كيف تحكم 70 سنة وتستمر محبة الناس إليك؟ .. (النموذج البريطاني) – حدث كم

كيف تحكم 70 سنة وتستمر محبة الناس إليك؟ .. (النموذج البريطاني)

د.الحسن عبيابة:  لقد تابع العالم وفاة الملك إليزابيث ملكة بريطانيا العظمى، كما تابع العالم مراسم وطقوس عملية تشييع جنازة الملكة اليزابيث لمدة عشرة أيام، إكتشف فيها العالم مملكة عريقة في التاريخ القديم والوسيط والحاضر، حيث إتخذت مراسيم التشييع والدفن شكلا من أشكال الحفل، لأن اللحظة تتطلب تشييع ملكة، وتعيين ملك جديد، لكن الملفت للإنتباه هو الحرص الشديد من المواطنين البريطانيين على متابعة كل التفاصيل حضوريا، كما تبين بأن الشعب البريطاني يحب ملكته ويحترمها وحزن لفراقها، وفي هذا الإطار تم تسجيل العديد من الملاحظات تعتبر غاية في الأهمية، وهي أن جميع الأجيال حاضرة للوداع وتحمل نفس الشعور ونفس الحمولة التاريخية والسياسية للحدث الجلل، من الصعب جدا أن تجد تفسيرا لطفل أو شاب حزين لرحيل ملكة لم يراها إلا سنوات قليلية، لكن التربية الوطنية بمفهومها  التاريخي للدولة حاضر بقوة عند الأباء والأجداد ، لأن التاريخ لاتحرصه القوانيين وإنما تحرضه التربية والتاريخ ، ويبقى ماهو السر الذي جعل من هذه الملكة تحب شعبها ويحبها لمدة 70 سنة، وهو رقم قياسي في الحكم، وهي الملكة الوحيدة التي عاصرت نهاية الحرب العالمية الثانية ، والحرب الباردة، والنظام الدولي الجديد، وظهور القطب الدولي الوحيد، وحروب  أقليمية متعددة، كما عاشت صراعات مع الأقاليم المختلفة التابعة لها، إلى أزمة الحرب الأكرانية الروسية، إنها إستثناء في الشخصية وإستثناء في تدبير الحكم، ويبدو أن بريطانيا عزلتها الجغرافية عن أوروبا، وعزلت نفسها بعد خروجها من الإتحاد الاوروبي، للحفاظ على مقوماتها التاريخية والحضارية التي كانت سببا في بقاء قوتها الإقليمية والدولية، كما أن الملكية البريطانية تعتبر نموذجا ديموقراطيا يجمع بين الماضي والحاضر، ولم يتأثر كثيرا بديموقراطية أوروبا المتحمسة التي أصبحت تبحث عن جلب الأصوات للحكم بدل جلب التنمية والإستقرار، كما يصل في بعض الدول الأوروبية التي فقدت ديموقراطية الإستقرار والتنمية، وتمسكت بديموقراطية الإبتزاز، مثل مايحصل في فرنسا، وفي غيرها من الدول الأوروبية، وبالعودة إلى النظام الملكي البريطاني نجد أن الملك الحالي في بريطانيا له لعديد من الصلاحيات المهمة جدا التي تعتبر هي أركان النظام السياسي في بريطانيا، حيث يتمتع الملك بمايلي:

. يتمتع ملك بريطانيا بدور أساسي بصفته رأس الدولة، حيث يُعد الملك رمزا للأمة والوحدة الوطنية والاستقرار.

. تعرف الملكية البريطانية بأنها ملكية دستورية، أي أن الملك هو رئيس الدولة ذو المنصب السيادي

. يعتبر ملك بريطانيا رئيسا للسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، بالإضافة إلى أنه القائد العام للقوات المسلحة، والحاكم الأعلى لكنيسة إنجلترا.

. ومن ضمن صلاحيات الملك الدعوة إلى إجراء الانتخابات العامة، وحل البرلمان واستدعائه للاجتماع.

. المصادقة على مشاريع القوانين التي يصدرها البرلمان والتوقيع عليها لكي تكتسب صفة النفاذ.

. ويمكن للملك رفض المصادقة على القوانين، وقد إستخدم هذا الحق عام 1708 في عهد الملكة

. ويعد الملك هو المسؤول عن تعيين رئيس الحكومة عقب أي انتخابات عامة أو في حالة استقالة سلفه لأي سبب.

. يحتفظ الملك بحق إعلان حالة الحرب،

. يمكن للملك إصدار عفو ملكي لتخفيف أحكام الإعدام.

. يُعد الملك فوق القانون ولا تمكن مقاضاته أبدا، كما لا تمكن محاسبته في القضايا المدنية.

. يعتبر الملك هو القائد العام للقوات المسلحة البريطانية، ويجب على كل أفراد القوات المسلحة أداء قسم الولاء للملك عند انضمامهم إلى صفوف تلك القوات، ويطلق عليهم (قوات صاحب الجلالة.

. تعيين الضباط في القوات المسلحة وطردهم من الخدمة، بالإضافة إلى تنظيم واستخدام القوات المسلحة

. يتمتع ملك بريطانيا بالمزيد من الامتيازات والصلاحيات، أبرزها حق منح ألقاب التكريم وبينها ألقاب الفرسان والنبلاء.

. يمكن للملك أيضا إصدار وسحب جوازات السفر،

. أن ملك بريطانيا لايحتاج إلى رخصة قيادة سيارة أو جواز سفر، رغم أن رُخص القيادة تصدر باسمه،

ومن خلال هذه الصلاحيات فإن ملك بريطانيا يسود ويحكم بتخويله صلاحيات أركان النظام السياسي العام الأساسية، كما أنه يحكم بالأعراف القانونية والسياسية التاريخية أكثر من القوانين  التي جعلت من بريطانيا دولة عظمى، وللإشارة فإن هناك ملكيات في أوروبا في كل من (إسبانيا وبلجيكا والنرويج والدنمارك والسويد وهولندا، )، حيث تعد بلدان هذه الملكيات من أرقى الدول إستقرارا وتنمية في العالم، في حين تعيش معظم الجمهوريات الأوروبية إضطرابا من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأن هاجس إنتخاب رؤساء هذه الدول، من حين لأخر لم يساعد على الإستقرار السياسي والإقتصادي، وتبقى بريطانيا عظمى بتاريخها وحضارتها وأعرافها وإستقرارها التي إستطاعت أن تحافظ على مكتسباتها في ظل نظام ملكي ضامن لحقوق الجميع، ونحن في المغرب كذلك نملك تاريخا عريقا جعل المملكة المغربية من بين أرقى  دول العالم التي تمد لقرون وجعلها شامخة بتاريخها المجيد، وبنظامها الملكي المتميز، الذي ضمن للشعب المغربي منذ قرون الأمن والأستقرار، رغم مناورات الإستعمار الفرنسي الذي نفى المغفور له محمد الخامس رحمه الله، وسيبقى الشعب المغربي متشبتا بثوابته الوطنيه وبنظامه الملكي عبر السنوات والعقود المقبلة، وهو الضامن الوحيد لمستقبل للأجيال المقبلة.

+وزير وناطق رسمي باسم الحكومة سابقا وأستاذ التعليم العالي

 

التعليقات مغلقة.