“تدوينات” .. فلسطين تعيد زمن النضال الجميل في المغرب – حدث كم

“تدوينات” .. فلسطين تعيد زمن النضال الجميل في المغرب

 الأحداث الدامية والمؤلمة التي تعيشها غزة هذه الأيام ويدفع كلفتها الإنسانية الشعب الفلسطيني، ليتحول الأطفال إلى ملائكة والنساء إلى أرامل والشيوخ إلى أهداف سهلة، أعادت إلى المغاربة تلك السنوات الماضية من نضال تليد كانت الشعارات كبيرة بحجم النبض للقضية الفلسطينية، وكان الحلم أن يرفرف علم فلسطين فوق أرض فلسطين وأن يعيش الشعب حياة العالم دون خوف وظلم وعدوان وقتل وتهجير.

أسماء بذاتها لم تتغير نبرة النضال لديها، ظلت وفية للحظة المتواصلة في مسيرة قضية تحيي في الإنسان كل مرة إنسانيته وحاجته إلى سلام عادل ومنصف وإلى الحرية، نجد الشاعر محمد بلمو وقد التحفت جل تدويناته بالغضب والحزن، كما نجد الفاعل السياسي يوسف بوستة وقد اختار لكل تدويناته رداء واحدا وهو العلم أو الكوفية، أما رسام الكاريكاتير الفنان عبد الله الدرقاوي فقد قطع بحر التعبير إلى شاطي الإبداع وجلس فوق ربوة اليقين بأن القلم سلاح آخر في اليد المناسبة.

هؤلاء من جيل واحد، كبروا على القضايا العادلة وفي مقدمتها فلسطين، هذه القضية التي تعتلي النبض وتصبح سيدة العواطف والمشاعر الأكثر نبلا وهي الحق في الحياة والأمل.

“هذا دمي في المزاد”

أول صوت يقفز إلى واجهة الحاضر في الفيسبوك قادما من ذاكرة النضال حيث منصات الواقع فقط، نجد الشاعر والصحافي محمد بلمو، وهو يرصع تدويناته اليومية دون كلل ودون يأس بكل ما يحمله نبضه من صفاء نحو القضية الفلسطينية، ويقول في قصيدة نشرها على صفحته “ها هنا المحرقة”، وهو يشير مجازا إلى غزة قائلا “وهذا دمي في المزاد” ويرسم صورة أكثر ألما “تقاذفك القنابل، يا جسدي العاري”، و”تلتحفُ السماء والغبار”، ثم يوجه رسالته “قل للسفاحين إن أشلائي التي في الأسواق تبيعون لعنة داهمة”، ويعود إلى “ها هنا المحرقة” حيث “تمطر من جديد السحابْ.. تزهو بين أنقاض مخضبة بدمي.. قُرْبَ طِفلٍ ملفوفِ في الترابْ”، ويواصل رسمة الألم في وصورة شعرية أخرى “وها عيوني المخلوعة من رأسي.. تبصق على وجوهكم أيها اللصوصْ.. وأصابعي التي تناثرت تحت هدير طائراتكم.. تزحفُ تترنحُ بين شظايا جنونكم.. تخربشُ على الرصيف الموغل في الجثث.. رعب النصوص أيها اللصوصْ”.

هذه القصيدة هي خلاصة مخاض مر منه الشاعر طيلة أيام القصف والقتل الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، ولادة مؤلمة ورأس القصيدة يطل من بين باقي التدوينات التي صاغها بعبارات غاضبة تارة وحزينة أخرى، إلا الأمل وحده كان قليلا على صفحته التي تضمنت مختلف الصيغ التعبيرية من الكتابة الموجزة إلى مقاطع الفيديو وأغان من ذاكرة النضال حينما يقول مارسيل خليفة “شدو الهمة الهمة قوية”، وتشدو جوليا بطرس “غابت شمس الحق”، وتتوج فيروز العقد بـ”الغضب الساطع آت”.

“حق الدفاع عن النفس”

من الشعر نمر خفافا إلى الرسم وأحد أشكاله الأكثر تعبيرا وبلاغة وهو فن الكاريكاتير، وفي ذلك نجد مبدعا مغربيا الفنان عبد الله الدرقاوي الذي كان حاضرا بدوره في وقائع الألم والقتل التي تعيشها غزة منذ أيام مظلمة حالكة وموجعة.

قلم هذا الفنان الذي يسجل حضوره في كل مرة ببراعة وإبداع، اختار في أحدث رسم له نشره عبر صفحته على الفيسبوك، أن يضع طفلا تسيل دماؤه وبجانبه قنينة حليب مخصصة للرضع، تحت الحذاء العسكري لجندي إسرائيلي ضخم الجثة رفعت يده إلى الأعلى من طرف بهلوان في إشارة إلى انتصاره وكتب “حق الدفاع عن النفس”.

وقبل ذلك نشر الفنان الدرقاوي رسما معبرا آخر، ظهر فيه صاروخ وهو يخترق لافتة كتب عليها “القانون الدولي” وفي الخلفية النيران تشتعل في مدرسة ومستشفى.

صوت آخر من زمن النضال الأصيل، يوسف بوستة، الناشط السياسي الذي لا يغفل ولا يوم عن نشر تدوينات مناصرة للقضية الفلسطينية لكن بلغة سياسية تحمل مواقفه مما يجري من فضائع في غزة، وكان لافتا استشهاده بقصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش وهو يقول: “ونحن نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ.. وَنَسْرِقُ مِنْ دُودَةِ القَزِّ خَيْطاً لِنَبْنِي سَمَاءً لَنَا وَنُسَيِّجَ هَذَا الرَّحِيلاَ.. وَنَفْتَحُ بَابَ الحَدِيقَةِ كَيْ يَخْرُجَ اليَاسَمِينُ إِلَى الطُّرُقَاتِ نَهَاراً جَمِيلاَ.. نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ

وعلى هذا الوجع والأمل نشر أحدث تدوينة له ولخص فيها المسافات بقوله “فلسطين التاريخية تنبلج من عمق التاريخ”.

عن:  القدس العربي/عبد العزيز بنعبو

 

التعليقات مغلقة.