مجموعات الصداقة مقابل المجموعات المشتركة بالبرلمان الأوروبي.. إصلاح بمعايير مزدوجة ؟ | حدث كم

مجموعات الصداقة مقابل المجموعات المشتركة بالبرلمان الأوروبي.. إصلاح بمعايير مزدوجة ؟

16/02/2023

اجتمع قادة المجموعات السياسية بالبرلمان الأوروبي مؤخرا في بروكسيل، بشأن خطة الإصلاح العاجلة للغاية، المعلن عنها بحماسة في سياق الأزمة المؤسساتية العميقة التي تهز أركان المؤسسة التشريعية الأوروبية. والأمر كان يتعلق هنا بكل شيء: إعلانات رنانة، أنصاف الإجراءات، أماني تقية ونوايا حسنة ستمتلك القدرة على جعل الثوب أبيض من البياض، ولكن أيضا بعث التحذيرات وعبارات التخويف التي تكاد تكون مستترة لجهات أجنبية تهدد -بحسب ما تردد- استقلالية عمل البرلمانيين الأوروبيين.
ووسط هذه الجلبة، التي تشبه إلى حد كبير أحد طقوس العلاج الجماعي التي تهدف إلى إرضاء نزوة عابرة تتعلق بالنزاهة والشفافية لدى النواب الأوروبيين الشرفاء للغاية، تستحق بعض التدابير التوقف عندها.
وهنا، فإن الأمر يتعلق خصوصا بحظر مجموعات الصداقة مع دول أجنبية، التي يوجد معها بحسب الاصطلاح المعقد للبرلمان الأوروبي، محاورون برلمانيون رسميون، ما قد يؤدي إلى حدوث نوع من الالتباس.
والجدير بالتذكير أن مجموعات الصداقة هي قنوات غير رسمية للحوار والتبادل بين البرلمان الأوروبي وبلدان أجنبية، والتي تعمل بكامل الشرعية والشفافية. غير أنه في سياق الضجة السياسوية الحالية، أضحت مجموعة الصداقة كيانا مشبوها، أو نوعا من التنظيمات السرية حيث يتم حبك المخططات ضد ما يسمى بـ “صرح الديمقراطية الأوروبي”.
فلنسلم بأن الأمر كذلك. هل من المنطقي استهداف مجموعات صداقة، أعضاؤ ها معروفون وذات أنشطة عمومية، بالموازاة مع الاستمرار في فرش السجادة الحمراء لكيانات مشبوهة أخرى تنتشر في العاصمة الأوروبية ؟، وماذا عن هذا الكيان المسمى مجموعة “الصحراء الغربية” الذي ينشط في أروقة البرلمان الأوروبي بهدف الترويج للطرح الانفصالي وبث الكراهية ضد المغرب ؟.
في الواقع، لا يهم المضمون ما دام الشكل موجودا. فعلى بعد سنة من الانتخابات الأوروبية، ما يهم هي التدابير التي تحشد الأصوات وتجذب الأنظار من خلال رمزيتها ووقعها الإعلاني. فلنمر، لقد أضحى الوضوح عملة نادرة !.
إلى جانب ذلك، يكرر رؤساء المجموعات بالبرلمان الأوروبي بصوت عال وواضح أن النهج الذي سيحكم إصلاح مؤسستهم سيكون شاملا. وترجمة ذلك: أنهم عازمون على مهاجمة أي بنية من شأنها أن ترخي بظلال من الشك على نزاهة واستقلالية ومسؤولية البرلمان. ماذا إذن !.
لذا امتثالا لهاجس التناسق، تماما مثل مجموعات الصداقة، يتعين أيضا على نحو منطقي حظر المجموعات المشتركة ؟
لا ! ليس المجموعات المشتركة. الأمر يتعلق هنا بـ “بنية مختلفة. إنشاؤها يتم اعتماده عند مستهل الولاية التشريعية”، هكذا أجاب على سؤال لوكالة المغرب العربي للأنباء متحدث باسم البرلمان الأوروبي. لقد ع لم !.
غير أن المجموعات المشتركة هي أيضا مكان للتبادل غير الرسمي لوجهات النظر حول قضايا معينة، ولتعزيز الاتصال بين أعضاء البرلمان الأوروبي والمجتمع المدني.
فبحسب المادة 35 من النظام الداخلي للبرلمان الأوروبي، لا يجوز للمجموعات المشتركة القيام بأنشطة قد تؤدي إلى الخلط مع الأنشطة الرسمية للبرلمان الأوروبي وهيئاته أو “من شأنها التأثير على العلاقات مع مؤسسات الاتحاد الأخرى أو العلاقات مع دول أجنبية”. حسنا ! لكن ما الذي تفعله مجموعة “الصحراء الغربية” إن لم يكن سوى القيام بأعمال تؤثر على علاقات البرلمان الأوروبي مع المغرب “الشريك المفضل بالنسبة للاتحاد الأوروبي”.
هذا الكيان الشبحي، شأنه شأن السبب الذي أنشأ من أجله، ينشط في عمليات الضغط المعادية للمغرب بتحريض من النظام الجزائري، الذي يعمل على توظيفه متى شاء لتنفيذ خططه للتدخل في البرلمان الأوروبي. دون أن يجد أعضاء البرلمان الأوروبي خللا في ذلك ! أمر يفتقد للتناغم، أليس كذلك ؟.
ففي منتصف يناير، شارك أعضاء بهذه المجموعة المشتركة الممولة من طرف الجزائر، بما في ذلك المناهض للرأسمالية الم ترف ميغيل أوربان وشيركته آنا ميراندا في ما يسمى بـ “مؤتمر البوليساريو”. وبعد دعوتهم لهذا التجمع مع تحمل جميع النفقات من قبل الجزائر، سافروا أياما بعد ذلك إلى ستراسبورغ، حيث شاركوا بتعليمات من الضباط الجزائريين الذين يتعاملون معهم، في ضوضاء مؤسساتية ن سجت خيوطها بشكل مثير للسخرية ضد المغرب، والتي أفضت إلى اعتماد قرار معادي للمملكة. وسيرا على نفس النهج، استقبلت هذه المجموعة المشتركة داخل البرلمان الأوروبي هذه “المدافعة الشهيرة عن حقوق الإنسان”، العدائية والقديسة المحصنة سلطانة خيا. هل تتحدثون عن التدخل ؟.

 ح/م

التعليقات مغلقة.