د.الحسن عبيابة:مسيرات التنمية من أجل تكريم المواطن المغربي – حدث كم

د.الحسن عبيابة:مسيرات التنمية من أجل تكريم المواطن المغربي

وجه جلالة الملك محمد السادس نصره الله خطابا ساميا إلى شعبه الوفي بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة .

تحل هذه الذكرى للمسيرة الخضراء ، والمغرب يستكمل أوراشه التنموية على كافة المستويات ، وخصوصا الأوراش الكبيرة والمهمة في أقاليم المغرب الجنوبية ، وقد جاء الخطاب غنيا كعادته ، لكنه بحمولة تنموية شاملة تذكر بما حصل من تنمية في الماضي وما يحصل الآن وما سيحصل في المستقبل ، وذلك بفضل مسيرات التنمية الاقتصادية المختلفة ، واستمرار عملية التحديث والبناء ، من أجل تكريم المواطن المغربي في كافة المجالات الترابية ، كما أن جلالة الملك بدأ بالتذكير بأن المسيرة الخضراء مكنت من استكمال الوحدة الترابية للبلاد ، وأن التعبئة الدبلوماسية الوطنية قد مكنت المغرب من تقوية موقفه ، وتزايد الدعم الدولي لوحدته الترابية ، والتصدي لمناورات الخصوم، المكشوفين والخفيين ، كما ذكر جلالة الملك بالاعترافات المتعددة بمغربية الصحراء من طرف العديد من الدول الصديقة والشقيقة ، والتأييد الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، وهي الحل الوحيد، للتسوية في الصحراء المغربية ، وقد أكد الخطاب الملكي بأن المغرب منشغل الآن بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية على مستوى كافة التراب الوطني ، وفي إشارة غاية في الدقة ورؤية جيوسياسية ثاقبة قال جلالة الملك (…وقد مكن استرجاع أقاليمنا الجنوبية ، من تعزيز البعد الأطلسي للمملكة ) ، لأن هذه إشارة مرة أخرى إلى إمتداد المغرب بسواحله الأطلسية من طنجة إلى لكويرة ، كما أن هذا يدخل ضمن الشراكة الاستراتيجية التي تربط الدول الإفريقية الأطلسية بالولايات المتحدة الاميركية للتعاون المشترك في كافة المجالات ، مع الإشارة أن المغرب كان سباقا لإطلاق مبادرة إحداث إطار مؤسسي، يجمع الدول الإفريقية الأطلسية الثلاثة والعشرين، من أجل توطيد الأمن والاستقرار والازدهار المشترك ، ويأتي كذلك هذا التوجه في إطار الحوار الإستراتيجي المغربي الأمريكي حول التعاون الإفريقي .

ويبدو من خطاب المسيرة لجلالة الملك أن هناك توجها إقتصاديا نحو إفريقيا الأطلسية وفق برامج طموحة
تشمل التجهيز والعديد القطاعات الاقتصادية الحيوية ، وإستثمار الموارد الأطلسية الواعدة لخلق تكامل اقتصادي استراتيجي بين الدول الإفريقية المطلة على المحيط الاطلسي ، وفي هذا الإطار كذلك ذكر جلالة الملك بمشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز المغرب – نيجيريا ، الذي سيمكن من الاندماج الجهوي الإفريقي وسيمكن كذلك من الإقلاع الاقتصادي المشترك على مستوى الدول الأطلسية ، وخلص جلالة الملك في خطابه حيث قال ( ….أن المشاكل والصعوبات، التي تواجه دول منطقة الساحل الشقيقة، لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط ، بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة ) ، وهي خلاصة شاملة من التجارب التي تعيشها المنطقة ، وتؤكدها جميع الدراسات والابحاث الإقليمية والدولية ، لأن التنمية الشاملة هي الجواب الحقيقي لكل القضايا الاقتصادية والاجتماعية وغيرها ، إن مضامين الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين قد رسمت توجها جيوسياسيا افريقيا يحمل تطلعات المغرب الكبيرة نحو إقتصاد افريقي أطلسي قوي ينقل الأجيال الإفريقية القادمة من الهجرة القصرية نحو البحر المتوسط إلى المحيط الاطلسي الافريقي الواعد بالتنمية المستدامة في المستقبل ، وهذه معادلة سيدركها المغاربة والأفارقة لجلالة الملك في المستقبل القريب ، وعليه فنحن في المغرب يجب علينا جميعا ومع كل المكونات الاجتماعية والوطنية العمل على التعامل مع الظرفية بإيجابية وطنية بعيدة عن المصالح الفئوية ، وبعيدة كذلك عن فرض الواقع المتغير ، لأن المغرب محتاج إلى المزيد من التضحية الجادة ، والعمل الوطني المشترك لإستكمال مسيرات التنمية كما قال جلالة الملك محمد السادس نصره الله.

د.الحسن عبيابة..وزير سابق وأستاذ التعليم العالي

التعليقات مغلقة.