ذ.عبد حميد توفيق: ترددت كثيرا قبل أن أقرر كتابة هذا المقال، كما أحسست ببعض الحرج الناتج عن ثقافتنا التي تصعب علينا أحيانا انتقاد معارفنا أو أصدقائنا، لكن و بما أن الأمر يتعلق بسمعة و بمستقبل هذه المدينة التي تسكن جوارحنا فإنني استجمعت قواي في هذه اللحظة لأصرح بصوت عال و أندد بهذه الوضعية التي آلت إليها مدينة الحسيمة.
شوارع متسخة، أرصفة و جنبات الشوارع و الأزقة محتلة من طرف مختلف المحلات التجارية، نفايات متراكمة هنا و هناك ، انتشار فوضوي للباعة الجائلين، شواطئ غير منظمة بتاتا ، رمالها غزتها بالكامل الكراسي و الشمسيات كالفطر بحيث لا يجد المصطاف مكانا له ، روائح كريهة تزكم الأنفس في كل مكان، حركة جولان مختنقة، درجات نارية و سيارات ذات عوادم تم تعديلها لتصدر اكبر قدر من النهيق و التي تجول في شوارع المدينة خلال ساعات متأخرة من الليل، جدران العديد من البنايات و علامات المرور مشوهة بأوراق كتبت عليها عبارة ” شقق مفروشة للكراء”، ….الخ
كل هذه المؤشرات تدفعني إلى القول بأن موسم الاصطياف لهذه السنة هو أفشل موسم سياحي عرفته مدينة الحسيمة على الإطلاق،و هذا الفشل ما هو إلا انعكاس لفشل المجلس الجماعي الحالي في تسيير و تدبير الشأن العام المحلي و بالخصوص من يترأسه، و الذي أحمله كامل المسؤولية في ذلك.
السؤال الذي يحيرني هو ما هي الأسباب التي جعلت هذا المجلس غائب عن تدبير شؤون هذه المدينة، التي حابها الله بجمال قل نظيره، و تركها تتخبط في هذه الفوضى؟ هل عدم الكفاية و ضعف القدرة على التسيير ؟ أم غياب الغيرة الكافية على المدينة؟ أم أن المرجعية الثقافية البدوية لبعضهم تجعلهم يرون بأن الأمور عادية هكذا؟
لا يكفي أن نكون رائدا للفضاء أو مهندسا أو طبيبا لنتوفق في تدبير مجلس جماعي، و إنما نحتاج أولا و قبل كل شيئ للغيرة الصادقة على المجال أو القطاع الذي نسيره، ثم تأتي بعد ذلك الدراية الكافية بآلية التدبير و التسيير التي تمكن من صياغة مخطط إستراتيجي يترجم بعد ذلك إلى مخططات عمل دقيقة تمكننا من بلوغ الأهداف المسطرة سالفا، دون إغفال آليات التتبع و التقييم التي من شأنها أن تصحح كل اعوجاج تم رصده خلال تنفيذ مراحل المخطط الاستراتيجي.
التعليقات مغلقة.