“حدث كم”  تفتح ملف قضايا الهجرة المغربية بأوروبا 7/6 . – حدث كم

“حدث كم”  تفتح ملف قضايا الهجرة المغربية بأوروبا 7/6 .

هولندا  ..  أحزاب اليمين  ومعاداة  الهجرة !
أمستردام _ عبد العلي جدوبي : وضعت الحياة ومتطلبتها المتشعبة المغاربة المهاجرين بهولندا أمام تحديات كبيرة ، يتعين تلبيتها للشروع في وجود انساني متوازن ؛ ومن هذه التحديات  الإلتحاق بالزمن المتقدم بسرعة، من دون التخلي عن التطلعات الفكرية والثقافية  للمهاجر ، أو تذويب شخصيته  في النسيج الاوروبي ، كما تزايدت من جهة اخرى الحاجة الى إقامة جسور ما بين الوطن الأم  وبلد الإقامة بالنسبة   للجلين الثالث والرابع اثمرت على خلق تواصل سنوي ساهمت فيه العديد من الجمعيات المغربية بهولندا ..
لقد بنت هولندا سياستها على ادماج المهاجرين غير الاوروبيين على فلسفة تختلف عما اتبعته البلدان الأوروبية الاخرى التي استقبلت عددا كبيرا من المهاجرين لاسيما فرنسا والمانيا وايطاليا وانجلترا وتميز الهولنديون عن غيرهم بكونهم رغبوا في جعل التنوع الثقافي اللغوي والديني عنصر تعزيز لهذا الاندماج ، بدل السعي الى توحيد لغة التخاطب  فقط ، وسميت هذه السياسة ب: ( التوحيد من خلال التنوع) ولهذا أبدت تفهما ودعما  كبيرين لتأمين مدارس التعليم ، تعليم الاطفال المهاجرين لغتهم وديانتهم الأصلية ،وإقامة  مؤسسات ثقافية واسعة  تستوعب نشاطاتهم وتوجهاتهم نحو تأمين شروط عيش اجتماعية آمنة  ومستقرة .
وحسب دراسة حديثة  في مجال الهجرة المغربية  بهولندا ، فإن  الجيلين الثاني والثالث من المغاربة المهاجرين بهولندا كانوا قريبون الى برامج اليمين المحافظ الذي حكم أوروبا ومنها هولندا ومنحوه الاصوات الإنتخابية ، فيما نجد ان الجيلين الرابع والخامس كان اكثر تمردا على القواعد الجامدة والنزاعات المحافظة، وأقرب الى اليسار الاوروبي بتياره العام غير المتطرف ، واختار طريق بناء حياته على اسس صحيحة وناجحة في مجالات متعدده فيما نجد العديد من الشباب الاخر انساق نحو الطريق المجهول !.
وتفيد احصائيات مركز الاحصاء الهولندي ( سي بي اي اس ) ان عدد المغاربه في هولندا يبلغ 386 ألف ،يأتون في الرتبة الثانية  بعد تركيا ( احصائيات 2021 ) ، ويختار اليمين المتطرف الهولندي اللعب على ورقة الهجرة  والاسلام خلال حملاته الانتخابية ، والتعاطي معها بمقاربة أمنية ، فاكثر من 80% من الشباب المنحدر من اصول مغربية ينحازون الى هذا اليمين !! .
الهرم السكاني في هولندا يميل الى الشيخوخة حسب دراسه هولندية حديثة ، حيث تم تبيان ان الجزء الكبير من المواطنين الهولنديين يتعدى سنهم 65 سنه ، أما الشباب بين 20 و 35 سنه فهم يمثلون أقل نسبة نسبه ب 37% مقارنة باعتبار السن ، وهذا ما يدفع المسؤولين الهولنديين   الى الاعتماد على العمال الاجانب حيث تستقبل هولندا مزيدا من المهاجرين من مختلف الاجناس واجهتهم الاولى هي مدينة امستردام التي كانت منذ القدم ملجأ للاجانب والشعوب المضطهدة او التي استقرت بها لاسباب إقتصادية ؛ سكان  امستردام يشكلون أجناسا وتعدد الثقافات والديانات ، فمن بين سبعة آلاف ساكن هناك 140ألف نسمة  من أصل غير هولندي 40% من أصل سورينامي و 25% من أصل مغربي 18% من أصل تركي 7% من أصول أوروبية ، هؤلاء الاجانب يتمركزون فيما يسمى بالغرب القديم من المدينة .
