مدير معهد العالم العربي بباريس: في المغرب حركة نقدية وفكرية رائدة على مستوى الدول العربية في العقود الأخيرة | حدث كم

مدير معهد العالم العربي بباريس: في المغرب حركة نقدية وفكرية رائدة على مستوى الدول العربية في العقود الأخيرة

30/11/2021

 قال معجب الزهراني المدير العام لمعهد العالم العربي بباريس ،إن هناك في المغرب حركة نقدية وفكرية رائدة على مستوى الدول العربية في النصف الأخير من القرن العشرين الى اليوم.

وأوضح الزهراني، الذي التقته وكالة المغرب العربي للانباء في الرياض، على هامش حدث ثقافي، أن الحراك الثقافي المغربي على مستويات المنتج النقدي والفكري والفلسفي يكتسب موقع حجر الزاوية في المشهد الثقافي العربي العام، لاسيما في العقود الأخيرة، معتبرا أن ما يحصل في الساحة الثقافية في المغرب من سجال وممارسة نقدية يثير الإعجاب.

وأضاف “أزعم أنه بعد النصف الثاني من القرن العشرين، لعبت بلاد الشام دورا مهما وخاصة بيروت والفضاءات الشامية. لكن في العقود الأخيرة هناك جناحان للفعل الثقافي في المنطقة هما المغرب وبلدان الخليج العربي”، موضحا أن هناك حراكا ثقافيا مهما للغاية في الخليج حيث تحظى الرموز الثقافية بدعم ثقافي سخي “وبالنسبة للمغرب أرى أن له ريادة في الجانب الفكري والنقدي”.

وعن تفاعل المعهد مع المثقفين الفرنكفونيين المغاربيين والعرب عموما، قال الزهراني إن معهد العالم العربي يعمل منذ أكثر من ثلاثة عقود على تجسير المسافة وتقريب الفجوة بين فرنسا والعالم العربي، ولعب أدوار محورية كمؤسسة ثقافية تستقطب ثقافات العالم وتزاوج بينها، وتحمل آمال المثقفين العرب ورهان الحالمين في تقديم إضافة نوعية لعالم تتنازعه الصراعات والخلافات الدينية والسياسية والفكرية.

وأقر بأن تلك الآمال اصطدمت في البداية بواقع أكثر تعقيدا مما كان متوقعا عند التأسيس، إذ سرعان ما دبت الخلافات بين المؤسسين والشركاء بشأن مرجعية المؤسسة ومآلاتها المستقبلية، موضحا أنه في الوقت الذي تشترك فيه فرنسا مع الدول العربية في إدارة المعهد وتتكفل بـ60 في المئة من ميزانيته السنوية، فيما تتكفل الدول العربية بالجزء المتبقي، فان المعهد واجه شحا في تأمين تلك الميزانية، عقب تراجع الدعم العربي؛ نتيجة للخلاف حول مرجعية المؤسسة.

وأكد أن هذه الأزمة المادية لم تحل دون تفرغ المعهد لمهمته الأساسية في التعريف بالثقافة العربية ونشرها وتطوير المعرفة بالعالم العربي، وصناعة حركة أبحاث معمقة حول لغته وقيمه الثقافية والروحية، إلى جانب تشجيع التبادل والتعاون الثقافي بين فرنسا والعالم العربي، مؤكدا أن المعهد لا زال يشكل منارة ثقافية مشعة يقدم لساكنة باريس ولعابريها أجمل الصور عن المجتمعات العربية وثقافاتها العريقة.

وتابع، في هذا الصدد، أنه قام بإحياء كرسي المعهد بعد توقف لسنتين وبدأ العمل على مسارين الأول في إقامة ندوات فكرية منتظمة في المعهد وخارجه في مؤسسات عربية خارج باريس في البيت المغربي والتونسي والمركز الثقافي الجزائري وغيرها من الفضاءات، ثم انتقلت المؤسسة لتكريم أسماء وتنظيم فعاليات في كبريات الحواضر العربية “وبدأنا بالرباط حيث كرمنا أستاذ الجميع عبدالله العروي في كلية الآداب في جامعة محمد الخامس بالرباط وكان هناك حضور مذهل”.

وقال الزهراني “عندما كرمنا الأستاذ العروي رأينا أنه من المهم للغاية أن نفتتح بعض الكراسي باسم بعض الشخصيات الفكرية المهمة في كل بلد عربي . فطلبنا تأسيس كرسي عبد الله العروي في كليته بجامعة محمد الخامس بالرباط”، مضيفا أنه “وجدنا تجاوبا قويا من الزملاء في الكلية ومن العروي نفسه وبالتالي دشننا الكرسي واقترح علينا هو أن تكون الندوة الاولى عن الترجمة والتأويل”.

