“الجزائر”: مواصلة قضية “سوناتراك” أمام المحكمة تعد بمفاجآت أخرى غير سارة! – حدث كم

“الجزائر”: مواصلة قضية “سوناتراك” أمام المحكمة تعد بمفاجآت أخرى غير سارة!

جمال شبلي: تجد الشركة الوطنية للمحروقات بالجزائر (سوناتراك) نفسها، ابتداء من هذا الأسبوع، في قفص الاتهام في أطوار محاكمة أولى ضمن سلسلة من الفضائح المالية الكبرى التي هزت الشركة، المورد الأساسي لمالية الدولة.
انعقاد جلسة المحاكمة، التي انطلقت لتدخل في دوامة قضائية تتخللها تأجيلات لا حد لها، يبدو كمحاولة من السلطات الجزائرية لإسكات مناوئيها، الذين يرفعون أصواتهم المنددة بغياب الإرادة السياسية لكشف الحقيقة في قضية اختلاس ملايير الدولارات، من الأموال العمومية، وخاصة، تحديد الهوية الحقيقية للواقفين من وراء هذه الاختلاسات والمستفيدين منها، عوض تقديم أكباش للفداء.

وقد تزايدت حدة الشكوك حول نوايا السلطة، التي تتهم بالسعي لحماية أولئك الذين خدموها بولاء، حين تمت تجريد دائرة الاستعلام والأمن (الاستخبارات)، بقرار رئاسي في شتنبر 2013، من سلطة التحقيق في قضايا الاختلاس، وذلك عقب كشفها منذ سنة 2009 عن سلسلة من التجاوزات الجسيمة في صفقات عمومية تعدت قطاع البترول.
وتزامن حل مصلحة الشرطة القضائية التابعة لدائرة الاستعلام والأمن، التي كانت تقوم بالتحقيق في ملفات كبرى للاختلاس، مع الكشف، في وقت سابق، عن الاشتباه في ضلوع وزير الطاقة السابق، شكيب خليل، “الفتى الذهبي” السابق للنظام، والذي صدرت في حقه اليوم مذكرة بحث دولية وتحقيق بتهمة الرشوة في ميلانو، بسبب تورط الشركة الإيطالية (سايبيم) في دفع رشاوى للحصول على عقود بالجزائر.
وفي هذا الصدد، كتب الصحافي الجزائري المعروف محمد بنشيكو أنه “لو كان الأمر رهينا بالسلطة الجزائرية وحدها، لما تمت إثارة قضية سوناتراك، أو على الأقل، تأخيرها لأقصى أجل ممكن، حتى يطالها النسيان، لتلحق قضية سوناتراك بباقي المناورات المشبوهة المرتبطة بحاشية الرئيس”.
فللمرة الأولى، يسجل كاتب العمود، “لا يرتبط مصير تحقيق حول فضيحة جزائرية بشكل حصري بالقضاء الجزائري، ولكن أيضا، وبالخصوص، بقضاء أجنبي ينكب على القضية بشكل مواز، لا تملك فيه الجزائر أي سلطة، إذ أن القاضيين الإيطاليين المكلفين بالقضية، فابيو دي باسكوالي وسيرجيو سبادارو معروفان بعدم تساهلهما”.
وأضاف أن “القضاة الجزائريين مضطرون لـ “البت” في قضية متفجرة ثبت فيها بوضوح، وعلى خلاف فضيحة خليفة، تورط أقارب الرئيس.”
في أولى القضايا التي تهز سوناتراك، يوجد الرئيس المدير العام السابق، محمد مزيان، واثنان من أبنائه وثمانية مديرين تنفيذيين سابقين، ضمن 19 مشتبها بهم، بينهم مواطنون أجانب، مثلوا أمام محكمة الجزائر في قضية تم تأجيلها لأجل غير مسمى.
وتتعلق التهم التي تواجه على المتهمين، على الخصوص بتمرير صفقات بشكل مخالف للقانون لمنح امتيازات غير مبررة لطرف ثالث، وتبييض الأموال، ورفع أسعار العقود مع مؤسسة عمومية.
ويشتبه في أن مزيان قام بتفويت صفقات بأزيد من 110 مليون أورو لفائدة الشركة الألمانية (كونتال ألغيريا فونك فرك) في إطار مشروع إنشاء نظام المراقبة البصرية والحماية الالكترونية لجميع مركبات مجمع سوناتراك على مستوى التراب الوطني، في مقابل امتلاك ابنيه المتهمين في ذات القضية حصصا بالمجمع الألماني، فضلا عن عمولات بقيمة أربعة ملايين أورو خصصت لتمويل هدايا، من بينها شقة في باريس لفائدة أسرة هذا المسير السابق.
كما يتابع بتهمة إبرام صفقة مشبوهة بقيمة 586 مليون أورو مع المجمع الإيطالي سايبام ألغيريا في إطار مشروع إنجاز أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وسردينيا بإيطاليا. وتبين أن أحد أبناء مزيان محمد كان يعمل مستشارا لدى المدير العام للشركة الايطالية، والذي عهد بأشغال إعادة تهيئة بناية سوناتراك في وسط الجزائر إلى شركة أجنبية، بمبلغ يفوق 64 مليون أورو.
وفي قضية سوناتراك 2، التي تثير جدلا في إيطاليا، فإن شركة سايبام تواجه تهمة دفع رشاوى بقيمة 198 مليون دولار للوزير الطاقة الجزائري السابق، شكيب خليل والمقربين منه، مقابل الحصول على عقود بقيمة ثمانية ملايير أورو في ميدان البترول بالجزائر.
وطالبت النيابة العامة بميلانو، مؤخرا، بإعادة محاكمة ثمانية أشخاص، من بينهم المدير العام السابق لسايبام، باولو سكاروني وفريد بجاوي، رجل ثقة ووسيط شكيب خليل.
وقد خلص القضاء الجزائري، التي تعرض للإحراج جراء التصريحات التي نشرتها الصحافة الإيطالية خلال صيف 2013، إلى إطلاق مذكرة توقيف دولية في حق الوزير الأكثر شهرة في البلاد منذ سنة 1999، تاريخ وصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم.
وكانت الجمعية الجزائرية لمكافحة الرشوة طرحت آنذاك التساؤل “لماذا لم يتم منع المعني بالأمر، بالنظر لجسامة الوقائع، حين كان موجودا بالجزائر، من مغادرة التراب كإجراء وقائي؟”.
وبجرعة من السخرية المعهودة، يتكهن الصحافي محمد بنشيكو، الذي تعرض للاعتقال بسبب كتاباته الجريئة، بشأن التتمة التي يتعين تخصيصها لهذه القضايا الكبرى للرشوة، بالقول إن هذا اللغز المحير الذي يواجهه القضاة الجزائريون المكلفون بتنشيط فصول مسرحة قضائية ستنتهي، كما جرت العادة، باعتقال بعض المتهمين الصغار وإطلاق سراح المدانين الحقيقيين، وأغلبهم من المقربين من محيط الرئيس.

حدث/و.م.ع

التعليقات مغلقة.