انكب المشاركون في إحدى جلسات النقاش، المنظمة في إطار الدورة ال16 للمناظرة الدولية للمالية العمومية، اليوم السبت بالرباط، على بحث التحديات التي تواجه النموذج الهش للحكامة المالية العمومية، وسبل الإصلاح لتعزيز اتساقه وفعاليته.
وقد شكلت هذه الجلسة، التي ضمت خبراء مغاربة وفرنسيين، فرصة لاستكشاف نموذج حكامة مالية عمومية يتسم بتجزئة التفويض البرلماني وارتفاع خصخصة الدولة، مما مكن من مناقشة العديد من التحديات التي تواجهها مؤسسات “بريتون وودز” في سياق عالمي تطبعه رهانات متنامية.
وفي هذا السياق، أكد الرئيس التنفيذي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، كريم العيناوي، أن نماذج الحكامة المالية تواجه “إكراهات ثلاثية”، توصف بأنها نتاج قوى عالمية مترابطة تؤثر بعمق على خيارات السياسات الاقتصادية، مشددا على ضرورة تعزيز مرونة هذه النماذج من الداخل.
من جهته، اعتبر الأستاذ الجامعي والباحث البارز في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، العربي الجعيدي، أن حكامة المالية العمومية هي “لعبة سلطة” تتطلب مستويات من التدخل الحكومي عبر الوزارات، لضمان اتساق الخيارات المالية قصيرة الأجل مع الأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل.
أما الأستاذ الفخري في جامعة باريس 1 السوربون، جان ماري مونيي، فأشار إلى “إعادة مركزة مالية مرنة”، تقوم فيها الدولة بشكل متزايد بتولي السياسة الضريبية للجماعات، مما يحد من استقلالها المالي، مع تحملها مسؤولية تعويض الخسائر في الإيرادات الناتجة عن الإعفاءات.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المناظرة، المنظمة على مدى يومين، من طرف وزارة الاقتصاد والمالية بشراكة مع جمعية المؤسسة الدولية للمالية العمومية، حول موضوع “نحو إعادة هيكلة أفضل لنموذج حكامة المالية العمومية في كل من المغرب وفرنسا”، ضمت خبراء وأكاديميين وصناع قرار لتبادل الرؤى حول الإصلاحات اللازمة لتكييف أنظمة الحكامة المالية العمومية مع التحديات المعاصرة.