انطلقت، اليوم الثلاثاء بالرباط، أشغال مؤتمر دولي حول موضوع “الإيمان في عالم متغير”، تنظمه الرابطة المحمدية للعلماء بالشراكة مع رابطة العالم الإسلامي، وذلك تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ويندرج هذا المؤتمر، المنعقد على مدى يومين، بمشاركة علماء وأكاديميين وباحثين جامعيين من داخل المملكة وخارجها، في إطار الاهتمام الذي توليه الرابطة المحمدية للعلماء ورابطة العالم الإسلامي للمتغيرات المستجدة في القضايا المعاصرة، والتي تتطلب استجلاء أفضل السبل الممكنة لتهيئة المناخ الملائم لبث الإيمان وتجديده في النفوس، وصياغة الأطر الفكرية الرشيدة للتحصين من الأفكار السلبية قصد التعاطي البناء مع هذه المتغيرات.
وخلال الجلسة الافتتاحية، أكد الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أحمد عبادي، أهمية “البحث في الانفكاك بين الإيمان والعلوم في أذهان ثلة من الشباب”، معتبرا أن الرصد المتفحص لأسبابه سيؤدي إلى الوقوف على مجموعة من المسببات، ضمنها الانصياع أمام الفلسفات الحديثة التي تسائل الوجود من زوايا معينة.
وأبرز أن الإيمان يمنح النظرة الكلية التي تتيح الجمع بين مجمل المفردات الوجودية، لافتا إلى أن الانفكاك بين الدين والعلم جاء بعد ظهور جملة من النظريات التي أوهمت الناس بأن هناك تناقضا بينهما.
وبعدما شدد على الحاجة إلى “تجاوز قضية الجهل بالصورة الكلية للدين والعلم التي لا يمكن أن تمنح الارتقاء إلى فضائل الخالق جل وعلا”، دعا السيد عبادي، في هذا الإطار، إلى مزيد الاهتمام بالقضية البيئية وبقضية “اتباع الإنسان لأهوائه”، مما يحتم تكريس التزكيات المرتبطة بالإيمان والدين، معتبرا أن تملك هذه القضايا يحتاج إلى المحفزات المرتبطة بالإيمان بالله عز وجل.
من جهته، قال الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، إن الشبهات التي تثار بين الحين والآخر حول مفهوم الدين يتعين التصدي لها من خلال خطاب يفهمه الجميع، مع “عدم التكلف وسلبية الحماسة وحدية الطرح”.
وبعدما سجل أن “مهاترات الإلحاد قديمة قدم التاريخ الإنساني، خلافا لما يقول به البعض بأنه ينتشر حاليا أكثر من ذي قبل وهو ناتج عن كشف العلوم الطبيعية لأمور قادت للجدلية الإلحادية”، دعا الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى إلى التصدي لهذه المسائل باستحضار أدلة الايمان التي “تعد براهين كاشفة”.
من جانبه، نبه المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، سالم بن محمد المالك، إلى أن ثورة التواصل والذكاء الاصطناعي أضحت أماكن لنشر الإلحاد، مما يحتم تبني مجموعة من الإجراءات للتصدي لذلك، مشددا على أن “الايمان هو الثابت وغيره يظل رهين التغير وأسير التبدل”.
وقدم، في هذا الصدد، عددا من التوصيات، ضمنها رفع صوت الإيمان، وتبني صيغة التحالف الإيماني الدولي، وإيلاء الناشئة النصيب الأوفى من التربية الإيمانية، واستحداث برامج إيمانية مبدعة على مستوى التصميم موجهة لشريحة الشباب، ووضع برامج تلفزية تستفيد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي لخلق تواصل بين العلم والإيمان.
من ناحيته، أكد سيرج بيرديغو، السفير المتجول لصاحب الجلالة، والأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية، على أهمية تصدي الديانات لجميع مظاهر العنف والكراهية والعمل على إيجاد طريق لتقوية بعض القواسم المشتركة وتسوية جميع المشاكل ووضع سياسات للنهوض بالعيش المشترك، مستحضرا، على الخصوص، دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في هذا المجال.
وبعدما ذكر بتجربة التعايش المشترك بين المسلمين واليهود في المملكة المغربية، أشار السيد بيرديغو إلى أن المملكة عملت على الحفاظ على التراث المادي واللامادي اليهودي بالمغرب، معتبرا أن المغرب مثال يحتذى به في إرساء الحوار بين الأديان واحترام الآخر.
بدوره، أكد عطوفة الكاردينال كريستوبال لوبيز روميرو، رئيس أسقفية الرباط، في كلمة تليت بالنيابة عنه، أن العالم يعيش تغيرات مستمرة، مما يستلزم مزيدا من الاهتمام بقضية الإيمان بالله، مبرزا، في هذا الإطار، الحرية الدينية التي تتمتع بها الكنيسة الكاثوليكية بالمغرب.
ويتضمن البرنامج العام للمؤتمر خمس جلسات علمية تهم مواضيع “الإلحاد في السياق المعاصر .. عرض ونقد”، و”الإيمان في ضوء التكنولوجيا المعاصرة.. الرهانات والتحديات”، والطفرة الرقمية وظهور المؤثرين الجدد في التدين”، و”مكانة النظريات الفلسفية والمعرفية في تشكيل المفاهيم والتاريخ والحضارة”، وكذا “البناء الإيماني.. الواقع والاستشراف”.
حدث/ومع
التعليقات مغلقة.