث لا يمكن تغييرهما، او المجادلة “حولهما” حتى !.

وهنا ، استحضر مقولة لـ”الجنرال دوغول”،  وهي تعد دالة، وواقعية ، وخاصة اذا كان الامر يتعلق بمناقشة ملفات حساسة ومشتركة بين البلدين !، من جميع الجوانب، حينما قال: “لا يمكن مناقشة مواضيع سياسية مع أية دولة !، دون معرفة خريطة بلدها ، ليكون الحديث متكامل الاركان، ولمعرفة مع من تتحدث؟ !“، وها هي الان تنطبق على الشعبين المغربي والجزائري، (..)، وما يجب على من” بيدهم الامر”، قيادة البلدين الجارين، وما تحمله الرسالة الملكية الاخيرة ، والتي تشير الى ضرورة الجلوس على طاولة الحوار ، لانهاء “مخلفات الماضي !“، التي لا” يتحملها كلا الطرفين” الذين يقودان شأن مصيره الشعبين، مباشرة  وعلى الهواء، بدون وسائط دبلوماسية،  او غيرها ، ليشهد الجميع على حسن نية جلالة الملك “الانسان “،  حيث قال: ” اننا نجدد  الدعوة الصادقة لاشقائنا في الجزائر  للعمل سويا، دون شروط ،  لبناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار، لأن الوضع الحالي لهذه العلاقات لا يرضينا، وليس في مصلحة شعبينا، و غير مقبول من طرف العديد من الدول”، مضيفا بان ” إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي، ومبدأ قانوني أصیل، تكرسه المواثيق الدولية، بما في ذلك معاهدة مراكش التأسيسية لاتحاد المغرب العربي، التي تنص على حرية تنقل الأشخاص، وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال بين دوله، وقد عبرت عن ذلك صراحة، منذ 2008، و أكدت عليه عدة مرات، في مختلف المناسبات،  خاصة أنه لا فخامة الرئيس الجزائري الحالي، ولا حتى الرئيس السابق، ولا أنا، مسؤولين عن قرار الإغلاق، ولسنا مسؤولون سياسيا وأخلاقيا، على استمراره؛ أمام الله، وأمام التاريخ، وأمام مواطنينا”

مؤكدا وبروح انسانية لخدمة الشعبين، “بان جلالته لا يريد معاتبة أحد، ولا يعطي الدروس لأحد؛ معبرا عن الاخوة التي فرق بينها جسم دخیل، لا مكان له بين الشعبين !، وان الشر والمشاكل ـ يقول الملك ـ “لن تأتيكم أبدا من المغرب، كما لن یأتیکم منه أي خطر أو تهديد؛ لأن ما يمسكم يمسنا، وما يصيبكم يضرنا ، ونعتبر أن أمن الجزائر واستقرارها، وطمأنينة شعبها، من أمن المغرب واستقراره، والعكس صحيح، فما يمس المغرب سيؤثر أيضا على الجزائر؛ لأنهما كالجسد الواحد”.

كما اشار الى ضرورة “تغليب منطق الحكمة، والمصالح العليا، من أجل تجاوز هذا الوضع المؤسف، الذي يضيع طاقات بلدينا، ويتنافى مع روابط المحبة والإخاء بين شعبينا، فالمغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، إنهما توأمان متكاملان”.

وحسب قراءتي المتواضعة ، وكمتتبع للشأن الجزائري، فان جلالة الملك، طبق ايضا وبحكمته الثاقبة، ما جاء في القرآن الكريم، الذي هو دستور المسلمين، وخريطة الطريق للمؤمنين، وما يمليه عليه الضمير الانساني،  والاخلاقي وحسن الجوار، والطبيعة والخريطة ، التي تجمع البلدين للحد من اهدار ثروات الشعبين، اللذان يعتبران بعضهما البعض كما يصرحان دائما وفي كل مناسبة: “احنا خاوا خاوا”، على ما يسمى “الوهم !“، الذي تم “زرعه من طرف “حكام القرن الماضي!”، ويعاني منه الشعبين لمدة اربعة عقود ونيف،  تقدر بـ”بلايير الدولارات”، ذهبت هباءا منثورا، من اجل “المعاكسة ليس الا.. !“، رغم ان زمن الحروب والصراعات قد ولى في عصرنا هذا، واصبح غير مجدي،  لان “التطاحن” من اجل “التطاحن “، للرجوع الى الصفر، او تحت ! ، يعرف الجميع نتائجه ومخلفاته ، وما تعيشه ـ مع الاسف ـ  بعض الدول العربية “المتنطعة” لحد الان ، دليل قاطع على الخسائر المادية والبشرية ونتائجها !.

وبالرجوع الى  ما قاله “الجنرال دوغول”، حول معرفة خريطة الدول، قبل مناقشها المصالح التي تجمعهما، يتضح بان ذلك ايضا ينطبق على المغرب والجزائر، وعلى من يتولى امر البلدين، ان يستحضرا ذلك اذا ما تم الجلوس على طاولة الحوار، من اجل مصلحة الطرفين، طبقا لخريطة كل بلد جار !، لكي لا يضيع شبرا من ارض اي بلد، انطلاقا من الحفاظ على حدود خريطتيهما الجغرافية والطبيعية!، بشعبيهما وثرواتهما المتنوعة، كاملة غير منقوصة، وليس كما اريد لها في الماضي، من قبل “الاعداء !”، ـ حقدا ـ  لتقسيم المُقسم وتجْزيئ المُجزأ ، لا قدر الله.

وهذا ما لا يريده الملك العبقري، الذي يتصف بالرزانة والحكمة، لخدمة الشعبين المغربي والجزائري، ليتسنى لهما الاستفادة من  خيرات بلديهما،  في امن وسلام، واخوة في الدين واللغتين العربية والامازيغية، ليعبرا قائدا البلدين عن النضج وبعد النظر في العصر الحالي،  عصر الحوار والنقاش على ارضية “رابح رابح”، مع نبذ الخلافات التي كانت السبب في “تجميد” او محاولة “تفتيت “اتحاد المغرب العربي الذي تم تأسيسه في مراكش سنة 1989، ونتائج ذلك ! ، مقارنة مع الدول التي تكتلت من بعد، واصبحت الان قوة ضاربة في القارات التي تجمعهم.

وهذا ما حدث، وفي انتظار ما سيحدث،  اتمنى  من حكام الجزائر المتمسكون بـ”الوهم !” او من يريد “زرع الفتنة” التي لا تخدم اي طرف!، ان يتمعنوا جيدا في الرسالة الملكية ، التي اختار لها اغلى المناسبات ، الا وهو عيد العرش  لتكون فاتحة خير ونهاية  “النزاع المفتعل”، رغم انه “سراب ” ، ولا محالة انه سينجلي! اذا ما تم استحضار”العقل” بدل “العاطفة” و”الانا” !.

 حدث كم

 

التعليقات مغلقة.