سيدي اسباعي: تستمر تداعيات الصراع السياسي وتصفية الحسابات، التي تدور رحاها بين إدارة مؤسسة ألموكار كجهة مشرفة على تنظيم موسم طانطان من جهة، وبعض منتخبي الإقليم من جهة ثانية، وهي خلافات بدأت تخرج للعلن بمناسبة تنظيم النسخة 17 للموسم، والتي اختتمت فعالياته أواخر شهر يونيو المنصرم من سنة 2024.
هذه التجاذبات وحالة الاستقطاب الشديد بين إدارة موسم طانطان والهيئة المنتخبة المحلية، أعادت التفكير في كيفية الاشتغال على سؤال التنمية المفقودة المظاهر والتجليات في مدينة العبور، وهي لازمة ظل المسؤولين في المؤسسة يكررها على مدى عقد من الزمن، وظلت الساكنة المحلية تنشدها مطلبا وتطلعا على مدى عقود من الحرمان والعوز الحضري على مستوى تأهيل البنيات التحتية وتمكين السكان المحليين في إطار الوفاء بالتزامات مؤسسة ألموكار المسترة في شعار التنمية البشرية المفقودة، فعن أي تنمية تتحدث مؤسسة فاضل بنيعيش؟
لم تكن أبدا انفتاح رئيس المؤسسة رغبة كامنة في تجسير أواصر التعاون مع الصحافة المحلية بالصحراء ولا تقليدا دأبت عليه إدارة ألموكار لتنوير الرأي العام الوطني والمحلي حول يتعلق بالموسم وشروف تنظيمه وانجازاته في إقليم ظل جثة هامدة، بلا روح سوى من جلب بضع خيام وقطعان من الأبل في مشهد كرنفالي، لا يساعد على فهم أن مشهد اصطفاف الخيام وارتداء الأزياء التقليدية المحلية، والاستماع لأهازيج الموسيقى الحسابية خلال أيام الموسم، لن يبرر حالة الفشل المستوطن في دواليب التدبير الإقليمي والمحلي وفي برامج ومخططات الشركاء الاخرين وعلى رأسهم مؤسسة ألموكار.
حيث أن الاجتماع بثلة من الصحفيين من أبناء المنطقة، جاء كخطوة تبريرية لتصريحات رئيس مؤسسة ألموكار حول تقاعس منتخبي الإقليم في إحداث نقلة نوعية على مستوى التنمية البشرية، لكنه أعفى مؤسسته من المسؤولية، وهو لقاء أملته حالة الاحتقان الحاصلة بسبب غضب منتخبين محليين من تصريحات أدلى بها رئيس المؤسسة لوسائل الإعلام، وحمل من خلالها أبناء الإقليم المسؤولية الكاملة عن تهميشه وضعف التنمية فيه.
وقد لا نختلف أن جزءا من الفشل، يرجع الى عدم نجاعة عمل الهيئات المنتخبة المحلية، وان تراكم الفشل على عدة أصعدة، جعل جو الانتظارية واليأس سائدا، إلا من أجواء تخليد مناسبات وطنية ترجع مدينة طانطان المنكوبة الى الواجهة الإعلامية من حين لأخر، غير شعار مؤسسة ألموكار، حول 20 سنة من الصون والتنمية، ينبأ بخلل ذهني مستحكم في إدارتها شأن الإقليم، فمن جهة تسوق لعقدين من الزمن من التنمية البشرية والحجرية والمستدامة، لإقليم يكاد يكون منكوبا، ومن جهة أخرى ينتقد رئيسها بشدة فشل مخططات التنمية المحلية للهيئات المنتخبة، ويحملها المسؤولية الكاملة عن هذا التقهقر الوظيفي للإخلال بمسؤولياتها، بينما لم يصرح وهو العارف بإشكالات الموارد الميزانياتية لجماعات لا تملك غير حصتها في الضريبة على القيمة المضافة، وبصلاحيات تخضع في الغالب لسطات الوصاية الإقليمية لعدم تجانس الخريطة الانتخابية ووضوحها بالمقارنة مع تطلعات السكان الحليين في التنمية وجودة الخدمات وسبل العيش الكريم.
إن لقاء رئيس المؤسسة بصحفيي الأقاليم الجنوبية، تجاوز كونه لقاءا تواصليا إعلاميا بإنجازات ومشاريع المؤسسة وخطط تواصلها المستقبلي، للدفع قدما بمسيرة تنمية إقليم العبور وترويجه دوليا على المستوى التنموي والثقافي، والإجابة عن الإشكالات المتعلقة بتطلعات وامال السكان في تنظيم موسم الشيخ محمد لغظف كحاضنة حضارية وثقافية جمعت مكونات ثقافية مختلفة وتلاقحت فيها الأفكار والرؤى والمبادرات من أجل حماية لحمة الوطن، لحظة تقييم لدور مؤسسة ألموكار في إعطاء وعود كاذبة للساكنة وشبابها حول الإقلاع الثقافي والتنموي للإقليم وتحملها في الحد الادنى مسؤولية الإجابة عن سؤال أين التنمية في مدينة طانطان، على اعتبار كونها قوة اقتراحية على المستوى المركزي يمكن أن تساعد مساعدة في الضغط من أجل إحراز وتحقيق التطور الذي تنتظر ساكنة طانطان.
فهل سنكتفي في مدينة العبور بعمل الهيئات المنتخبة، للاستجابة لحاجات السكن المرتبطة بما تطرحه التحديات الكبرى المتعلقة بتدهور حالة البنيات التحتية الأساسية كشبكات الربط بالمياه الصالحة للشرب المهترئة وحالة الطرق الحضرية التي تدمي القلب والصرف الصحي وخدمات الصحة والتعليم وغيرها من الإشكالات التي لا تقدر حتى السلطات الإقليمية على تعبئة جهود كفيلة بمكافحتها فما بالك بمجالس منتخبة محلية غير متجانسة وتطوقها الصراعات القبلية والمصلحية والنفعية الضيقة، التي لا تترك فرصة للتفكير في المصلحة العامة، بالإضافة الى ضعف الموارد؟
التعليقات مغلقة.