غير أن تفشي الجائحة، يقول مدير عام معهد العالم العربي بباريس، “قطعت التواصل بيننا لكننا نأمل ونخطط للعودة وأن نتمكن من افتتاح الكرسي بهذه الندوة في فبراير أو في الربيع القادمين”، مشيرا إلى أن موضوع الندوة يعد من المشاغل المحورية في وعي العروي وممارساته.

وأكد أنه بعد نجاح التجربة في المغرب، تم تعميمها على الكثير من الأعلام كهشام جعيط في تونس ثم فهمي جدعان في عمان وناصيف نصار في بيروت، كما تم تكريم المستعرب الفرنسي أندريه ميكيل ورشدي راشد ومصطفى صفوان والكثير من الاعلام في المعهد بباريس.

وأشار إلى أنه انطلاقا من عام 2019، تم تكريم النساء والمرأة العربية، من بينهن غيثة خياط في جامعة القاضي عياض بمراكش وفوزية الشرفي وحورية سي ناصر في باريس ومجموعة أخرى من الباحثات والناشطات الاجتماعيات والسياسيات، مبرزا أنه تم وضع كل حفل تكريم للمرأة تحت إسم واحدة من رائدات الحركة النسائية في العالم العربي (هدى شعراوي ومي زيادة إلى نوال السعداوي ومثيلاتها اليوم). وبالتالي، يضيف الزهراني، تم الاشتغال على إخراج المعهد من باريس إلى الحواضر العربية، مؤكدا أن تنظيم ندوات فكرية وحوارية في الوطن العربي يجعل المعهد يحقق أحد مهامه الأساسية، وهو الحوار والتعاون بين فرنسا والعالم العربي.

وعن تفاعل المعهد مع أبناء الجالية العربية في المهجر ودوره في نشر اللغة العربية، قال الزهراني إن هذا الصرح الثقافي يستقبل سنويا ألفي طالب وطالبة من الأطفال إلى الموظفين الذين يريدون متابعة دورات بسيطة في اللغة العربية، مشددا على أن المعهد ليس جهة أكاديمية تمنح شهادات عليا، بل يقدم دروسا وفق معايير تعليمية أوروبية لا تحيز فيها من الناحية الجندرية والعرقية والدينية والمذهبية، وأصبح منذ السنة الماضية مرجعا في ما يتعلق بالمناهج وفي تحديد مستوى اللغة العربية في العالم، على أمل أن “نستطيع تعليم 6 آلاف سنويا بدل ألفين حاليا”.

وأضاف أن معهد العالم العربي بباريس يضم مكتبة تعتبر مرجعا أساسيا في الثقافة العربية والتاريخ العربي الاسلامي وبه مركز تعليم اللغة وقسم المعارض والقسم التربوي، داعيا المؤسسات الثقافية العربية الى تعزيز التشارك معه في أنشطته وبرامجه كي يستمر في أداء وظيفته .

وأكد أن المعهد يمثل هذه المرجعية للملايين من أفراد الجالية العربية، حيث أن حضور الكتاب العرب الناطقين بالفرنسية أساسي منذ بدايات التأسيس إلى اليوم لتأثيرهم الكبير على مستوى المخيال الجماعي والوعي الفكري والأشكال الفنية، ويتعامل مع الاغلبية العظمى من هؤلاء المبدعين في مجال الرواية والمسرح والشعر والغناء والموسيقى والمجال المعرفي والفكري.

وفضلا عن اعتزازه بإحياء كرسي المعهد، قال إن هذا البيت العربي أنجز مؤخرا مشروع موسوعة معرفية (مائة كتاب وكتاب) بالاتفاق مع جائزة الملك فيصل، موضحا أن المشروع يؤرخ ل40 شخصية فرنسية من المستشرقين والمستعربين و60 شخصية عربية من كبار المثقفين العرب الفرنكفونيين .

وقال الزهراني إن هذه المشاريع الثقافية المشتركة تساهم في تجسير المسافة بين فرنسا والعالم العربي للمضي قدما نحو المزيد من التبادلات المعرفية والفكرية والفنية التي تغني الطرفين وتعزز القيم المشتركة بينهما.

التعليقات مغلقة.