“حدث”، وان تطرقت في موضوع سابق إلى المسيرتين الخالدتين، اللتان عرفهما المغرب ما بعد الاستقلال، الاولى استرجعنا من خلالها الصحراء المغربية من ربقة الاستعمار الاسباني بـ 350 الف مغربية ومغربي، في عهد جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني والتي سجلت في التاريخ بعبقرية الملك والشعب، والثانية التي نعيشها الآن ويعيشها العالم الاسلامي، العربي والافريقي، في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ، الذي أعطى أهمية للرياضة المغربية كما هو الشأن لباقي المشاريع الكبرى، حيث انجز أحد أنجح المعاهد الكروية في العالم ألا و هو أكاديمية محمد السادس ، الذي اضحى يكَوِّن احسن اللاعبين ، و منهم من يشارك الان مع اسود الاطلس بقيادة وليد الركراكي في صنع التاريخ وتسجيله في الكتاب الذهبي لمغرب المعجزات الذي ابهر العالم، وذكرت بانه “من لا يعرف المغاربة لا يعرف المغرب”.
وهذا التاريخ اتمنى ان يَنظَم الى لائحة الاعياد الوطنية، التي تؤرخ لامجاد المغرب والمناسبات الوطنية، لتتذكرها الأجيال القادمة في كل يوم 10 دجنبر 2022 من كل سنة، لسببين اثنين : الاول ، ما ابدعه اسود الأطلس بقيادة وليد الركراكي، والثاني،ما قامت به دولة قطر الشقيقة التي استضافت لأول مرة منافسات كأس العالم في العالم العربي والاسلامي، وخصصت له ميزانية لم يسبق لها مثيل ، إضافة الى التنظيم المحكم ببصمة مغربية بما لها من تجربة مهنية محترفة بشهادة اعتى دول العالم .
وسر النجاح المغربي، يكمن في ثلاث ركائز اساسية: تمغربيت، بركة الوالدين، والذكاء الجماعي، الاولى لا جدال فيها للمغاربة، لانهم شعب لا يقهر ، وفريد من نوعة في كل شئ.. ! يختلف.. لكنه يلتف وراء جلالة الملك كلما دعا الى ذلك، ويصير جدارا صلبا للدفاع عن كل ما من شأنه ان يمس الوحدة الترابية، والنظام الملكي الذي يحمي الجميع بعد الله.
والثانية، بركة الوالدين: فالكثير من الجيل الحالي في العالم نسي بان “الجنة تحت اقدام الامهات”، وان سبب الوجود هي الام، وللتذكير بذلك ابى وليد الركراكي و فوزي لقجع إلا ان يصرّا على احضارالامهات في هذا العرس، لمساندة ابنائهن ليعطي للابناء قوة ما بعدها قوة، حينما يرى اللاعب والدته ووالده يصفقان له من المدرجات، وينتظر ان يحقق لهما وللوطن نتيجة النصر، ليعانقهما امام العالم.
وثالثة الاثافي، عبقرية العمل الجماعي لوليد الركراكي، الذي اعتمد في قيادته للاسود على “النية”، التواضع، و”القتال” على الراية المغربية، لتكون خفاقة في سماء قطر الشقيقة اولا، والكرة الارضية التي تستوعب حوالي ثماني مليار انسانة وانسان، الامر الذي جعل الجميع شخص واحد ، لا احد فوق الاخر في الفرص والنجومية، بل الكل سواسية امام صورة المغرب وقوة المغاربة.
وهذه الخصوصيات، وروح المسيرة الكروية التي يمتاز بها اسود الاطلس، ومن خلالهم الشعب المغربي، ساهمت بشكل كبير ايضا في انجاح “مونديال قطر2022” الذي تعرض في البداية لهجوم اعلامي من المناوئين و الحاقدين على دولة قطر الشقيقة، من اجل افشال هذا المشروع العربي الخليجي الاسلامي، لكن ذلك تحول الى عرس عالمي بعدما سطع نجم المنتخب المغربي في ملاعب الدوحة والمشجعين المغاربة الذين قطعوا مسافات طويلة من بقاع العالم ، سهروا الليالي وصرفوا اموالا طائلة من اجل تشجيع المنتخب المغربي واعطاء رونق فريد لهذا العرس القطري، الذي “رقص” فيه الاميرات والامراء، وهتف الجميع بصوت واحد “المغرب.. المغرب.. المغرب” سير.. سير .. سير ياوليد.
وفي انتظار القادم من الايام، اقول : “المنتخب المغربي تحول الى قمر في سماء قطر”، واتمنى ان يؤرخ له التاريخ يوما وطنيا او عيدا من الاعياد ، في كل من المغرب وقطر، ومعهما العالم العربي والاسلامي والافريقي.
وهذا ما حدث، وفي انتظار “الكأس” ، اقول مرة اخرى من لا يعرف المغاربة لا يعرف المغرب، مبروك لجلالة الملك ولأبناء هذا الوطن.
التعليقات مغلقة.