كفاءات مغربية 
هولندا بلد صغير مزدحم بالسكان اكثر من 15 مليون نسمة تعيش في مساحة أرضية  لا تتعدى 42ألف كلم مربع .. خمسة عقود ونيف على وصول العمال الضيوف الى هولندا وما تتخللها من مساع لتشريع وجودهم واندماجهم في المجتمع الهولندي، هذه المساعي وغيرها اثمرت عبر الزمن بالتفاعل مع المتغيرات المحلية ، ويلاحظ أن الجيل الأول من المهاجرين كان يعمل بالاساس او يركز على البعد الديني في حياته اكثر من اي بعد آخر ، وارتبط بهذا القدر او ذاك بالحكومات العربية وسياستها في هذه الزاويه ؛ فالمغرب ومصر المملكة العربية السعودية ، عملت منذ البداية على تأمين الأئمة و المرشدين للمساجد فهناك اكثر من 250 مؤسسة ومسجد في عموم مدن الهولندية ، وتم وتزويدها بالكتب والنصوص والخدمات ، وكانت نشاطاتها تجري ضمن التوافق رسمي هولندي مع دول المهاجرين ولا سيما المغرب وتركيا لكن الاوضاع تغيرت منذ منتصف الثمانينات حين نضج أبناء الجيل الحالي للمهاجرين المغاربة ،وبدأ  بممارسة خطاب له مضامين اجتماعية واسعة بالمقارنة مع ابنائهم حيث ركز ابناء هذا الجيل على الهوية الثقافية والإجتماعية ،ومحاولة  شق طريق الحركة السياسية الهولندية  ، حيث ولج البرلمان الهولندي عدد من المغاربة ، كما يحتل عشرات مغاربه اخرون مناصب مهمة في المجالس البلدية وقيادة  الاحزاب  (خديجة عريب رئيسه سابقة للبرلمان الهولندي)( احمد بو طالب) عمدة روتردام ، وهناك مجموعه من الشخصيات اعضاء في المجالس العليا للدوله، وفي  مناصب عسكرية ومدنية من أصول مغربية لها وزن سياسي هام ومؤثر بهولندا .
قال لنا السيد احمد شرف الدين وهو عضو في المجلس البلدي لمدينة روتردام : ” في هولندا يصعب الآن العثور على حزب سياسي معاد بصورة معلنة  للمهاجرين ، إلا أن  تمت فروقات في السياسات وفي خبرات تلك الاحزاب تجعل المراقب والمواطن يتوقف ازاء هذه الحالة أو تلك عندما يظهر خلل في التوازن ، واضاف ان المخاوف تتركز ضد سياسة الحزب الليبرالي لعدم وضوحها احيانا ولتغليفها بسياسات معاداة الهجره بطابع ديني “!!
وتعتبر الجالية المغربية  في هولندا من أكثر الجاليات تكوينا في ميدان التعليم ومختلف المعاهد والتخصصات ، إلا أنها تظل في حدود نسبه 5% بالرغم من توفرها على حصة قوية وفاعلة   ومؤثرة ، لكنها دون جدوى مقابل قاعدة عريضة  من الشباب تعيش تأخرا اجتماعيا واقتصاديا ، وقد سجلت مصالح الضمان الاجتماعي الهولندي أن 47% من الجالية المغربية  تعيش على اعانات الدولة ، وهذه الظاهرة خطيرة  لأنها” تميز” هذه الجالية بظاهرة سلبية !! وحسب المجلس الاعلى للتعليم الذي يضم بعض الاطر المغربية ، فإن الدولة الهولندية   تخصص ميزانية ضخمة  لتعليم الاطفال الأجانب والتي تبلغ مليار دولار ،و بالرغم من كل هذه المساعي ، فنسبة 25% من الشباب المغربي لا يتمكن من استمرار في متابعة الدراسة ،ونسبة  كبيرة منهم تتجه نحو الإنحراف بسبب الاكراهات العديدة .
أبغض الحلال عند الله .
تدهور العلاقات الأسرية على صعيد هولندا يالنسبة للمغاربة ، فقد تم تسجيل  رقما قياسيا  مقارنة مع دول أوروبية اخرى تتواجد بها الجالية المغربية  إذ فاقت الاعداد المسجله للمطلقات كل التوقعات ازياء من 400 حالة طلاق في السنة ! أي ما يفوق عدد ايام السنة بكاملها فعدد المطلقين اجمالا قد فاق 18ألف عائلة ، منهم 1500 اعتمدوا مبدئيا على أصول التفاهم والتراضي حتى وإن كان المشكل لم يحل بعد ، فإنهم يزورون أرض الوطن بحكم وضعيتهم القانونية ، بينما نجد ان ازيد من سبعة آلاف إمرأة  مغربية ، قد حرمت بتاتا من زيارة أرض  الوطن ما بين ثلاث سنوات و18 سنة خوفا من ازواجهن ، ومن العدالة المغربية  او من أحكام صادرة  في حقهم غيابيا حيث تم تطليقهن حسب القانون الهولندي ولم يتم تطليقهن حسب القانون المغربي الذي لا يعترف بالطلاق الهولندي فيما القانون الهولندي لا يعترف هوالآخر بالزواج المغربي المبرم بالقنصليات المغربية !! وحسب ما وفانا به عدد من المواطنين المغاربة بأمستردام من المعلومات ، ينحذرون من مدينة الناظور ، فإن الازواج هم أيضا عدد كبير منهم لم يتمكنوا من زيارة ارض الوطن بفعل احكام قضائية صادرة  ضدهم تتعلق بالنفقة على الأبناء ، وتقدر المبالغ التي تم الحكم بها ما بين خمسه مليون سنتيم و 20 مليون سنتيم كنفقة مجبرون على ادائها مباشرة بعد دخولهم المغرب ! وحسب جمعية مغربية ، فان عدد الازواج المتابعين من طرف الزوجاتهم يفوق ثلاثة آلاف رجل ..
