“حدث” ومنذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس ، عرش اسلافه الميامين، ان يطبق استراتيجيته في الحكم بخطى حكيمة وسياسة مدروسة استهلها بكسب قلوب المغاربة جمعاء، من الشمال الى الجنوب، ومن الشرق الى الغرب. وخاصة منطقة الريف التي “هُمشت” لعقود!، لأسباب كان يعرفها الجميع!،
فكانت لجلالته اول زيارة رسمية للمنطقة لرد الاعتبار، حيث تفقد قراها مدنها، جبالها، وسهولها. وعلى اثر الزلزال الذي ضرب إقليم الحسيمة سنة 2004، الذي دمر عدة بنايات في قرى الإقليم والمدن المجاورة، استقر حفظه الله بخيمة وسط السكان بمدينة الحسيمة، لمتابعة الأحوال عن كثب، والوقوف على سير توزيع المساعدات ، وتوفير العلاج للمصابين ، ومواساة أسر المتوفين، ونظرا لانسنة جلالته اضحى يحمل في الداخل والخارج، اسم “ملك الفقراء””.
وبعيدا عن المنطقة، زار حفظه الله، جميع جهات المملكة من الداخلة الى وجدة، تفقد من خلالها، الدواوير، في القرى، والبوادي، الجبال، السهول، الصحاري، وحواضر المدن ، ووقف على كل ما يجري في كل شبر من تراب المملكة، جاعلا “عرشه” على “السيارة”، ليدشن عدة مشاريع اجتماعية، حسب احتياجات المناطق، وتم اطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لمحاربة الهشاشة يوم 18 ماي 2005.
وعلى صعيد مخلفات الماضي، عمل جلالته على طيها، من خلال هيئة الانصاف والمصالحة، واحداث المجلس الوطني لحقوق الانسان، الذي نال التنويه من طرف الدول العريقة في الديمقراطية وحقوق الانسان، كما حرص جلالته في اول خطاب له بعد توليه العرش، ان ينبه من خلاله “المسؤولين!”، على ضرورة تطبيق “المفهوم الجديد للسلطة”، مع احترام المواطنين، بصفته “ملك مواطن”.
ولرد الاعتبار للغة الامازيغية، كان لخطاب اجدير في أكتوبر 2001 مدخلا لإحداث المعهد الملكي للثقافة الامازيغية، ومنعطفا تاريخيا بالنسبة للأمازيغية كلغة وثقافة، اسفر عنه دسترتها في دستور 2011 ، إضافة الى مدونة الأسرة سنة 2004 للمساواة بين الرجل والمرأة، وبعدها ارتأى حفظه الله ان يعيد مراجعتها بعد عشرين سنة لتواكب متغيرات العصر، واطلاق مشروع الحماية الاجتماعية، وغيرها من المبادرات الملكية التي تخدم المواطن المغربي.
وفي مجال التنمية، شهد المغرب خلال 25 سنة الماضية تقدما على جميع المستويات، حيث اطلق مشاريع كبرى، تعد الأولى من نوعها في القارة الافريقية، منها ميناء طنجة المتوسط، وميناء الداخلة، والناظور، إضافة الى شبكة الطرق السيارة والسريعة، اطولها الرابط بين ورزازات والداخلة، والطاقة الشمسية من خلال “نور من 1 الى 4” وشبكة السكك الحديدية التي غطت اغلب الجهات متبوعة بقطار فائق السرعة “البراق” الذي يربط طنجة بالبيضاء، ومستقبلا باكادير، الا دليلا على ان لجلالته رؤية استراتيجية محكمة بوأت المغرب المراتب المتقدمة ، (لا يتسع المجال لذكرها) .
وعلى صعيد القارة الافريقية، نهج جلالته سياسة رابح ـ رابح، في جميع المجالات، اقتصادية ، اجتماعية ، ثقافية، ورياضية، إضافة الى عودة المغرب لمكانه في الاتحاد الافريقي، حاليا ، والذي كان له في السابق لأنه من المؤسسين لمنظمة الوحدة الافريقية سابقا، التي انسحب منها سنة 1984 ، احتجاجا على حشر مرتزقة البوليساريو من طرف القذافي والهواري بومدين، بتواطؤ من بعض رؤساء الدول الافريقية باديس ابابا، حيث القى جلالة الملك محمد السادس سنة 2017 خطابه في الدورة 28 للاتحاد الافريقي من نفس العاصمة، بعد العودة الى كرسيه التاريخي.
ومن اجل الانسان ايضا، ارتأى جلالته الوقوف بجانب الدول الافريقية التي هي في حاجة الى مساعدة، سواء منها التي كانت تعاني من الحروب الاهلية، او من التهديدات الارهابية في الساحل والصحراء ، بمساعدات عسكرية، وامنية، وطبية وغيرها ، لتحقيق الاستقرار في اطار التعاون جنوب-جنوب ، من خلال استراتيجية لتأهيل الدول التي تعاني من الفقر والهشاشة، بسبب سوء التدبير لثرواتها الطبيعية ، او بعدم الاستقرار! ، سواء من خلال زيارات جلالة الملك الميدانية لهذه البلدان ، للوقوف على عدة مشاريع شراكة بينها وبين المغرب ، للتشجيع على الاستثمار والتصنيع، والمال بخبرة الاطر المغربية. كما عزز المغرب موقعه كجسر بين إفريقيا، أوروبا والقارة الامريكية إضافة الى العالم العربي.
وهذا الاهتمام الملكي بالقارة السمراء، التي تجمعها بالمغرب الجغرافية، والتاريخ، والدين الاسلامي في الدول الاسلامية، التي بنى فيها جلالته عدة مساجد، كما وزع ملايين من مصاحف القران الكريم هدفه الحفاظ على العقيدة الاسلامية، بصفته امير المؤمنين، ومن اجل ذلك اسس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة.
وفيما يتعلق ب”الحاقدين” عن تقدم المغرب في عدد من المجالات، ومنها استرجاعه لاقاليمه الجنوبية من خلال المسيرة الخضراء التي ابدعها الراحل جلالة الملك الحسن الثاني، فقد نهج الملك محمد السادس سياسة حكيمة صامتة، استطاع خلالها أن يكسب الدعم الدولي في جميع المحافل حول مغربية الصحراء، وفتح عدة قنصليات في جهتي الداخلة والعيون، واعتراف أمريكا وأوروبا وختامها فرنسا، من خلال رسالتها الى صاحب الجلالة، التي تزامنت مع عيد العرش والذكرى 25 من توليه العرش، لتكون اخر رصاصة في صدر “الحاقدين” .
التعليقات مغلقة.