مصطفى الزارعي: مفتاح فوز الرئيس الجزائري في انتخاباته الرئاسية، هو الزج برأس المغرب، في حملة انتخابية غير مسبوقة.. باقي الاجندة الانتخابية، مجرد تفاصيل سيتكفل بها الرئيس بعد فوزه بكرسي الرئاسة.. كل مفاتيح الدولة طالها الصدأ، إلا المفتاح الذي يفضي إلى باب المغرب، ويعريه ويفضحه وينكل به، ويعلن للعالم أنه تم القبض على المغرب، متربصا بقدر الجزائر، التي تمكنت من صنع ثورة.. وخلقت زورا أو وهما، مليون ونصف مليون شهيد، لكنها بسبب المغرب، لم تتمكن من انتاج رئيس حقيقي بمواصفات ديمقراطية.. وإلا كيف نصدق بأن الحملة الانتخابية للرئيس طبون، تقول أن المغرب، هو من حفر كل الحفر والمطبات التي ما زالت تتعثر فيها الجزائر. وهو من قوض تاريخها، وجاء بالاستعمار الفرنسي، وأدخل السلاح الذي قُتل به مليون ونصف المليون شهيد.. وهو من دفع فرنسا لسجن مئات جماجم الثوار، وسرق الطائرة التي كانت تقل قادة الثورة الجزائرية، ووضع اللبنات القبائلية والمجالية والترابية لتقسيم الجزائر، وحارب الجزائر في حرب الرمال، وصنع طوابير الغداء ومنع الماء عن غرب الجزائر، وسرق الضباب المحمل بالأمطار من عمق الترتب الجزائري، وأيقظ الحرب الأهلية في ثمانينات القرن الماضي، وشكك في الحدود الجزائرية الموروثة عن الاستعمار، وأحرق الغابات الجزائرية، وأغرق البلاد بالمخدرات، وأحاط الحدود الجنوبية للجزائر بأقوام النمل العسكري المالي، والشرق بفرق جماعة عفتر الليبية المسلحة، وأحال الاقتصاد الجزائري إلى كونتر بوند دولي، وألبَ دول الخليج وباقي الدول العربية على تخريب الجزائر، ودفع الكثير من الدول الغربية للاعتراف بمغربية الصحراء، وقوض الديبلوماسية الجزائرية، ويعمل على تحييد واجتثاث البوليساريو من الاتحاد الإفريقي، وإغلاق العديد من الأبواب الدولية والاقليمية في وجهه.. وصنع لقجع، الروبوت الساحر والقاهر لتدمير الرياضة الجزائرية، وإفساد عشب الملاعب الجزائرية، وأحال أنوثة بعض الرياضيات إلى رجولة مستترة، ودعا على الجزائر، كي يطيل الله في عمر مسؤوليها المدنيين والعسكريين، حتى يصلوا إلى أرذل العمر، وتلتصق عجيزاتهم بالكراسي والمناصب، ولن يتبدلوا تبديلا، إلى أن يكنسهم الموت.. ثم زرع اليأس في مستقبل الجزائر.. وهذا قليل من كثير.. وعلى الرئيس طبون أن يذكر بأكثر من هذا في حملته الانتخابية، حتى يكون الجزائريون على علم، أن العدو الأول والكلاسيكي، والوحيد هو المغرب.. لكن وحده طبون، المنقذ والشافي والمعافي والقوي يستطيع الوقوف في وجه، وعلى الشعب الجزائري، “إذا أراد الحياة”، إعادة انتخاب الطبون لعهدة ثانية..
الكذب سلاح مقدس
وعلى هذا النحو، أصيب الاعلام الجزائري، بحالة من العمي الجائر، وهو يحارب وراء الرئيس مستعملا كل الأسلحة المتاحة وغير الشرعية.. وزير الدعاية غوبلز، وعلى عهد أدولف هتلر تحدث في عز الغواية النازية، عن قوة “الكذب المقدس”، ثم قال في تفسيره الدعائي لذلك، “اكذب، واكذب ثم اكذب إلى أن يصدقك الله”.. وكما لو أن عصا موسى، وليس عصا الاعلام الكاذب، هي من سيشق البحر، ويمر الرئيس الشقي من مفترق الماء، أو مفترق النجاة.. والمسألة لها علاقة بوصول الرئيس إلى سدة الحكم في جارتنا الجزائر، وهي الجارة التي تعاني من خصاص مدو في لحمة وحقيقة التاريخ.. يدير رئيسها حملته الانتخابية وكأنه يتنافس مع المغرب في الفوز برئاسة الجزائر، وكأنه يضع أصبعه في ثقب الواقع كي لا تتسلل ريح الهزيمة، مؤكدا أن الخلاص لن يكون إلا من خلال رمي الجار المغربي، بما يكفي من أسباب انهيار الجزائر.. وستلاحظون كيف أن عبارات الحرب تسكن في كل تصريحات الرئيس، وتعمل بعيون مثقوبة، وبدماغ مثقوب، وبخيال رُهابي جائر، وليس ببرامج الرئيس الانتخابية..
