بتصويت البرلمان الأوروبي، يوم الثلاثاء الماضي، على مشروع قانون يحظر بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالوقود في جميع بلدان التكتل ابتداء من العام 2035، يكون الاتحاد الأوروبي قد دق آخر مسمار في نعش المركبات ذات محرك الاحتراق الداخلي وأفسح المجال م شرعا أمام اكتساح السيارة الكهربائية.
فمع اعتماد هذا القانون، الذي يشكل جزءا من حزمة المناخ الأوروبية “Fit for 55″، الرامية إلى خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الاتحاد الأوروبي بنسبة 55 في المائة على الأقل بحلول العام 2030 مقارنة بسنة 1990، أضحت السيارة ذات المحرك الحراري ت ع د سنواتها الأخيرة قبل أن تصير “أثرا بعد عين”.
ويعتبر هذا القرار بمثابة وقف فعلي لمبيعات السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل في عموم الاتحاد الأوروبي عند التاريخ المذكور، بالإضافة إلى السيارات الهجينة (بنزين-كهرباء)، في مقابل السيارات الكهربائية بنسبة 100 في المائة.
هذا القانون الجريء، الذي اقترحته المفوضية الأوروبية في يوليوز 2021، كان قد شكل موضوع مفاوضات بين البرلمان ومجلس الاتحاد الأوروبي، اللذين توصلا إلى اتفاق بشأنه في أكتوبر 2022، فيما لا زال يتعين على المجلس (الذي يمثل الدول الأعضاء)، الموافقة عليه بصفة رسمية قبل دخوله حيز التنفيذ.
وبالنسبة للمؤيدين، فإن هذا النص التشريعي سيمنح مصنعي السيارات الأوروبيين برنامجا زمنيا واضحا يتيح لهم الانتقال تدريجيا نحو إنتاج السيارات الكهربائية غير المحدثة للانبعاثات، ومن ثم دعم خطة الاتحاد الأوروبي الطموحة الهادفة للتوصل إلى اقتصاد “محايد مناخيا” بحلول العام 2050، مع صفر انبعاثات مسببة للاحتباس الحراري.
أما معارضوه، وأغلبهم من النواب المحافظين في البرلمان الأوروبي، فيرون أن قطاع إنتاج السيارات في أوروبا لا يزال غير مؤهل للاستغناء الكلي عن العربات ذات محرك الاحتراق الداخلي، معتبرين أن آلاف الوظائف التي يوفرها القطاع باتت في مهب الريح بفعل هذا القرار.
وفي هذا السياق، قالت ناتالي كولين-أوستيرلي، النائبة عن مجموعة الحزب الشعبي الأوروبي، إن “صناعة السيارات تولد نحو 12,5 مليون فرصة عمل في أوروبا. لا يمكننا أن نتقمص دور السحرة الهواة في تعاملنا مع هذا القطاع”، مضيفة “يتعين مسايرة مصالح القطاع وليس المضي ضدها، حتى لا يتم إحداث مأساة إنسانية واجتماعية”.
في المقابل، قالت سيجريد دي فريس، المديرة العامة لجمعية مصنعي السيارات الأوروبيين، في بيان، إن “صناعتنا مستعدة لرفع التحدي المتمثل في توفير مركبات عديمة الانبعاثات”، لافتة إلى أن “جميع الجهود والاستثمارات في قطاع صناعة السيارات موجهة نحو التنقل منعدم الانبعاثات. من الضروري أن تتوافق جميع سياسات وقوانين الاتحاد الأوروبي مع هذا الهدف وتدعمه”.
وبالرغم من اعتماده على مستوى البرلمان، يشمل نص القانون بندا ينص على إمكانية مراجعته، وذلك في العام 2026، ما يعني أن القادة الأوروبيين سيجتمعون في غضون ثلاث سنوات بغاية التساؤل حول ما إذا كان القرار المتخذ مقبولا وقابلا للتطبيق على أرض الواقع، لاسيما في ما يتعلق بإمدادات الكهرباء، والتجهيزات اللازمة (محطات الشحن، توفر المواد النادرة المكونة للبطاريات بأسعار معقولة).
ففي العام 2026، سيتم طرح جميع هذه الأسئلة لمعرفة ما إذا كان سيتم الإبقاء على هذا التاريخ (العام 2035)، أو تأجيل حظر بيع السيارات الجديدة ذات محركات الاحتراق الداخلي إلى العام 2040.
هكذا، وبعد 12 عاما لن يكون بالإمكان اقتناء سيارة تعمل بالوقود في دول التكتل الأوروبي، بعد إصدار حكم بالإعدام في حقها، مع القيام في المقابل بتعبيد الطريق أمام ازدهار السيارة الكهربائية التي تثير هي الأخرى العديد من التساؤلات في ظل الأزمة الطاقية التي ترخي بظلالها على جل بلدان المعمور.
و.م.ع/ح.ك
التعليقات مغلقة.