شكلت2017 سنة المفاجآت غير السارة بالنسبة لالمانيا بدءا بالاختراق السياسي لحزب البديل اليميني المتطرف في انتخابات شتنبر ، مرورا بفشل مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي بين المحافظين والليبراليين والخضر، ووصولا الى أزمة سياسية غير مسبوقة باتت تشكل تحديا بالنسبة للمستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي تطمح إلى تشكيل حكومة مستقرة.
وقد بدأت بوادر انفراج للازمة تلوح في الافق مع إعلان الحزب الاشتراكي الديمقراطي موافقته على إجراء مباحثات تمهيدية مع التحالف المسيحي بزعامة ميركل، لكنه تركها مفتوحة النتائج في ظل الانقسامات الحادة التي يشهدها الحزب حول المشاركة في الحكومة.
واقترحت مذكرة وافق عليها نحو 600 مندوب للحزب الاشتراكي الديموقراطي خلال مؤتمره العام الاخير إجراء مشاورات استطلاعية مفتوحة على كل الخيارات، بما فيها تجديد ائتلاف كبير مع المحافظين أو تأييد حكومة أقلية تترأسها ميركل من دون أن يشارك فيها، أو انتخابات جديدة في حال فشل المفاوضات.
وتشكل مواقفة الاشتراكيين على ائتلاف كبير طوق نجاة بالنسبة للمستشارة الالمانية لتفادي تشكيل حكومة أقلية ستكون عاجزة عن تمرير مشاريعها داخل البرلمان أو إجراء انتخابات مبكرة يرجح المراقبون ان تسفر عن نفس نتائج الانتخابات التشريعية في شتنبر الماضي بالنسبة للاحزاب الكبرى التي منيت بخسارة عدد كبير من الاصوات، فيما قد يستفيد منها حزب البديل اليميني الشعبوي لكسب المزيد من الاصوات على اثر الاختراق الذي حققه في الانتخابات السابقة والذي مكنه من ولوج البوندستاغ كقوة سياسية ثالثة بعد المحافظين والاشتراكيين.
وأفادت وسائل اعلام ألمانية أن أعضاء في الحزب قلقون من تجديد تحالف مع ميركل ، يتدارسون ما وصفوه ب”تحالف التعاون”يتفقون بموجبه على برنامج يتضمن الحد الأدنى من المسائل لكنه سيترك أمورا متنازعا عليها مطروحة للنقاش.
وذكر موقع “تاغس شاو” أن زعيم الحزب شولتس لا يفضل مثل هذ النمط من الحكم، وكذلك ميركل الراغبة في تشكيل حكومة مستقرة.
ونقلت صحيفة “نوين أوسنابروكر تسايتونغ” عن نائبة رئيس حزب ميركل المسيحي الديمقراطي يوليا كلوكنر رفضها لهذا النوع من التحالف بالقول إنه ليس باستطاعتهم مد يدهم لأجل القليل من الاتفاق والقليل من التسامح والكثير من الانتقائية لدى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، المتردد.
كما يرى المراقبون أن المفاوضات بين المحافظين والاشتراكيين لا يفترض أن تؤدي إلى تشكيل حكومة ائتلافية، لافتة الى أنه ليس فقط داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي يتم الترويج بقوة لمزايا حكومة أقلية بل حتى داخل الاتحاد المسيحي، تزايدت الاصوات التي لم تعد ترغب في تجديد ائتلاف كبير.
ويشهد الحزب الاشتراكي انقساما في صفوفه بين مؤيدين للدخول في ائتلاف حكومي موسع، بما في ذلك وزير العدل هايكو ماس، ورافضين لخوض التجربة الحكومية مرة أخرى، وعلى رأسهم شبيبة الاشتراكيين التي أطلقت حملة على موقعها الالكتروني بشعار “لا للائتلاف الحكومي”، سعت من خلالها الى جمع أكبر عدد من التوقيعات من أعضاء الحزب.
وفي المقابل، تؤكد ميركل على أنها ترغب في إجراء محادثات سريعة مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي من أجل تشكيل “حكومة مستقرة”.
وقالت في أعقاب جلسات الهيئات القيادية للاتحاد المسيحي الديمقراطي مؤخرا إن المحادثات يجب أن تكون “سريعة” و أيضا “شاملة”.
وأضافت أن الهدف يجب أن يكون “علاقات حكومية مستقرة”، معتبرة ذلك شرطا أساسيا للتصدي للتحديات المقبلة في ألمانيا وأوروبا والعالم.
وكان وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير توقع بألا يتم تشكيل حكومة ائتلافية بألمانيا قبل شهر مارس القادم، في حال تم تشكيل ائتلاف حاكم كبير بين الاتحاد المسيحي و الاشتراكيين الديمقراطيين.
وقال دي ميزير في تصريحات لصحف مجموعة “فونكه” الألمانية الإعلامية “إذا وضعت الجدول الزمني الخاص بالحزب الاشتراكي الديمقراطي أساسا – بحيث يكون هناك أولا استقصاءات، ثم مؤتمر حزب، ثم مفاوضات، ثم قرار الأعضاء- فربما لن نتحدث حينئذ عن تشكيل حكومة قبل مارس إذا حدث اتفاق”.
ويرى المراقبون أن ائتلافا كبيرا سيكون أفضل من انتخابات جديدة – بالنسبة لألمانيا وأوروبا وأيضا بالنسبة للحزب الديمقراطي الإشتراكي، الذي سيشكل فرصته الحقيقية لتنفيذ وعوده الانتخابية.
كما أكد مفوض شؤون الدفاع بالبرلمان الألماني “بوندستاغ” أن تأخير تشكيل حكومة يؤثر سلبا على قوات الجيش.
وأشار إلى أن ألمانيا بحاجة إلى حكومة جديدة سريعا لأجل دورها العالمي وكذلك بسبب التزاماتها تجاه الحلفاء، مشددا على ضرورة أن تنشغل الحكومة والبرلمان قريبا بمستقبل المهام التى تقوم بها حاليا- كالمشاركة مثلا في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
ويظل ايجاد مخرج للازمة السياسية تحديا بالنسبة لالمانيا من أجل تفادي خطر الجمود والشلل السياسي الذي ستكون له انعكاسات ليس فقط داخليا حيث ان معالجة العديد من القضايا تحتاج الى توافقات وعلى رأسها قضية الهجرة واللجوء، ولكن أيضا على المستويين الاوروبي والدولي حيث تضطلع المانيا بدور وازن.
ح/م/تيمجردين فاطمة
التعليقات مغلقة.