تم التأكيد خلال ندوة حول موضوع “تقييم القوانين من قبل المؤسسة البرلمانية”، اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، أن تقييم القوانين يعد أداة أساسية لتجويد النصوص التشريعية والرفع من مردودية القوانين وتعزيز الثقة في المؤسسات البرلمانية الوطنية.
وأبرز المتدخلون في افتتاح أشغال هذه الندوة، التي ينظمها، على مدى يومين، البرلمان المغربي والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا واللجنة الأوروبية من أجل الديمقراطية عبر القانون (لجنة البندقية) أن تقييم القوانين يسهم في تعزيز حكامة السياسات العمومية، وضمان استمرارية اليقظة التشريعية من أجل تجاوز أوجه النقص وتطوير التشريعات الوطنية ضمانا للحقوق وإقرارا للواجبات في إطار دولة المؤسسات.
في هذا الصدد، أكد رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، أن تقييم القوانين يقع في صلب التوجه الجديد للممارسة البرلمانية، حيث ييسر إطلاق ديناميات جديدة في الحياة البرلمانية في علاقتها بقضايا المجتمع، وينبه إلى أشكال القصور التي قد تعتري التشريعات الوطنية.
وأبرز السيد الطالبي العلمي أن الأمر يتعلق بممارسة تلتقي فيها الاختصاصات الثلاثة المعروفة الموكولة للبرلمانات، وهي التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، مؤكدا أن مساءلة الحكومة بشأن تنفيذ القوانين وظروفها ونجاعتها تبقى من السلطات التي على البرلمانات ممارستها في إطار التفاعل مع السلطة التنفيذية.
وأشار في هذا السياق إلى أن البرلمان أطلق برسم الولاية التشريعية الحالية ست عمليات تقييم، منها تقييم شروط وظروف تنفيذ القانون 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي يعد نصا مركزيا في التشريعات الوطنية ذو امتدادات حقوقية ومجتمعية واقتصادية وبيداغوجية وثقافية.
وأكد أن اخضاع هذا القانون للتقييم بعد حوالي خمس سنوات من سريانه، “يعكس الإرادة الجماعية لتحسينه وتجويده وجعله أكثر نجاعة، ويجسد، أساسا، الإرادة السياسية في اجتثاث هذه الظاهرة المنافية لمبادئ حقوق الإنسان والقيم الإنسانية”.
وثمن رئيس مجلس النواب التراكم الذي حققته المؤسسة التشريعية في مجال تقييم السياسات العمومية، مؤكدا العزم على التطوير الدائم لهذا الاختصاص وتكريس تقييم أثر القوانين وقياس وقعها كجزء من هذه الممارسة.
من جانبها، قالت سفيرة الاتحاد الأوروبي بالمغرب، باتريشيا لومبارت كوزاك، إن تقييم القوانين يعد وسيلة مهمة تتيح للبرلمانات أداء مهامها المتمثلة في مراقبة عمل الحكومة، وتسهم في تعزيز جودة وفاعلية النصوص التشريعية، والرفع من الشفافية تجاه المواطنين، وكذا توسيع نطاق الخبرة التشريعية التي تمكن من تحقيق الأثر المرجو من القوانين المعتمدة.
وأكدت السيدة كوزاك على أهمية التجربة المهمة التي راكمها البرلمان المغربي خلال السنوات الأخيرة في مجال التقييم التشريعي، مشددة على متانة وجودة الشراكة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، والتي تشمل المجال البرلماني، والقائمة على تقاسم القيم المشتركة.
وأشادت بالأوراش الإصلاحية الكبرى والمتعددة التي أطلقتها المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مبرزة أن من شأن تبادل الممارسات الفضلى بين الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا والمملكة في العديد من المجالات، أن يعود بالنفع على كافة الأطراف.
بدورها، أبرزت المديرة وأمينة اللجنة الأوروبية من أجل الديمقراطية عبر القانون (لجنة البندقية)، سيمونا غراناتا مينغيني، أن المغرب يعد أول دولة في القارة الإفريقية تنضم إلى لجنة البندقية، مؤكدة أن التعاون بين الطرفين يقوم أساسا على إيجاد القواسم المشتركة التي توحد الجانبين، ولا سيما في ما يتعلق بالممارسة الديمقراطية والبرلمانية.
وأكدت على أهمية هذه الندوة التي ستمكن المشاركين من تمل ك فهم جيد للمعايير الدولية في مجال تقييم القوانين، خاصة تلك التي حددتها لجنة البندقية في توصياتها، والاستفادة من تبادل التجارب بين مختلف الأطراف.
وتهدف الندوة، التي تجمع بين أعضاء في البرلمان وخبراء وأكاديميين وممثلين عن لجنة البندقية والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي في المغرب، إلى تسليط الضوء على مواضيع حيوية لتطوير تشريع ذي جودة، وتعزيز قدرات البرلمانيين والمسؤولين من مجلسي النواب والمستشارين في مجال تقييم القوانين.
ويندرج تنظيم الندوة في إطار برنامج “دعم الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وتعزيز دور البرلمان في توطيد الديمقراطية في المغرب 2020 – 2024″، الممول من الاتحاد الأوروبي والذي ينفذه مجلس أوروبا، والذي يدعمه برنامج “حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية من خلال معايير مشتركة في جنوب البحر الأبيض المتوسط” (برنامج الجنوب الخامس).
و.م.ع/ح.ك
التعليقات مغلقة.