فالنسيا – عبد العلي جدوبي : ماذا ينقص قطاع السياحه في المغرب ليكون رائدا يستقطب ملايين السياح من كل الاقطار وعلى مدار السنة ؟!
ماذا استفاد القطاع من “توجيهات وبيانات “مكاتب الدراسات التي تصرف لها الملايين دون جدوى ودون حصيلة تذكر ؟!
لماذا نجح جيراننا الاسبان في استقطاب الملايين من السياح كل سنة ؟! (السياح الذي زاروا اسبانيا إلى غاية شهر يوليوز من العام الحالي وصل إلى 72 مليون من السياح )..
ماذا ينقصنا إذن ؟! لدينا شواطئ رائعة على امتداد 3500 كلم من طنجة الى الكويرة ، وتتوفر بلادنا على مناظر خلابة قل نظيرها من جبال وتلال وأنهار وسهول ومآثر تاريخية عريقة في العديد من المدن المغربية .. وفي مجال الفنون المعاصرة ، لدينا متاحف ومعارض للفنون التشكيلية ، وعلى تنوع فني وثقافي .. وايضا مشهود لبلادنا بفن الطبخ المغربي الأصيل، كما اننا نتوفر على أطر وكفاءات مهنية عالية في مجال الفندقة والتسيير ، ويد عاملة مدربة ، وبنيه تحتية مهمة ، وطرق ومواصلات بمواصفات عالمية ، فماذا ينقصنا اذن ؟!
لماذا ما يزال المتعاقبون على قطاع السياحة عندنا من وزراء وغيرهم “يأملون ويتطلعون ” إلى استقطاب 10 ملايين سائح كل سنه؟ ، وهو الرقم الذي يظل يتردد على مسامعنا منذ أزيد من ربع قرن والى اليوم !! في وقت انخرطت فيه العديد من الدول النامية في عملية التطور العلمي والتقني الحديث الذي شمل العديد من الجوانب الخدماتية بقطاع السياحة مما جعلها تحقق نتائج مهمة من حيث الايرادات ، ومن حيث احداث مناصب للشغل ؟!
لماذا يصر القائمون على قطاع السياحة ببلادنا على استنساخ تجارب الدول الاخرى ؟ علما ان لكل برنامج خصوصيته وامكانياته المادية والبشرية وظروفه التاريخية في تشخيص نقاط الجذب السياحي ، وتحليل اسعار الخدمات السياحية المعروضة لدى الدول المنافسة ؟!
وهل السياحة في المغرب تقتصر على مدينه مراكش دون غيرها من المدن المغربية ؟ و ما حظ المدن الاخرى من الترويج السياحي ؟!
نجاح السياحة في الجارة الاييبيرية اسبانيا يرجع بالاساس الى العناصر البشرية العاملة بقطاع السياحة وبالقطاعات الاخرى المرتبطة بها ، والذين يعتبرون العمود الفقري لكل النجاحات ، فهؤلاء يتعاملون مع السياح من مختلف الجنسيات بمثابة زبناء دائمين وليس كزبناء موسمين عابرين ، بتقديم الخدمات وبتوفير كل شروط الراحة .. قال لي مسؤول إسباني تابع للمعهد الوطني للسياحة : ” ان احترامنا لزبائنا هو اهم شيء يجعلهم زبناء دائمين لنا بل ويعملون على تلميع صورة اسبانيا اكثر عندما يعودون الى بلدانهم وهذا ربح لنا ..”
العنصر البشري إذن ، هو نجاح السياحة في اسبانيا فمثلا سائق سيارة الأجرة في هذا البلد لا يستغل السائح او ينصب عليه عند خروجه من بوابة المطار ( من مطار فالنسيا الى وسط المدينه مثلا نهارا ثمن هو 7 يورو.. ليلا 15 يورو ) .. حامل الأمتعة بالفندق يؤدي واجبه بكل أمانة ، يستقبل الزبون كضيف مرحب به ، لا يضايقه ولا يبدي اي سلوك للتدمر او للمسكنة ، او يتحول أمامه الى متسول..!!
الأثمنة جد مناسبه في الفنادق المصنفة او غيرها ، وهي في متناول كل فئات السياح من إسبانيا وأجانب ، وهناك أيضا أثمنة مناسبة للعائلات وبتخفيضات خاصة للمتقاعدين ..
عند مدخل المطاعم توضع لوحات بأثمنة الماكولات والمشروبات ، وعلى السائح ان يختار ما يناسبه اذ يعرف عند الانتهاء من تناوب وجبته مبلغ الفاتوره الواجب تأديته للنادل ، فلا توجد مفاجآت عند الاداء .. ثمن المشروبات في المقاهي تكاد تكون موحدة ورخيصة جدا .. جل مطابخ المطاعم إلم اقل جميعها مفتوحة على قاعة تقديم الطعام ، وهذا تصميم مقصود حتى يتعرف السائح على كيفية اشتغال العمال والطباخين بداخلها ، وعلى نظافة المكان .. النظافه مطلوبة لدى الاسبان ..
هذا وخلال السنوات الأخيرة ، تم افتتاح احد المتاجر الكبرى وسط جل المدن الإسبانية المخصصة في بيع الاقمشة المتنوعة والأندية الرياضية بأثمنة جد منخفضة .. فهناك الجودة .. والزبناء المغاربة المقيمون والسياح منبهرون بالثمنة المنخفضة وبالمعروضات الجيدة التي تعرضها تلك المتاجر..PRIMARK .
الشوارع في اسبانيا وأزقتها نظيفة .. وسائقوا السيارات يحترمون ممر الراجلين ، ويحترمون بعضهم البعض ، فلا وجود للمنبهات ، أو لصراعات أسبقية الوقوف والمرور من طرف السائقين ، ولا وجود أيضا لأصحاب ” الجيليات ” الصفراء أو لجيش المتسولين أمام المطاعم ،أو خلف أبواب الفنادق ، فكاميرات الشرطة حاضرة في كل مكان ، ولا وجود لشرطة المرور بالشوارع ، الكل يعرف واجبه وما له وما عليه ..
الشعب الاسباني شعب معروف بشخصيته المرحة ، وبكرم الضيافة ، شغوف بالموسيقى وخصوصا موسيقى الفلامينكو العريقة ، شعب يعشق كل الاطباق والماكولات التقليدية ، ويكون سعيدا في ايام الاحتفالات المختلفة ، شعب محب للحياة ، متفائل ، شغوف بحضور مباريات كرة القدم ، وهذا ما جعل الحياة في إسبانيا ميسورة التكلفة ، مقارنة بالدول الاخرى ، ارخص بنسبه 21% على المستوى الاوروبي من حيث ومن حيث انخفاض الاسعار المحلية وتحسين أسعار الصرف ، صرف العملات التي تمكن من جذب السياح..
التعليقات مغلقة.