الداكي يدعو الى تقوية قدرات الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون في مجال جرائم غسل الاموال | حدث كم

الداكي يدعو الى تقوية قدرات الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون في مجال جرائم غسل الاموال

قال الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة  مولاي الحسن الداكي،  في افتتاح أشغال المؤتمر الإقليمي لتعزيز التعاون القضائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، المنظم  بالرباط، تحت شعارمن أجل مقاربة مندمجة للتحقيقات والمتابعات في مكافحة غسل الأموال، أن المؤتمر:” يحظى براهنية كبرى بالنظر للتحديات التي باتت تطرحها الجريمة بمختلف أشكالها ولاسيما غسل الأموال بالنظر  لما تشكله من تحديات حقيقية امام تحقيق الأمن الاقتصادي للدول ولما يترتب عنها من مخاطر جسيمة تمس بأمن واقتصاد الدول”.

 واضاف أن ” إزدياد مخاطر غسل الأموال في السنوات الأخيرة يعتبر بمثابة ناقوس للخطر دفع بالدول إلى اتخاذ مجموعة من التدابير والإستراتيجبات لمكافحة هذا النوع من الإجرام الخطير، وأخص بالذكر في هذا الإطار البلدان التي يكون موقعها الجغرافي في منطقة مهددة بمخاطر تدفق الأموال غير المشروعة ، علما أن العصابات الإجرامية التي تنشط في هذا المجال أصبحت تتخذ أبعادا تنظيمية عابرة للحدود وتستغل بعض المجالات التجارية والاقتصادية لإعادة توظيف الأموال المتحصلة من نشاطها الإجرامي، وهو ما يجعل من تعزيز التعاون والشراكة بين الدول السبيل الأمثل لمكافحة كافة مظاهر الأفعال غير المشروعة العابرة للحدود “.

 وكشف أن طبيعة جرائم غسل الأموال تتسم  بتداخل عدة أطراف في إرتكابها واستعمال عدة أساليب وطرق لتمويه المصدر غير المشروع للأموال وارتباطها بجرائم أخرى كتمويل الإرهاب والاتجار في المخدرات وغيرها…، مما يجعلها جرائم مركبة و صعبة الكشف تتطلب تظافر جهود أجهزة البحث والتحقيق فضلا عن تفعيل آليات التعاون القضائي الدولي عندما تكون لها إمتدادات عابرة للحدود.

ولكي تكون هذه الجهود الرامية إلى مكافحة غسل الأموال فعالة، فإن الأمر ، بحسب رئيس النيابة العامة ، يقتضي الإعتماد أكثر على تبادل المعلومات المالية بين البلدان وتحسين وتعزيز التنسيق بينها فيما يخص إدارة التحقيقات وإستخدام كافة الآليات القانونية التي تساعد على كشف المجرمين وتحديد العائدات الإجرامية وحجزها باعتبارها جرائم تشكل تهديداً للأمن على المستوى العالمي وهو ما يتطلب التعاون الجماعي للتصدي لهذه الظواهر الإجرامية، وهو ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده يؤكد عليه في العديد من خطبه السامية، منها الخطاب الذي وجهه إلى الدورة الرابعة للقمة الإفريقية الأوربية المنعقدة ببروكسيل يومي    2 و 3 أبريل سنة 2014 والذي جاء فيه (ولا يمكن بلوغ هذا الهدف النبيل إلا إذا تم التصدي جماعيا وبكل حزم وقوة لكل التهديدات العابرة للحدود التي تتربص بأمن القارة، أينما كان مصدرها. فالإرهاب وعمليات القرصنة البحرية والجريمة المنظمة وشبكات الإتجار في البشر وتهريب المخدرات والأسلحة، كلها تحديات تقتضي أجوبة مشتركة وشاملة وتضامنية). انتهى النطق الملكي السامي.

 واعتبر أنه في إطار الجهود المتواصلة لمكافحة غسل الأموال وكافة الجرائم المرتبطة بها، انخرطت رئاسة النيابة العامة في الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بمكافحة هذا النوع من الإجرام الخطير، والتي انبثقت بشكل أساسي عن توصيات مجموعة العمل المالي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط على ضوء عملية التقييم المتبادل التي خضعت لها بلادنا خلال سنة 2018، حيث عملت رئاسة النيابة العامة على تنزيل جميع الإجراءات الواردة في خطة العمل الموضوعة من قبل المجموعة المذكورة، وقد كان من ثمار هذه المجهودات وكذا مجهودات باقي الشركاء خروج بلادنا من عملية المتابعة المُعزَّزة خلال هذه السنة. 

