نادية أبرام /ومع/ :ما إن تم الاعلان في دجنبر 2010 ، عن فوز قطر باحتضان منافسات بطولة كأس العالم في كرة القدم لسنة 2022 ، حتى أطلقت البلاد أوراشا للتشييد ، وإعداد بنية تحتية رياضية تليق بهذا العرس الكروي الضخم ، الذي ينظم لأول مرة في تاريخ اللعبة بدولة عربية.
واختارت قطر ، من أجل تنظيم بطولة مميزة للساحرة المستديرة، ما بين 21 نونبر و18 دجنبر المقبلين ، أن تخرج عن المألوف في البطولات السابقة ، فوضعت هندسة استثنائية ، لكل الملاعب التي ستقام على أرضياتها منافسات الكأس ، مستلهمة تصاميمها من ثقافة المجتمع القطري ومن التراث العربي الأصيل ، مع تجهيزها بتقنيات حديثة توفر الراحة والمتعة للمشجعين.
ثمانية ملاعب جهزتها قطر في وقت قياسي ، قبل حتى الموعد المحدد من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا ” ، لتدخل بها التاريخ وتسجل لحظات مضيئة من أطوار هذه البطولة الكبيرة ، وهي ملاعب ، “خليفة الدولي” ، و” لوسيل” ، و”البيت ” ، و”المدينة التعليمية” ، و”الوكرة “، و”الريان “، و” 974 ” ، و”الثمامة” ، وجعلت لكل ملعب حكاية تؤلف بين الماضي والحاضر .
فملعب “خليفة الدولي” ، يعتبر الأقدم في قطر ، أقيم في الدوحة منذ 1976، لكن أعيد تجديده بالكامل ، وتم توسيعه وتغيير واجهته الخارجية، ليكون في مستوى الحدث ، فأصبحت طاقته الاستيعابية تبلغ 40 ألف مشجع بعد إضافة نحو 12 ألف مقعد ، ورشح لاستضافة ثماني مباريات منها مباراة تحديد المركز الثالث.
يتميز هذا الملعب ، الذي كان جاهزا منذ 2017 ، بتصميم عصري ، ويعلو سقفه قوسان يرمزان إلى الاستمرارية ، فيما مدرجاته محمية من عوامل الطقس المتقلبة ، من خلال مظلة تلف جوانبه ، إضافة إلى توفره على تقنيات تبريد متطورة تتحكم في درجات الحرارة .
ملعب ” لوسيل” ، هو ملعب سمي على المدينة التي شيد فيها، يستوعب أكبر عدد من الجماهير ، بسعة تبلغ 80 ألف مشجع ، ومخطط له أن يستضيف مباراتي الافتتاح والنهائي .
استوحي الملعب تصميمه من تداخل الضوء والظل ، الذي يميز الفنار العربي التقليدي أو الفانوس ، فيما يعكس هيكله وواجهته، نقوشا دقيقة على أوعية وأواني تستعمل في الطعام في كل أنحاء العالم العربي ، وتوجد نماذج منها أيضا في متاحف وقاعات عرض فنية في مختلف أنحاء العالم.
بالنسبة لملعب ” البيت “، الذي يتموقع بالساحل الشرقي لمدينة الخور ،الواقعة على بعد 50 كيلومترا عن الدوحة ، فهو ملعب يحاكي تصميمه الهندسي “بيت الشعر العربي “، أو “الخيمة” العربية بألوانها المزركشة ، وهي جزء من التراث العربي الذي يقاوم الانقراض .
تم ترشيح ملعب ” الخيمة ” ، الذي يميزه سقف قابل للفتح والإغلاق ، ويتسع لنحو 60 ألف مشجع ، لاستضافة مباريات الدور نصف النهائي ، وتقرر تفكيك مقاعد الجزء العلوي من مدرجاته ، بعد انتهاء البطولة ، وتقديمها لدولة نامية من أجل إنشاء ملاعب .
أما ملعب “المدينة التعليمية ” بالدوحة ، الذي يعرف أيضا باسم ” جوهرة الصحراء ” ، والجاهز منذ 2020 ، ويقع في قلب مؤسسة قطر ، راعية التعليم والفكر والمعرفة والبحث العلمي والإبداع ، فاستلهم تصميمه من العمارة الإسلامية الغنية بأشكالها الهندسية ، حيث زينت واجهته بمثلثات تعكس نماذج هندسية ماسية الشكل، يتغير لونها حسب زاوية نزول أشعة الشمس عليها.
