علي جدوبي: ساد الاعتقاد قبل مدة بأن هذه الفوضى العارمة التي تشكلها موجة “الاغاني” الهابطة ،ستضمحل وتزول بزوال مسببات ظهورها وانتشارها ،لكن يبدو أن أصحاب تلك الهرطقات البئيسة ،توسع نشاطهم اكثر ليشمل فضاءات على نطاق أوسع ،فاق كل التصورات !!
وهكذا أصبح كل من لا حرفة له مغنيا بقدرة قادر ،وتحولت كل فاشلة في حياتها الاسرية الى مغنية ،حتى كدنا نجزم بأن أعداد المتطفلات على مجال الغناء يفوق اعداد المستمعين والمشاهدين !!
ففي هذا الزمن “الفني ” الردئ ،لم نعد نطيق سماع ، الاصوات الصدئة التي تمطرق الاسماع عبر الفضاء الازرق من طرف عاهات اليوتوب اللواتي يتفنن فقط في نفخ الوجوه ،وتكبير المؤخرات ، ” رائدات ” في نسخ كلمات المسخ ،وطبعن مع القبح والعهر !!
كلمات وعبارات تحرض على الرذيلة ..
(فوجي. قبل ما تزوجي. وزهاي ولا تباتيشاي ) !!
(مك يا مك ضرب الشيشة وسبق منك )!!
(أعطيه العصير في الكاس لكبير ) !!
هذه النمادج من أنواع الغناء ،أو لنقل الصراخ المصاحب بهدير من الايقاعات “الشعبية” ،قد يهدم حاضر ومستقبل جيل بكامله ،ذلك أن أكثر الخسائر الفظيعة ،هي خسائر الطاقات البشرية التي تلوثها السخافة والميوعة والابتدال باسم “الفن والغناء ” !!
أعيدوا الى مؤسساتنا التعليمية – ان بقيت لنا مؤسسات تعليمية – أستاذ الموسيقى واستاذ الرسم كما كان سائدا خلال سنوات السبعينات والثمانينات ،لأن نهضة الشعوب والامم تتم ببناء الانسان عبر الذوق السليم والكلمة الرزينة الهادفة ، وأن كل كلمة معبرة ولحن جميل وصوت طروب ،أشياء حسية تعد بمثابة طاقة روحية تقوم بتنشيط قوى الحياة في نفسية الفرد ..
وكما قال الاديب (أورسولا لي جوين ) إن الغناء المعبر هو طريقة أخرى للتفكير السليم ، وربما التفكير في حد ذاته ما هو الا نوع آخر من الغناء الجميل )
التعليقات مغلقة.