الباحث في علم الاجتماع حسن قرنفل.. ورواد شبكات التواصل الاجتماعي | حدث كم

الباحث في علم الاجتماع حسن قرنفل.. ورواد شبكات التواصل الاجتماعي

08/02/2022

 أجرى الحوار: عبد الحكيم خيران: باتت شبكات التواصل الاجتماعي تشكل فضاء عموميا للتعبير عن الآراء بشأن شتى القضايا، وتستقطب مختلف الأعمار والمشارب، غير أن استخدامها ينطوي على جملة من الظواهر السلبية التي تستلزم وضع إطار قانوني ينظم هذه الشبكات ويحد من سوء استخدامها.
في الحوار التالي، يقارب الباحث في علم الاجتماع حسن قرنفل جملة من الأسئلة والإشكالات المرتبطة باستخدام هذه الشبكات.

يلاح ظ تنوع وتعدد مشارب وخلفيات رواد شبكات التواصل الاجتماعي. هل يمكن الحديث عن رأي عام رقمي؟

بالفعل هناك تنوع وتعدد في خلفيات رواد شبكات التواصل الاجتماعي، إن على صعيد فئات السن أو المستوى المعرفي أو المهني أو الأوساط الاجتماعية … فقد باتت هذه الشبكات ملجأ للجميع للتعبير بكل حرية، وتتيح عرض وجهات النظر بشأن كل القضايا الوطنية والدولية والثقافية والرياضية وغيرها بدون أي حرج، لأن الميزة الأساسية لشبكات التواصل الاجتماعي هي “المجهولية” النسبية التي يتمتع بها الأشخاص، إذ بإمكان أي شخص أن يفتح حسابا بكامل الحرية أو ينتحل صفة ليست صفته الحقيقية أو يضع اسما غير اسمه الحقيقي، ما يجعله يشعر بالحرية في طرح مواقفه وآرائه دون اعتبار لكل ما يمكن أن يحد من حريته في التعبير.
وهذا الأمر يطرح تحديا كبيرا، وفي نفس الوقت يشك ل ما يمكن تسميته فعلا رأيا عاما رقميا ت ستمد منه توجهات الرأي العام الوطني فيما يخص القضايا المطروحة.

كثيرا ما تبدو ردود أفعال رواد شبكات التواصل الاجتماعي متأثرة بحالة المزاج أو الانفعال التي يعيشها الشخص في تلك اللحظة، بدل النقاش الواعي والهادئ. كيف تفسرون هذه الظاهرة؟

صحيح أن ردود أفعال رواد مواقع التواصل الاجتماعي يغلب عليها الطابع الانفعالي، بحيث إن هاجسهم الأول هو السبق وخلق ما يسمى بــ “البوز” من خلال امتلاك السبق في التعليق على مختلف الأحداث، وهذه الرغبة في السبق تجعل رواد شبكات التواصل الاجتماعي أحيانا لا يعطون كبير أهمية لتحليل الواقعة التي يريدون التعليق عليها تحليلا عقلانيا وموضوعيا، بل تكون تحليلاتهم -إن تحدثنا عن تحليلات- مجرد انطباعات ذاتية وليدة اللحظة سرعان ما تظهر بدلها آراء وتحليلات أخرى بفعل تطور الأحداث.
ومن ثم لا يمكن أن نقول إن وسائل التواصل الاجتماعي تسهم في إغناء النقاش وتعميقه، بل إنها تسهم في تعميم النقاش وتعطي الكلمة لأكبر عدد من الأشخاص ليدلوا بدلوهم في القضايا المطروحة، دون أن يضمن ذلك جودة الرأي وجودة التحليل والنقاش مع الأسف …

 أجلت الحكومة السابقة أشغال اللجنة الوزارية بشأن مشروع القانون 22.20 المتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح. برأيكم هل جاء هذا التأجيل تحت ضغط الانتقادات التي قوبل بها مشروع القانون، أم تتوقعون نفض الغبار عنه مستقبلا؟


لقد أبدت الحكومة السابقة نوعا من التريث فيما يخص القانون الذي كان الجميع ينتظره بشأن شبكات التواصل الاجتماعي، لأن بعض مضامين الصيغة الأولى من القانون التي س ربت إلى الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي اشت م منها نوع من المس بالحريات العامة، وارتفعت كثير من الأصوات تنتقد مضمون القانون، دون أن يكون ذلك مصحوبا بحوار عميق وحقيقي حول الموضوع.
وفي رأيي أنه من السابق لأوانه وضع قانون شامل وجامع للتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي لأن هذه المواقع وطرق اشتغالها تشهد تطورا كبيرا ومتسارعا، بحيث يستحدث العاملون في المجال كل يوم أدوات وآليات وتطبيقات تتيح إمكانيات وقدرات جديدة للتفاعل، وبالتالي سيكون من السابق لأوانه أن نتحدث عن قانون يحيط بكل هذه الجوانب، وأعتقد أن التريث في هذا الشأن أمر أساسي.
إلا أن ما يجب التشديد عليه هو أن ضبط مواقع التواصل الاجتماعي والحد من آثارها السلبية فيما يخص المس بسمعة الآخرين، سواء تعلق الأمر بالأفراد الذاتيين أو المؤسسات أو الدول أو الحكومات أو الجماعات، يجب ألا يمس بالحريات العامة، ويجب أن يكفل القانون المنتظر تحقيق نوع من التكافؤ بين ضمان الحريات العامة والتعبير الحر وبين عدم المس بسمعة الآخرين وانتهاك حياتهم الخاصة والتشهير بهم وغير ذلك.
لذلك أعتقد أن التريث في إخراج هذا القانون مسألة إيجابية ريثما تجتمع كل العناصر الأساسية وتتوافر الظروف المناسبة لإخراج نص مقبول وسليم يضبط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي.

هل يمكن اعتبار مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي “دبلوماسية شعبية” تنافح عن قضايا الوطن وثوابته في مواجهة الحرب الإعلامية التي يشنها خصوم المملكة؟

لا شك في أن رواد شبكات التواصل الاجتماعي يضطلعون بدور إيجابي في الدفاع عن قضايا البلاد ومصالحها العليا والتصدي لكل الإشاعات التي يروجها الخصوم، سواء تعلق الأمر بالقضية الوطنية الأولى أو بالمشاريع الاستراتيجية الكبرى للدولة.
والواقع أن تعليقات وتدوينات رواد شبكات التواصل الاجتماعي ت ظهر قدرا كبيرا من الوطنية والحماسة، بحيث تكون ردود الفعل قوية وعفوية بمجرد ما تصدر عن الخصوم أي إشارات من شأنها أن تمس بمؤسسات البلاد أو رموزها أو مكتسباتها على مختلف الأصعدة.

حدث/ماب

التعليقات مغلقة.