وخلال الخمس سنوات الماضية، وهي عمر ولاية الرئيس الأولى، جمع ما يكفي من الأبواق الصحافية المأجورة التي تشتغل لتبييض ساحة ضعفه، إلى أن أصبحوا أشبه بغانيات “قوادة” الصحافة، التي تهاجم المغرب، وتفتي بأن كل الأمراض والنواقص والهزائم والصغائر، التي أصابت الجزائر، هي بسبب المغرب تحديدا..
هذا كلام كبير، إلا أنه لا يمكن أن يصل إلى أكثر ما تنطق به صحافة الجزائر، حتى أنها أطلقت أخيرا، عنان شاشاتها لصحافي يحمل خصائص شخصية “جحا”، يدعى المهدي غزار، كي ينعت المغرب بدولة القوادة، فهل هناك أخس ما يمكن أن يصلنا من جارة يحكمها لحد الساعة ، “رعاع السياسة”.. ولنا أن نعاين بشكل يومي، منافساتهم في تلطيخ إعلامهم بكيل لا حدود له، من التنكيل والتجريح والسب وإطلاق التهم الباطلة ضد المغرب..
حاليا، يتوفر الرئيس على ترسانة من رجالات المسخ الصحافي، مبدعون في الكذب والتنكيل.. كما يتوفر أيضا على جماعة حملة أعواد الثقاب، الذين يضرمون النار في كل شيء، وقد لا تتوقف النار أحيانا إلى أن يوصلوها إلى ملابسهم.. أشخاص يكونون بالفطرة مستعدين لكي يشتغلوا بالأوامر الفجة، خارج العقل، وبالضرورة بعيدا عن الواقع.. على أن يكون كل شيء يجول ضد المغرب لا يفترض دليلا، ولا برهانا، ولا معلومات صادقة.. فقط على صحافة البخاخيش الجزائرية، أن تكون قطعاً “واعرة” في الإساءة للمغرب، أن تمعن في السب والقدف واللسان الطويل.. وهذا هو المطلوب منها.. وأيضا أن تكون بالضرورة لها صدى، وأثر بالغ في غزوها البربري للمغرب..
قاتل مأجور يحييكم
في الصحافة الجزائرية، أصبح في حكم العادي جدا، انتحال وجه شخصية صحافية إلى قاتل مأجور، الأجر يزيد وقد يكبر كثيرا مع الأيام، والخدمات المتتالية التي يقوم بها، تقول هل من مزيد.. والمهدي غزار، رجل الرئيس الجزائري عبد المجيد طبون، وممثله الدائم في فرنسا، وممثل حملته الانتخابية الحالية في فرنسا، تحول بالفطرة والاستعداد والعدة والعتاد إلى فاسد مأجور، قبل أن ينتحل شخصية الصحافي المأجور منذ مدة، في قناة RMC الفرنسية.. وهو على هذه الحال في باريس، قطعة من المسخ الاعلامي، يراد بها صبغ وتبييض ما يطلبه الرئيس الجزائري. والحق أنه يقوم بمهامه على افضل وجه، وهذا ما يشاع عليه في محيط الرئيس.. حتى أن أحد المعلقين الجزائريين المغضوب عليهم من النظام، قال، “إن المسخ التي يطلقه المهدي ضد المغرب يصعب تبديده، لكن لابد أن يأتي عليه ويفسد وجهه في قادم الأيام”.. فصفاته ودوافعه أبلغ من مجرد قيامه بمهمة صحافية قذرة، لأنه يستطيع التمرغ في دونية مستحقة، مختبئا في أخطاء ومزالق الناس، أو تحديدا من يعتبرهم أعداء طبون، ثم فاسدا في تدبير صورة طبون في فرنسا..
