“رقم خمسة ” في قصة “المعجزة ريان” .. ومبادرة ملك الفقراء الانسان – حدث كم

“رقم خمسة ” في قصة “المعجزة ريان” .. ومبادرة ملك الفقراء الانسان

“حدث” ومنذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش اسلافه الميامين، ان عمل على كسب قلوب المغاربة جمعاء، من الشمال الى الجنوب، ومن الشرق الى الغرب، حيث تفقد حفظه الله، عبر التراب الوطني، الدواوير، القرى،البوادي، الحواضر، الجبال، السهول، والصحاري..!. ووقف على كل ما يجري في كل شبر من ارجاء البلاد، حتى اصبح “عرشه” على “السيارة”، واضحى يطلق على جلالته ملك الفقراء.

وبعدما تمكن من مسح خريطة المغرب،  وخاصة في المجال الاجتماعي والثقافي ، نبه حفظه الله في غير ما مرة، وفي كل مناسبة من اوكلت لهم مهمة تدبير الشأن العام في البلاد، بان يتحلو بالضمير الوطني ويكونوا في مستوى الامانة الملقاة على عاتقهم، سواء بعد تعيينهم في مناصب المسؤولية من طرف جلالته ، او بعد انتخابهم من طرف الشعب .

وفي هذا الموضوع لا يمكن حصر كل التوجيهات الملكية لهؤلاء، ليكنوا في مستوى المسؤولية، في كل مناسبة، وعلى الاقل   اربعة او خمسة مرات في السنة للقيام بالواجب، اتجاه الوطن والمواطنين، والعمل بالتوجيهات الملكية والتذكير بها، وسبق ان قال في الذكرى 16 لاعتلاء جلالته العرش، على اثر جس نبض الشعب في الداخل والخارج ، وما تقوم به الحكومة والمنتخبون في تدبير الشأن العام: “أنني لا أريد أن أتكلم هنا عن المنجزات، ولا أهتم بالحصيلة والأرقام فقط، لأن كل ما تم إنجازه، على أهميته، يبقى غير كاف لبلادنا، ما دامت هناك فئة تعاني من ظروف الحياة القاسية، وتشعر بأنها مهمشة، رغم كل الجهود المبذولة، ورغم أن هذه الفئة في تناقص مستمر، فإنني حريص على أن يستفيد جميع المواطنين من خيرات الوطن”

مذكرا جلالته بما عاهد به الشعب المغربي منذ توليه العرش، بانه “سبواصل العمل إلى آخر رمق، من أجل اسعاد المغاربة وتحقيق طموح الشعب الذي ليس له حدود، فكل ما تعيشونه يهمني : ما يصيبكم يمسني، وما يسركم يسعدني. وما يشغلكم أضعه دائما في مقدمة انشغالاتي”.

كما وجه حفظه الله عدة انتقادات لمن يهمهم الامر، ليكونوا في مستوى ما يتطلع اليه جلالته ، وما يلاحظه من هفوات في بعض القطاعات التي يجب عليها ان تكون آهلة بالمسؤولية الملقاة على عاتقها، من خلال “الأوضاع الصعبة التي يعيشها بعض المواطنين في المناطق البعيدة والمعزولة،  وخاصة بقمم الأطلس والريف، والمناطق الصحراوية والجافة والواحات، وببعض القرى في السهول والسواحل”.

وهذا ما جعل ملك الفقراء، واب الامة،  يتابع عن كثب مأساة الطفل ريان، الذي سقط في بئر عشوائي، بقرية منسية من طرف المنتخبين، والمسؤولين على تدبير شؤون الفقراء  بالاخص، ما عدا في مواسيم الانتخابية فقط لا غير، حيث غابوا عن الحضور في عملية الانقاذ التي تجند لها الجميع ، الوقاية المدنية، الدرك الملكي، القوات المساعدة، السلطات الترابية، المجتمع المدني، وسائل الاعلام الوطنية الجادة ، والدولية،  والرذيئة ـ مع الاسف ـ ما عدا المنتخبون الكبار، وبعض الوزراء المعنيون، (مع الاسف مرات عدة !)، وعلى اثر هذا الفراغ،  وبعد خمسة ايام بلياليها ونهارها من العمل الشاق بدون انقطاع لانقاذ الطفل من البئر، لكن قدر الله ما شاء فعل، بادر امير المؤمنين حفظه الله الى الاتصال شخصيا بوالدي ريان، اللذان نسيا المأساة حينها، بعدما سمعا صوت ملك انسان، وهو يوجه لهما التعزية  مشمولة بعطف ابوي ومولوي كريم .