ومن اجل حل هذه المشكلة نظمت وعلى مراحل بكل من الرباط وامستردام ندوات فكرية ولقاءات مغربية هولندية على مستوى عال،  لايجاد حل لهذه المشاكل قانونيا ، ولحد الان تم التوصل الى حلول اعتبرها عدد من المهاجرين المغاربة حلولا ظرفية ، لا ترقى الى طموحاتهم 
ترحيب بالمهاجرين ..
وبخصوص إمكانية الاستثمار في المغرب من طرف الجالية المغربية  المقيمة في هولندا قال لنا السيد العياشي ادريس صاحب مطعم بمدينة (  دانهاخ  ) : ” انا بصراحه اتوقع انه خلال العشر سنوات القادمة ربما سيتوقف تدفق التحويلات المالية الى المغرب من طرف المغاربة المقيمون بهولندا ، بحكم انهم لا يعودوا يؤمنون بذلك تماما بعد تجارب استثمارية قاسية  بالمغرب ابانت عن الوجه القبيح للبيروقراطية المتفشية في الإدارة المغربية  ”   
اما فيما يخص مسألة الهجرة المغربية   لهوندا فيعتبرها الهولنديون انها لا تشكل عائقا امام التطور العلاقات المغربية الهولندية  بحكم تواجد عدد كبير من المهاجرين المغاربة النشيطين ، الذين استطاعوا  التأقلم مع محيطهم الجديد وتحقيق فرص النجاح وتجدير الحضور في مجال التجارة والمقاولات الصغرى وتقلدهم العديد من مناصب رفيعة في الدولة الهولندية .
على صعيد العلاقات الهولندية بالاسلام ،فإنها  تعود كما هو معروف الى ما قبل اربعه قرون حين كانت اندونيسيا اكبر بلد اسلامي مستعمرة هولندية  من خلال جالية أندنوسية ، ظهرت بوادر الاولى للنشاط الاسلامي في البلاد ، كما ان قدوم افراد الجالية المغربية  الى هولندا خلال سنوات الستينات والسبعينات ونشاطها في هذا المجال ،مكن من تكوين عده مؤسسات خيرية التي اثمرت بناء ازيد من 250 مسجدا ودورا للصلاة في عدة المدن الهولندية كما سبق الاشاره لذلك .
وفي مجال العلاقات المغربية الهولندية ، يعتبر المغرب من اول البلدان التي اعترفت بجمهورية الاقاليم السبعة التي تخلصت في القرن السابع عشر من الهيمنة الإسبانية ، وقد تميزت العلاقات ايضا ببعض الفتور خلال الحقب الماضية ! .
بعض مظاهر الحياة في هولندا .
بعض الهولنديين من المسنين يعيشون في هلع دائم ، اذ يعتقدون ان هولندا ستغرق في يوم من الايام وتغطيها المياه نظرا لوجودها على مستوى سطح البحر وهي محاطة بمجموعة  من السدود والانهار ! لكن الخبراء يبددون هذه المخاوف عندما يؤكدون انه من الصعب ان تقع مثل هذه التوقعات بوجود حواجز أرضية، وسدود صلبة بنيت تفاديا لأية كارثة  من هذا القبيل .
لا يستطيع المقيم في هولندا ربط صداقة من الوهلة   الاولى مع اي هولندي او التعرف عليه بسهولة .. الهولنديون متحفظون كثيرا .
النهار في هولندا قصير بخلاف الليل، خصوصا إبان فصل الشتاء حيث ينتشر الظلام في وقت مبكر .. الليالي باردة جدا وشتوية وتصل درجة الحرارة  الى 10 درجات تحت الصفر في عدد من مناطق والمدن الهولندية .
للهولندي نظاما محددا لحياته اليومية ، فهو يستيقظ على الساعه السابعة صباحا وينام على الساعه التاسعة مساء ، يتناول وجبات خفيفة طيلة  اليوم ، ويتناول وجبة واحدة ساخنة   على الساعه السادسة مساء ، يقوم بالتسوق صباح السبت ، ويسهر مساء نفس اليوم خارج البيت ، ولا يستيقظ صباح الأحد الا عند حدود الساعة الثانية بعد الزوال ، يتناول القهوة على الطريقة الهولندية ، ينظف ملابسه ويلقي نظرة على محرك سيارته،، للهولندي عطلتان في السنة، واحدة في الشتاء والاخرى في الصيف .

التعليقات مغلقة.