وغزار لن يكون إلا غزار، على وزن الغزير في الفساد والإفساد، يعيش في جبة الرئيس الجزائري، وبوقه المدوي في فرنسا، مبيض ما يقوله ويردده الرئيس، ملتزم بحمل خباياه وخفاياه، ومستعد لحمل الرئيس وغرز دبوسه ظهره، دون أن يسأل إلى أين.. لكن يضع اللجام في فمه، ويقول سر بنا يا ولدي، الأحرى ، ياحماري.. حتى ولو كانت الطريق تمتد من سيئ إلى أسوأ..
لا أعرف أحدا من مداحي الرئيس الجزائري، يملك دراية التكلم بلسان الرئيس أفضل من زغار، مع أن الكثير من الصحافيين، وحملة المعاول وليس الأقلام الجزائرية، يصطفون بشكل يومي أمام باب مكتب الرئيس، يطلبون حصتهم من المهام القذرة التي يخطط لها الرئيس، ويجهدون أنفسهم وهو يتمسحون بأغراض وأهداف الرئيس، وقد لا يصلون إلى مرتبة ومستوى غزار، وقدرته على التمسح على ظهره وبطنه من أجل تبييض سياسة وأهداف الرئيس طبون.. شيء من القداسة الممعنة في السير فوق كل القيم والأخلاق والمواضعات السياسية والأخلاقية من أجل الرئيس.. وقد يسمح له بركوب لسان الرئيس من باب الكذب طبعا، وقلب المعلومات، ومسخ الأخبار، والتعليق ب”حاسة التزنديق”، وقول ما لم يقو أحد على قوله، كي ينال رضا الطبون.. وهذا هو الصحافي الذي اختاره الرئيس، ليكون دليله والمدافع عنه وسط “أحراش” الصحافة الفرنسية.. والذي ينتهي صداه في الجزائر، التي يراد لها أن تصدق ما يقال، من بهرجة وبهلوانية الرئيس، ومنجزاته الغرائبية، وأرقامه المتمادية في الخطأ و”التشقليب”، وسياساته التي تنتهي عادة إلى إغلاق أقفال علاقات بلاده مع الجميع، ورمي الآخرين رجما بالحجارة.. وقد لا يكتفي الرئيس بهذا القدر، وعلى غزار أن يجهد نفسه لصياغة أفكار مجنونة، في القناة الفرنسية، من أجل إسعاد الرئيس، وإضفاء تلك الابتسامة الغريبة على محياه الغض.. الأحرى على خياشيمه المترهلة..
صحافة الفساد والإفساد
ومثل هؤلاء الأشخاص، قد لا يجدهم الرئيس، إلا في الأماكن التي ترشح بالفساد والإفساد، والاقتداء بمشاريع الإساءة لمصالح البلاد وتبييض العلاقات والروابط الشاذة، والأشخاص الشاذين والممارسات السوداء التي تفترض دائما أن تبحث عن من يحميها، وييسر سيرها في الطرق والمسالك والأبواب غير المسؤولة ..
تقول معلومات بعض الصحفيين الجزائريين، أن مهدي غزار، عادة ما يردد على مسامع الرئيس، “أنا انهنيك من لممراركة.. هادوك ضربهوم لراسي.. غادي نوريك فيهم لعجب..”.
وعلى مهدي غزار أن يبحث جيدا في لائحة السباب والقدف وأوصاف الدونية والوضاعة التي ينتظر منه طبون في حق المغاربة.. أن يأتي بشيء جديد، فكل ما قيل في المغاربة، أصبح باليا وقديما ومكرورا ومستعادا.. لاشيء جديد.. المهمة صعبة على غزار، وهو على مشارف الانتخابات الرئاسية، وقد يجد نفسه مضطرا للاستعانة بخدمات الطابور الاستخباراتي الجزائري، وهو أيضا ما زال يلوك تهما قديمة.. قد لا تستميل الرأي العام الجزائري ، وقد يأتي بالمطلوب وينال من المغاربة.. لكن كل التهم على تَعَددها، تجد حصتها الأصلية في الجزائر.. أو ما شابهها وماثلها وطابقها، وقد يزيد عنها ويضاهيها ويفوقها..
إذا، ما العمل؟ .. وقد يجد المهدي غزار نفسه مضطرا للإفتاء بشيء خطير وغير مسبوق ضد المغرب في هذا الوقت بالذات، خلال الحملة الانتخابية، وقبل فوات الأوان.. حتى أنه حين يتأخر قليلا عن ذلك، فكأنه يرمي الجزائر بنفس التهم، وليس العدو الكلاسيكي المغربي، كما يريد الرئيس طبون..