كما عبر جلالته ايضا بهذه المناسبة الاليمة، عن تقديره للجهود الدؤوبة التي بذلتها مختلف السلطات والقوات العمومية، والفعاليات الجمعوية، وللتضامن القوي، والتعاطف الواسع، الذي حظيت به أسرة الفقيد، من مختلف الفئات والأسر المغربية، في هذا الظرف الأليم.

وبالرجوع الى “الطفل المعجزة ” ريان، الذي وحد تعاطف الاديان، وكسب حبا انسانيا من شعوب دول القارات الخمس،  لم يسبق له مثيل من خلال احياء القيم الانسانية، ويجعل التاريخ مجبرا على كتابة “قصة” ريان ظاهرة القرن،  بمداد من  ذهب يؤرخ لحياته ولاسرته ولمسقط رأسه “دوار اغران ” المنسي باقليم شفشاون ، المتواجد على قرون سلسلة جبال الريف، الذي صنعه الطفل ريان في خمسة ايام،  وعمره خمسة اعوام ـ وسبحان الله للصدف ـ قضى نحبة في اليوم الخامس من الشهر !، من داخل قعر “بئر” ، عجزت جميع الوسائل المتاحة انقاذه حيا ، والمتطوعون الشباب، اضافة الى الخبير في الحفر اليدوي البطل  “ابا علي” الرجل الشهم، والذي سيصبح بدوره من ضمن صفحات التاريخ، اسوة “بالفيديوهات” والمقالات الصحفية ، التي تطرقت الى الحدث / المأساة، في جميع المنابر الاعلامية الورقية والالكترونية،  الوطنية والدولية، اضافة الى وسائل التواصل الاجتماعي، والصفحات الفايسبوكية،  بدون انقطاع  طوال المدة الى غاية كتابة هذا الموضوع ، الذي يصادف يوم تشييع جثمان الطفل ريان الى مثواه الاخير، يومه الاثنين 7 فبراير 2022، والتي لم يشهد لها مثيل ، في هكذا حوادث في عدة جهات ودول، لكن الفرق هي المعجزة الربانية التي جعلت من ريان طفل العالم اجمع، ودرسا في التلاحم بين جميع المغاربة من طنجة الى الكويرة، حيث واكب “معاناة ريان” في الجب،  الاف المواطنين ليل نهار، رغم قساوة صقيع الليل في تلك الجبال التي لا توجد به لا مقاهي ولا فنادق ولا… !

وبلا شك ايضا وهو يغادرنا مع يوم فتح الحدود لاحياء صلة الرحم مع العالقين ومغاربة العالم، ستكون مأساة ريان وروح ريان، فاتحة خير على اسرته وقريته والاقليم ككل، ووسيلة لرد الاعتبار للقرى المهمشة على مستوى الجهة،  والتي لا تتوفر بعض دواويرها على ابسط ظروف العيش وخاصة منها الماء، كما حصل لاسرته الصغيرة والتي اودت بحياة ريان بعد سقوطه في البئر الجاف والمهجور،  حيث كانت روحه الطاهرة درسا وعبرة لمن لا يعتبر، وخاصة بعد التدخل الملكي الانساني السامي.

 لكن يوجد دائما من يفسد الحكاية، كما يقال ، فقد اغتنم  بعض الانتهازيين وعديمي الضمير المهني والانساني، الفرصة المؤلمة لترويج ونشر المغالطات ، اضافة الى فتح ابواقهم لمن هب ودب لقول أي شئْ ، ولو على حساب القيم الانسانية والوطن ، من اجل المتاجرة بـ”الادسنس”، والدوس على الخبر المقدس والمهنة النبيلة، وهذا الموضوع اثار انتباه المجلس الوصي والنقابة والنادي، في انتظار المساءلة اذا كانت هناك الروح الوطنية بالفعل،  للحفاظ على سلطة كانت تسمى السلطة الرابعة !.

ومن بعض الممارسات ايضا عرى عليها “ريان المعجزة” هي مواقف بعض جمعيات المجتمع المدني التي تقول بانها تعنى “بشؤون الطفل”، اضافة الى ما سبق ذكره عن المسؤولين السياسيين والحكوميين.

وهذا غيض من فيض،  مما يمكن الاشارة اليه في هذه المناسبة الاليمة، ومن خلال قصة “ريان والجب”،  التي اخرجت العالم عن صمته،  واحرج  جميع المعتقدات في مجال التسامح والاخاء ، فرحم الله فقيد جبال الريف، وتعازينا لاسرته وللمغاربة جمعاء في كل بقاع العالم، واتمنى ان يطلق على قرن جبل اغران “جبل ريان”.

 وهذا ما حدث، وفي انتظار ما سيحدث.. ! اقول: “لو لم يكن الملك، ما عسانا ان نكون !؟.

 حدث

التعليقات مغلقة.