مقترح حظر تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة.. بين المخاوف الأمنية والمنافسة التكنولوجية – حدث كم

مقترح حظر تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة.. بين المخاوف الأمنية والمنافسة التكنولوجية

جهاد بنشقرون (ومع) :أدى اعتماد مشروع قانون من قبل مجلس النواب الأمريكي الأسبوع الماضي، يلزم منصة “تيك توك” بقطع علاقاتها مع الصين، إلى خلق سياق من التوترات بين واشنطن وبكين في ظل الاهتمامات الأمنية، والحسابات السياسية، والمنافسة التكنولوجية.
هذا النص، الذي أحيل على مجلس الشيوخ، سيجبر شركة “بيتدانس”، الشركة الأم لـ”تيك توك”، على بيع التطبيق في غضون ستة أشهر، وإلا فإن تطبيق مشاركة الفيديوهات سيتم استبعاده من متاجر آبل وغوغل في الولايات المتحدة.
وأثار اعتماد هذا المشروع حفيظة بكين، التي انتقدت القرار باعتباره “مخالفا لمبدأ المنافسة”، إذ قال وانغ وين بين، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: “إذا كان من الممكن استخدام ذريعة الأمن القومي لاستبعاد شركات ناجحة من دول أخرى بشكل تعسفي، فلم يعد هناك أي إنصاف أو عدالة”.
بدوره، دعا الرئيس التنفيذي لـ “تيك توك”، شو زي تشو، مستخدمي التطبيق في الولايات المتحدة إلى التفاعل بقوة، حيث غرد على “تيك توك” وعلى منصة “إكس”، عقب التصويت على القرار في مجلس النواب، “كونوا صوتا مسموعا”.
وكانت شبكة التواصل الاجتماعي، التي تضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، في مرمى نيران السلطات الأمريكية منذ عدة أشهر، مما أثار مخاوف بشأن التهديدات التي قد تشكلها على الأمن القومي، الأمر الذي أدي إلى إقدام عدة ولايات والحكومة الفيدرالية إلى حظر استخدام التطبيق على الأجهزة الحكومية الرسمية، مشيرة إلى مخاطر على الأمن القومي.
وفي هذا السياق، أعرب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كريستوفر راي، عن مخاوف جدية بشأن تطبيق الفيديو الصيني، وقال أمام لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب: لدينا مخاوف تتعلق بالأمن القومي بشأن تطبيق تيك توك.
وأكد راي أن الحكومة الصينية قد تستخدم التطبيق للتحكم في بيانات أو برامج الملايين من المستخدمين، محذرا من خوارزمية التوصيات التي تحدد الفيديوهات التي سيشاهدها المستخدمون فيما بعد.
وأكد أنه “بموجب القانون الصيني، فإن الشركات الصينية ملزمة بشكل أساسي بالقيام بكل ما تريده الحكومة الصينية من حيث مشاركة المعلومات”.
وفي اليوم السابق للتصويت في مجلس النواب، عقد كبار مسؤولي الأمن القومي اجتماعا مغلقا مع المشرعين لمناقشة “تيك توك” وتداعياته على الأمن القومي.
وعلى الرغم من ذلك، نفت الشركة غير ما مرة تمرير أي معلومات إلى السلطات الصينية، مؤكدة أنها سترفض أي طلب محتمل في هذا الصدد. بالإضافة إلى ذلك، لم تقدم الحكومة الأمريكية أي دليل يثبت أن “تيك توك” قد قامت بمشاركة بيانات مستخدميها مع السلطات الصينية.
وهكذا، أصبح الأمر بين يدي مجلس الشيوخ، الذي أشار قادته إلى أن النص سيخضع لفحص شامل. بدوره، أكد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي انضم للتطبيق في فبراير لتعزيز حملته الانتخابية استعدادا للاستحقاقات الرئاسية المقررة في نونبر المقبل، أنه إذا أقر الكونغرس هذا الإجراء، فسيوقع عليه.
وبالنسبة لبعض المحللين، فإن اعتماد مشروع القانون في مجلس النواب يعد أحدث مثال على التوترات المتزايدة بين الصين والولايات المتحدة والمنافسة التكنولوجية بين البلدين. فمن خلال مهاجمة “تيك توك”، يستهدف الكونغرس منصة تحظى بشعبية لدى الملايين من الأشخاص، وتمثل نافذة لبكين وتعكس التقدم التكنولوجي الكبير الذي حققه العملاق الآسيوي.
وفي مقطع فيديو نشره مساء الأربعاء، أكد الرئيس التنفيذي لـ”تيك توك” أن الشركة قد استثمرت في حماية بيانات المستخدمين وحماية المنصة من أي تلاعب خارجي، مؤكدا “لن نتوقف عن الدفاع عن مصالحكم. سنستمر في بذل قصارى جهدنا، بما في ذلك ممارسة حقوقنا القانونية، لحماية هذه المنصة المذهلة التي بنيناها معكم”.
ومع ذلك، لم يلق حظر التطبيق موافقة بالإجماع في الكابيتول هيل، حيث حذر بعض النواب الديمقراطيين من تأثير هذا القرار على رواد الأعمال وأرباب الشركات.
وفي تحول ملفت للنظر، أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب معارضته لحظر التطبيق الصيني، ويرجع ذلك أساسا إلى كونه يرى أن ذلك سيعزز شركة “ميتا”، الشركة الأم لـ”إنستغرام” و”فيسبوك”، التي وصفها بأنها “عدو للشعب”.
بيد أن ترامب كان قد حاول، أثناء فترة رئاسته، انتزاع السيطرة على تطبيق “تيك توك” من شركة “بيتدانس” قبل أن يتدخل القضاء الأمريكي ويمنعه من ذلك.
أما بالنسبة للأمريكيين، فلا يزالون منقسمين بشأن هذه القضية، إذ كشف استطلاع حديث، أجرته وكالة “أسوشيتد برس” ومركز الشؤون العامة للأبحاث أن 31 في المائة ممن شملهم الاستطلاع يدعمون حظر التطبيق بشكل كامل، مقابل 35 في المائة من المعارضين.

التعليقات مغلقة.