عبد العلي جدوبي: أخطر ما يمكن ان تنجر إليه الصحافة الجزائرية المعروفة بكونها ناطقة باسم الفريق العسكري الحاكم بالجزائر. هو أن تتحول إلى وسيلة للترويج طروحات مغرضة ، وتنخرط في عملية تحويل الأنظار حول تطور الوضع الداخلي في الجزائر التي ما زالت فيه ذكرى (العقد الاسود) تخيم على ذاكره المواطنين الجزائريين، بدلا من الاهتمام بإنشغالاتهم اليومية ومشاكلهم المعيشية ، لقد ظلت كل وسائل الإعلام الجزائريه ، تبحث كعادتها دائما عن منقذ لتحويل الاهتمامات الداخلية الى خلق ذرائع والصاق اتهامات بالجار المغربي ، الوجهة المفضلة للقيام بمثل تلك العمليات التي أقل ما يقال عنها أنها لاأخلاقية ، وتتحين كل فرصه للتعليق على أي حادث كيف ما كان نوعه حول الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية بالمغرب الى درجة أن تلك الجرائد ووسائل الاعلام المسموعة والمرئية تخصص حيزا مهما لاضراب عمال النظافة في جماعة نائية بالمغرب !
وما يثير الاستغراب هو أن الاعلام الجزائري و الصحافة المكتوبة تحديدا ، لم تكتب سطرا واحدا عن الحراك الشعبي في عدة مناطق ومدن جزائرية ، ولا عن الطوابير الممتدة لمسافات طويلة من أجل الحصول على كيس للحليب المجفف ، ولم تكلف تلك وسائل الاعلام نفسها أيضا عناء الحديث أو حتى الإشارة الى تمرد الشباب الصحراوي بمخيمات تيندوف ، ولا عن الاوضاع المأساوية للرعايا المحتجزين قسرا بتلك المخيمات البئيسة، ولم تستخدم تقليعة حقوق الانسان لشجب واستنكار الظروف اللانسانية لأوضاع النساء والاطفال والشيوخ ، على ان العديد من المنظمات الحقوقية الدولية ، كشفت النقاب عبر تقاريرها عن الخروقات التي تعرفها تلك المخيمات ..
ما لم تستوعبه بعد الصحافة الجزائرية ، هو أن الوضع الذي كانت توجد فيه جبهة البوليساريو قد اعيد الى حجمه الطبيعي : حركه ذات بعد انفصالي ارهابي ترتبط بجهات خارجية وبدعم وبرعاية من السلطات العسكرية الحاكمة بالجزائر ، وانكشفت اللعبة القذرة حيث كشفت الجزائر صراحة عن نواياها قصد الهيمنة ، ذلك ان الرهان على حساباتها القديمة لم يعد يجدي في شيء ، وأن سياسة المحاور التي تلعبها اكدت فشلها في العديد من المحافل الدولية ، وأن استثمار الرهان على دفع الرشاوي لمعاكسة الحق المغربي المشروع ما هو الا مضيعة للوقت ويكلف غاليا !
أوراق المناورات الجزائرية بدأت منذ سنوات تتساقط الواحدة تلك الاخرى، فلم يجد حكام الجزائر من وسيلة سوى محاولة التملص من القيود التي طوقهم بها مجلس الامن ، بهدف عرقلة أي حل سياسي لنزاع الصحراء ويشار الى ان الجزائر باتت منذ صدور قرار مجلس الامن رقم 1754 في 30 ابريل 2004 الداعم للمبادرة المغربية لمشروع الحكم الذاتي الموسع ، وهي تعمل بكل الوسائل على إفشال مساعي الأمم المتحدة ، وتلعب بأوراق متعددة في العديد من المحافل الدولية ، كما أن التورط الجزائري في ملف نزاع الصحراء لم يعد يحتاج الى جهد إضافي لإستخلاصه ، ذلك ان تنوب الجزائر عن بوليساريو في الدفاع عن أهداف إنفصالية غير مقبولة ، فهذا موقف معروف وثابت حيث تخال نفسها كدولة عظمى تملي شروطها على الاخرين لحل نزاع اقليمي حتى وإن تعارضت مع قرارات المجتمع الدولي ! كان من المفروض ان يركز حكام الجزائر على القضايا الحقيقية المصيرية لبلادهم فيما يتعلق بالميول الى الديمقراطية والاهتمام بمسائل التنمية ومحاربة آفات الفقر ، والقيام بالاصلاحات الإقتصادية والسياسية ، بدلا الإنشغال بحق تقرير المصير للشعب الصحراوي ، والتطلع الى قيام دويله من الخيام !
فلعدة سنوات طويلة خصصت الصحف الجزائريه وكل وسائر الاعلام حملات ضد بلادنا ، وخلقت العديد من الذرائع الواهية، ونقلت عن مسؤولين جزائريين بارزين تصريحات يتهمون فيها المغرب باتهامات باطلة ، يراد منها إضعاف الوجود المغربي في المحافل الدولية ، وبالمقابل لم تكتب نفس الصحف او تتحدث وسائر الاعلام الاخرى المرئية والمسموعة ، لم تتحدث عن اي شيء يخص الحراك الشعبي في الجزائر في عدة مناطق ومدن جزائرية ! ولم تكلف نفسها عناء الحديث أو حتى الإشارة الى مايعانيه الشعب الجزائري من الفقر والحرمان والجزائر تسبح من تحتها بحور من البترول والغاز !! أين تذهب كل تلك العائدات المستخلصة من تلك الثروة ؟!
ومن ثم من يتربص لتطويع نزاع الصحراء لأهداف سياسية معروفة، ويدفع بأشخاص انفصاليين الى الواجهة، ويحرضهم ضد وحدة بلادهم وسلامه مواطنيها، تثبت بالملموس أنهم مناهضون للأمن والاستقرار والحق في الحياة .
التعليقات مغلقة.