المغرب ـ كوت ديفوار: شراكة اقتصادية في مستوى العلاقات السياسية

في إطار العلاقات المغربية الإيفوارية، يشكل التعاون الاقتصادي، المكثف والمربح للطرفين، نتيجة طبيعية للعلاقات السياسية والدبلوماسية الاستثنائية التي يحرص البلدان على الحفاظ عليها على الدوام.
وقد شهدت العلاقات بين البلدين خلال السنوات الأخيرة زخما مهما يعكس الإرادة الراسخة لقائدي البلدين، جلالة الملك محمد السادس، وفخامة الرئيس الحسن واتارا، لتعزيز أكبر لهذه الشراكة النموذجية. والزيارة التي بدأها جلالة الملك اليوم الأحد لأبيدجان، ليست سوى تجسيدا جديدا للالتزام والرؤية الإفريقيين لجلالته.
ووعيا منهما بالإمكانات التي يتوفران عليها، ونظرا للثقة التي رسخاها بينهما، كرأسمال مشترك، على مر العصور، انخرط المغرب وكوت ديفوار في الدفع بشراكتهما الاقتصادية، وضمان استدامتها.
وقد اتخذت هذه الإرادة المشتركة منحى تصاعديا على مر السنين، ولا سيما منذ عام 2009، وهي السنة التي تميزت بتحسن جوهري على مستوى المبادلات التجارية سواء من حيث الحجم أو القيمة. وبلغة الأرقام، سجل الميزان التجاري بين البلدين فائضا في نهاية عام 2014 لصالح المغرب بلغ نحو 1,10 مليار درهم.
وتقدر صادرات المغرب نحو كوت ديفوار بحوالي 1,20 مليار درهم في نهاية عام 2014، أي بزيادة قدرها 300 في المائة مقارنة مع عام 2009، في حين بلغت وارداته من هذا البلد 88,95 مليون درهم.
وفي عام 2015، تواصل هذا المنحى التصاعدي، مما مكن المغرب من التموضع في مقدمة المستثمرين الأجانب في كوت ديفوار، بنحو 22 في المائة من إجمالي الاستثمارات. وهو معطى حافل بالدلالة.
وتعد هذه الأرقام التي ترتفع بشكل متنام، نتيجة للدينامية التي طبعت العلاقات الاقتصادية الثنائية، من خلال الزيارات المتتالية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى كوت ديفوار، والتي كان آخرها في شهر فبراير الماضي. هذه الزيارة التي تميزت بإبرام عدة اتفاقيات تعاون في مجالات متنوعة من قبيل النقل والتمويل، وتكنولوجيا الإعلام والاتصال، والبناء والأشغال العمومية، والمعادن، والسياحة، والزراعة، والتجارة.
ولم تشذ سنة 2016 بدورها عن هذه القاعدة، حيث شهدت بالفعل توافد مستثمرين مغاربة جدد من القطاع الخاص إلى كوت ديفوار، في قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، والتي يتوفر فيها المغرب على خبرة كبيرة. ويتعلق الأمر، على سبيل المثال، بمجال الصناعات الصيدلية. كما فتحت مقاولات مغربية أخرى فاعلة في مجال الاتصالات والتأمين فروعا لها في هذا البلد.
وتميزت هذه السنة أيضا برصد أموال لإنجاز مشروع حماية وتثمين خليج كوكودي، النموذج الرائد للتعاون الاقتصادي المغربي الإيفواري. وقد مكنت مائدة مستديرة للمانحين العرب، عقدت في يوليوز 2016 بأبيدجان بمبادرة من المغرب، من رصد ما قيمته 450 مليون دولار أمريكي.
يذكر أيضا أن البلدين أحدثا، خلال الزيارة الملكية لأبيدجان سنة 2015، مجموعة الدفع الاقتصادي المغربية – الإيفوارية، وهي بنية تتمثل مهمتها في تعزيز الشراكة الاقتصادية الثنائية وتوسيع نطاقها.
وكان الطرفان اتفقا أيضا على عقد اجتماعين سنويين بالتناوب في المغرب وكوت ديفوار، بهدف تقييم العمل المنجز وتذليل الصعوبات، مع الانكباب على الوسائل الواجب توفيرها لتعزيز التعاون الاقتصادي لمحور الرباط- أبيدجان.
ومكنت هذه المجموعة، التي تجسد إرادة الفاعلين الاقتصاديين الخواص في البلدين مضاعفة جهودهم، تماشيا مع رؤية قائدي البلدين، من بعث دينامية جديدة للشراكة القائمة على منطق رابح- رابح بين البلدين، وإعطائها الزخم الضروري لتتمكن هذه العلاقات النموذجية من التطور بشكل أكبر.
تجدر الإشارة أيضا إلى الحضور المتميز للمغرب، من خلال وفود هامة، في العديد من الأنشطة الاقتصادية التي تنظم على التراب الإيفواري (معارض، مؤتمرات)، بالإضافة إلى بعثات الأعمال المتعددة التي تنظم من طرف المركز المغربي لإنعاش الصادرات (المغرب- تصدير).
وهكذا، بات الاقتصاد، مع الزخم الذي يضفيه عليه الطرفان، يشكل بالفعل ركيزة أساسية للعلاقات بين المغرب وكوت ديفوار، علاوة على كونه يشكل نتيجة الطبيعية للعلاقات السياسية والدبلوماسية والثقافية المتميزة التي ظلت تجمع البلدين على الدوام.

ح/م

التعليقات مغلقة.