بأغلبية ستة أصوات مقابل خمسة، قررت المحكمة الدستورية الإسبانية تعليق البث في تعديلات تشريعية كانت الحكومة تسعى بموجبها إلى تسريع تجديد المؤسسة القضائية.
هذا القرار، الذي اتخذ بعد استئناف تقدم به الحزب الشعبي، حزب المعارضة الرئيسي، يعني أن الإصلاح المقترح من قبل المجلس العام للسلطة القضائية، وبالتالي للمحكمة الدستورية، المجمد منذ سنة 2018، والذي كان من المقرر التصويت عليه يوم الخميس الماضي بمجلس الشيوخ، سيتم تعليقه، لكن ذلك لا يعني أن المواجهة المؤسساتية قد اقتربت من نهايتها.
- ما الذي تريد الحكومة الائتلافية إصلاحه ؟
يتمثل الهدف الرئيسي من هذا التغيير التشريعي، المجمد الآن، في فرض تجديد أربعة من قضاة المحكمة الدستورية الاثني عشر الذين انتهت ولايتهم منذ شهر يونيو الماضي، لأنه بهذه الطريقة ستتمكن الحكومة اليسارية من قلب تركيبة المحكمة الدستورية المحافظة وفرض أغلبية تقدمية داخلها، بحيث يعود أمر تعيين اثنين من هؤلاء القضاة إلى المجلس العام للقضاء، فيما يعود أمر تعيين العضوين الآخرين إلى الحكومة نفسها.
وفي الحالة الأولى، يضع الإصلاح حدا لضرورة حصول المرشحين لعضوية المجلس العام للسلطة القضائية على دعم ثلاثة أخماس الأعضاء ويسرع من عملية التعيين، ما يمنع المحافظين من عرقلة تعيينهم.
أما في الحالة الثانية، فيهدف الإصلاح إلى تحرر الحكومة من انتظار تعيينات المجلس العام للسلطة القضائية قبل أن تعمل على اقتراح الأعضاء الذين يعود إليها دستوريا أمر تعيينهم، كما أنه يلغي شرط موافقة أعضاء المحكمة الدستورية الحاليين على الأعضاء الجدد حتى يتم تعيينهم.
- ما هو موقف الحزب الشعبي ؟
يوم الأربعاء الماضي، تقدم الحزب الشعبي باستئناف للحصول على الحماية القانونية في محاولة منه لوقف الإصلاح الذي ترغب فيه الحكومة. ويطالب الحزب بحجب المادة التي تتضمن هذا التعديل، والتي توجد قيد المناقشة أمام مجلس الشيوخ، بدعوى أنها دمجت إصلاح النظام القضائي مع إصلاحات أخرى، وخاصة تلك التي تتعلق بجرائم التحريض على الفتنة والاختلاس، والتي يعتبر الحزب أن لها هدفا مختلفا تماما.
ومن خلال تقديم المبادرة، في شكل مقترح قانون وليس كمشروع قانون، أي من خلال مجموعتيها البرلمانيتين، تجنبت الحكومة أيضا طلب تقارير المجلس العام للقضاء، ومجلس المدعي العام ومجلس الدولة. ويعتبر الحزب الشعبي هذه الطريقة المستعجلة في التشريع غير دستورية، ولذلك طلب من المحكمة الدستورية تعليق البث في التعديلات المذكورة، وذلك كإجراء احترازي، الأمر الذي وافقت عليه المحكمة.
- ماذا تقول المحكمة الدستورية ؟
حاولت الكتلة التقدمية منع قبول طعن الحزب الشعبي لكي تتجنب إمكانية فحصه، لكن حججها قوبلت بالرفض، وبالتالي، منحت المحكمة الدستورية، التي يعد رئيسها من بين القضاة الأربعة المحافظين الذين انتهت ولايتهم، إجراء الحماية الذي طلبه الحزب الشعبي، وعملت على تجميد الإصلاح قبل وصوله إلى مجلس الشيوخ، حيث صوت الأعضاء المحافظون الستة لصالحها، بينما صوت الأعضاء التقدميون الخمسة ضدها.
وبالنسبة للكتلة المحافظة بالمحكمة الدستورية، فإن هذا التعديل التشريعي الذي تتوخاه الحكومة من شأنه أن يضر بحق الحزب الشعبي في ممارسة ولاية تمثيلية، وبالتالي يجب إيقافه قبل دخوله حيز التنفيذ.
- ما هي السيناريوهات المحتملة ؟
لقد أوضحت الحكومة بشكل صريح أنها ستمتثل لقرار المحكمة الدستورية، وهذا الالتزام يفتح الباب أمام طريقين :
يتمثل الأول في محاولة التمسك بالإصلاح من خلال تقديم مقترح جديد لن يتخذ شكلا تشريعيا، أي من خلال اتباع مسطرة لا تظهر أية علامة على عدم الدستورية. أما الثاني، فيكمن في خوض المعركة أمام المحكمة الدستورية نفسها. فأمام الحكومة وأطراف أخرى، بما في ذلك الأحزاب السياسية، عشرة أيام لتقديم اعتراضات وطعون حول تعليق الإصلاح.
وإذا ما فشلوا في ذلك، فسيظل التغيير التشريعي مجمدا إلى حين أن تتم دراسة القضية بعمق والإعلان عن الموقف النهائي منها، وهو الأمر الذي قد يستغرق عدة أشهر.
و.م.ع/ح.ك
التعليقات مغلقة.