وتبلغ الطاقة الاستيعابية للملعب الذي تقرر أن يستضيف مباريات دور ربع النهائي ، 40 ألف مشجع، وستخفض إلى النصف بعد انتهاء البطولة ، للتبرع بعشرين ألف مقعد .
وبخصوص ملعب ” الوكرة “، الذي سيحتضن مباريات حتى الدور ربع النهائي ،والذي شيد بالوكرة الساحلية المحاذية للدوحة ، ويحمل توقيع المصممة المعمارية العراقية الراحلة زها حديد،فقد بني من أشرعة المراكب التقليدية التي حملت الصيادين والغواصين القطريين للبحث في عرض البحر عن السمك واللؤلؤ ، ويعكس شكله ،الموج المستوحى من الطبيعة البحرية للمدينة ، فكان أول ملعب يحصل من البرنامج العالمي “جي ساس” ، على شهادة من فئة خمس نجوم في مجال الاستدامة على التصميم والبناء ، بفضل استخدام مواد تراعي صحة الأفراد وتحافظ على البيئة، وإضاءة توفر الطاقة ، إضافة إلى وضع منظومة للري متطورة تمكن من استهلاك الحد الأدنى من المياه لري المساحات الخضراء .
ويمتاز الملعب الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 40 ألف مشجع، بسقف قابل للطي بطول 92 مترا للتخفيف من حدة أشعة الشمس، وبمستشعرات ثاني أكسيد الكربون في المساحات عالية الكثافة لضمان التهوية وجودة الهواء داخل فضائه .
أما ملعب “الريان “، فيقع في مدينة الريان العريقة ، ويستوعب هو الآخر 40 ألف مشجع ، واستلهم تصميمه المبهر من الثراث القطري المحلي ، حيث يأخذ شكل الكثبان الرملية ، في دلالة على الطابع الصحراوي الممتد غربي قطر ، ويحكي عبر نقوش تراثية تؤلف الواجهة الموحدة للملعب تاريخ قطر وحوانب من الحياة الثقافية .
وتضفي النقوش على الملعب الذي ينسجم مع الطبيعة الجغرافية لقطر ، جمالية على هذه التحفة المعمارية التي تجسد ماضي قطر وحاضرها ومستقبلها ، وترابطها الأسري ، وجمال الحياة الصحراوية ، والنباتات والحيوانات المحلية وغيرها ، فحاز على ثلاث شهادات مهمة في استدامة التصميم والبناء.
بالنسبة لملعب ” 974 ” الذي شيد في قطر ، فتسميته تمثل رمز الاتصال الدولي الخاص بقطر ، وإلى عدد حاويات الشحن البحري المستخدمة في بنائه ، باعتماد معايير جديدة في استدامة البطولات والتظاهرات الكبرى.
وسيحتضن الملعب الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 40 ألف مشجع ، سبع مباريات خلال البطولة حتى دور الستة عشر، بالإضافة إلى مباراة تحديد المركز الثالث ، وبعد انتهاء البطولة سيتم تفكيكه بالكامل، وإعادة استخدام أجزائه في مشاريع رياضية وغير رياضية .
اما ملعب ” الثمامة ” ،الذي بني وسط منطقة خضراء جنوب الدوحة ، فيعد أيقونة فريدة تحتفي بالثقافة القطرية والعربية، وتعكس جمالية فن العمارة العربي ، ويحاكي تصميم الملعب الدائري شكل “القحفية ” أو”الطقية” ، التي تعتبر جزء من اللباس التقليدي للرجال في جميع البلدان العربية.
وتضم المنطقة المحيطة بالملعب الذي تبلغ سعته 40 ألف مشجع ، وسيستضيف ثماني مباريات من دور المجموعات حتى مرحلة الدور ربع النهائي، العديد من المرافق الرياضية ، كملاعب لكرة السلة، وكرة اليد، ووالكرة الطائرة، وحوض سباحة.
التعليقات مغلقة.