إن المتتبع لدور الأحزاب السياسية في العديد من الدول الديموقراطية في الخارج ، سيجدها هي التي تشكل الحكومات والسياسات الداخلية والخارجية لبلدانها ، وبالتالي فإن دور الأحزاب السياسية في مثل هذه الدول الديموقراطية لها دور مركزي في القرارات والمواقف المحلية والدولية، وهي التي تشكل المشهد السياسي في هذه الدول.
وعلى سبيل المثال، نجد الحكومات في الدول الغربية عموما مشكلة من أحزاب يرأسها حزب حصل الأغلبية النسبية أو المطلقة، بحيث تصبح الأحزاب السياسية الحاكمة هي المسؤولة عن تدبير الشأن العام المحلي والسياسات الخارجية، ولكن هذا يتطلب أحزابا قوية ومهيكلة، وتتوفر على برامج اقتصادية واجتماعية وسياسية ودبلوماسية.
هذا الحديث يقودنا حاليا إلى دور الأحزاب السياسية المغربية في العلاقات الدولية في شقها الحزبي، بحيث يجب على الأحزاب المغربية سواء كانت في المعارضة أو في الأغلبية، أن تكون لها علاقات مع أحزاب سياسية في الدول التي يتعامل معها المغرب، حتى تكون قنوات التواصل متوفرة حزبيا ودبلوماسيا، يمكن استخدامها في العلاقات العادية أو في حل بعض الأزمات، لأن معظم الأحزاب السياسية الحاكمة في أوروبا مثلا، تكون لها رؤية حزبية أكثر منها سياسية في سياستها الخارجية، وهدف هذه الأحزاب هو البقاء في الحكم وخلق خطاب سياسي داخلي موجه للناخبين للحصول على أغلبية الأصوات،
وبالتالي فهي تغير مواقفها حسب الأوضاع الدخلية لبلدانها، هذه الوضعية تتطلب من الأحزاب السياسية المغربية ربط علاقات تعاون وصداقة مع معظم الأحزاب التي لها أدوار سياسية مهمة في بلدانها، سواء كانت في الأغلبية أو في المعارضة.
وعليه فإنه يجب تفعيل الدبلوماسية الموازية للأحزاب وفق برامج محددة تستهدف أحزاب معينة نافذة في البرلمان الاوروبي أو في غيره من البرلمانات ذات الدول المؤثرة في القارات الدولية، ونحن في المغرب بحاجة إلى هذا العمل السياسي الحزبي، لأن معظم الدول الديموقراطية تحكمها أحزاب سياسية منتخبة، وتصنف حسب بعض الدراسات بأنها حكومات أحزاب وليس حكومة دول، لكن هذا العمل يجب أن لايبقى محصورا في دبلوماسية الصور الفتوغرافية، وإنما يجب أن يكون عمل سياسي ينتج عنه مواقف ايجابية لصالح المغرب وقضايا المحلية والاقليمية والدولية.
د.الحسن عبيابة: وزير سابق ونائب الامين العام للإتحاد الدستوري
التعليقات مغلقة.