غريب.. مع أن الوقت يمر، والرئيس ينتظر سماع لائحة اللعنات التي تنزل بالمغرب، لم ييأس، كأنه في أول حملته الانتخابية، كأنه لم يبدأ بعد.. لكن الرد بسرعة من فضائل العمل السياسي، كما يقول ميكيافيلي، وهو قد يصلح في جهات أخرى عديدة، لكن السرعة التي يدير بها الرئيس مصائبه، من باب “سيحْت الزربة”، التي تنتج عنها الدوخة والسقوط على القفا، بالواقف ومن عل..
لكن غريب أيضا، أن لا تجد الحملات المغرضة ضد المغرب، شيئا جديدا، وما عليهم إلا أن يستبصروا بالعادي والقديم، ويقولوا ما قاله كثيرون من قبل.. وحين يستعاد العادي والمكرور، يتحول إلى صراخ، وصياح وصخب وعويل ونباح.. ثم بكاء.. وخراء.. وحين تصل الأمور إلى هذا الأخير، تصبح الحملة الإعلامية مجرد جلوس فوق الخرا.. وهذا ما يقوم به غزار حاليا بشأن الحملة الانتخابية ضد المغرب، ولصالح سيده طبون..
العذر أقبح من الزلة
فهل كان من الممكن، ترسيم مسارات الحملة الانتخابية للرئيس، اعتمادا على تكثيف عمليات رجم المغرب، وهل كان من الصائب، أن يُقدف الشعب المغربي، بأحط أنواع وأشكال القدف، كي يصل الرئيس إلى حالة الانتشاء السياسية التي تتطلبها حملته الانتخابية؟.. والحال أن غزار ومن شابهه، ومن معه، باستطاعتهم إقناع الرئيس بأنهم نالوا وعاثوا في شرف الشعب المغربي وكبريائه.. لكنهم أيضا يخفون عنه أن الشعب الجزائري لا يمكن احتواءه بمجرد سب ولعن المغاربة.. هذا شيء يعرفه الشعب الجزائري، وهذه حالة، لا يمكن تمريرها في الجزائر، لولا القمع واستمرار التجني على إنسانية الشعب الجزائري، وتغييب حقه في الحرية، والتعبير عن سخطه على النظام العسكري الحاكم، وتكميم المعارضة والحق في النقد.. وليس الحق في الصراخ الذي يعتبره النظام حقا من حقوق التعبير..
غزار كائن يمشي على أربع في قافلة الحملة الانتخابية “التبونية”، وربما ينظر إلى نفسه، أنه أفضلهم وأقواهم للنيل من المغرب، وما عليه إلا أن يعيد المستعاد، كي يتبعه من يسيرون على هوى “بخاخيش الصحافة” الطبونية.. وهذا أيضا لايصمد في مناخ البهتان والكذب، والكتابة بسكاكين الاساءة، وترسانات القمع، ومن يتوددون رضا من يديرون قدر الشعب الجزائري المغلوب على أمره..
وهنا مكمن الخيبة، لأن المطلوب من غزار، الذي يتكلم كما لو أنه أحدب نوتردام، في رواية فيكتور هيغو، والذي لا يظهر خارج الكنسية، إلا ويخلي المارة الطرقات، لأنه يحمل على لسانه مصيبة قادمة.. وما إن يظهر غزار في وسائل الإعلام الفرنسية أو الجزائرية، إلا ويتوقع الرأي العام الجزائري، أن مصيبة رئاسية في الأفق..
قد تكون أول معالم المصيبة قد ظهرت.. وقد يكون مهدي غزار اعتذر إلى جهة أخرى، طبعا ليس إلى الشعب المغربي.. وظهرت أصوات طوائف حزبية، وأرانب انتخابية في الجزائر تتمسح على بطنها وراء الرئيس طبون.. تطلب من غزار التراجع عن اعتذاره.. فأصبح الاعتذار بين عشية وضحاها، أخس وأقبح من الزلة.. والزلة قد تثقب حملة طبون الانتخابية.. وقد تتسع في غفلة من جماعة الدافعين، وتمتد إلى أن تفضي إلى ثقب كرسي الرئيس…
الكاريكاتير للموقع
التعليقات مغلقة.