 وأضاف أنه من أجل مواصلة الإنخراط بفعالية في تحصين المكتسبات المحققة، فإن رئاسة النيابة العامة حريصة في إطار السياسة الجنائية التي تسهر على تنفيذها على المضي قدما بنفس الدينامية وبفعالية أكبر في مسار مكافحة كافة مظاهر غسل الأموال وفق إستراتيجية متكاملة تستحضر من جهة توصيات وملاحظات مجموعة العمل المالي، ومن جهة أخرى الخطة الوطنية المعتمدة من قبل المتدخلين والمعنيين بهذا الموضوع، وهو ما يبرز بجلاء من خلال الدوريات التي وجهتها رئاسة النيابة العامة لقضاة النيابة العامة بمختلف محاكم المملكة لاسيما الدوريتين المؤرختين على التوالي في 19 نونبر 2019 و 30 أبريل 2021 والتي حثت فيها النيابات العامة على تسريع الأبحاث القضائية وتفعيل آليات التعاون القضائي الدولي بالشكل الذي يسمح بتعقب وتتبع الأموال ذات المصدر غير المشروع، كما يبرز ذلك أيضا عبر تعزيز آليات التنسيق والتعاون الوطني من خلال إبرام إتفاقيات شراكة وتعاون مع مؤسسات وهيآت وطنية، نخص منها بالذكر الاتفاقيات الموقعة بين رئاسة النيابة العامة والهيئة المغربية لسوق الرساميل، والمجلس الأعلى للحسابات، وبنك المغرب، والهيئة الوطنية للمعلومات المالية، ولقد ساهم التعاون مع الهيئة في الشق الخاص بطلب المعلومات في تمكين النيابات العامة من الاستفادة من خدمة GOmail  (كَواميل ) التي تتوفر عليها الهيئة والتي تسمح بالتبادل الفوري والآمن للمعلومات المالية.

أما بالنسبة للتعاون مع بنك المغرب فقد مكن من إحداث آلية لدعم الأبحاث المالية الموازية والحصول على المعلومات المالية في وقت وجيز، وهو ما انعكس إيجاباً على مؤشرات أداء النيابات العامة والشرطة القضائية في التصدي لجريمة غسل الأموال، وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى الارتفاع الذي عرفه عدد القضايا المسجلة في هذا الباب، حيث انتقل من 336 قضية سنة 2008 تاريخ دخول قانون غسل الاموال حيز التنفيذ إلى ما مجموعه 2106 قضية عند نهاية سنة 2022، كما عرف عدد الأحكام الصادرة في قضايا غسل الأموال إرتفاعا ملحوظا خلال نفس الفترة حيث إرتفع من 27 حكما إلى 177 حكما نهاية سنة 2022.

ومن أجل تقوية قدرات الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون وتمكينهم من المهارات اللازمة في مجال البحث في هذا النوع من الجرائم عملت رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الملكي على إعداد دليل عملي نموذجي للممارسين في حقل العدالة الجنائية يتضمن الإطار القانوني الوطني والدولي لمكافحة غسل الاموال ، ويرسم مسارات البحث الجنائي في هذا النوع من الجرائم وفقا لما تتطلبه معايير مجموعة العمل المالي والاتفاقيات الدولية وقرارات مجلس الأمن، كما يضم أيضاً مجموعة من الممارسات الفُضلى في مجال مكافحة غسل الأموال ، ولقد تم تعميمه على كافة قضاة النيابات العامة على الصعيد الوطني وباقي أجهزة إنفاذ القانون بالإضافة إلى الهيآت والمؤسسات الوطنية المعنية.

 ودعا مولاي الداكي إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين مختلف الدول لاسيما البلدان التي تنتمي إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يبقى من بين أهم الخطوات التي ستساعد لا محالة في الرفع من الفعالية والنجاعة في مكافحة جرائم غسل الأموال ، كما أن تبسيط عملية تقاسم المعلومات المالية وفق الإجراءات المنصوص عليها في الإتفاقيات الدولية ذات الصلة والإتفاقيات الثنائية الموقعة بين هذه الدول فضلا عن توصيات مجموعة العمل المالي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، من شأنه أن يساعد الأجهزة المكلفة بالبحث والتحقيق على الوصول إلى مرتكبي هذه الأفعال الإجرامية وحجز الأموال غير المشروعة المتحصل منها في أُفق مصادرتها وحرمان المجرمين من الإنتفاع بها، خاصة وأن أجهزة البحث والتحقيق تواجه اليوم تحديات جديدة تتعلق أساسا بالعملات المشفرة وإستغلال الأنترنت المظلم والأنترنت العميق في إخفاء الأفعال غير المشروعة، وما يقتضيه ذلك من تطوير آليات البحث وكشف الجريمة بشكل يتناسب مع الوسائل المتطورة التي يعتمدها الجناة.

أ /ع

 

التعليقات مغلقة.