“الرياضات التقليدية ودورها في الإشعاع الثقافي والتقارب بين الشعوب” موضوع ندوة بمدينة أسا (إقليم أسا الزاك)
شكل موضوع “الرياضات التقليدية ودورها في الإشعاع الثقافي والتقارب بين الشعوب”، محور ندوة نظمت، اليوم الأحد بمدينة أسا (إقليم أسا الزاك)، بمشاركة باحثين في الألعاب الشعبية، وفاعلين في المجال الرياضي.
وأبرز المشاركون في هذه الندوة، التي عقدت قبيل افتتاح فعاليات النسخة الأولى لمهرجان أسا الدولي للألعاب الشعبية الذي تنظمه على مدى يومين، الجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع، الدور الهام الذي تلعبه الرياضات الشعبية في الإشعاع الثقافي والتعايش بين الحضارات، داعين إلى ضرورة توثيق وإنجاز جرد للألعاب التقليدية من أجل حمايتها من الاندثار والحفاظ عليها كجزء لا يتجزأ من التراث الثقافي اللامادي.
وفي هذا السياق، أبرز محمد بودشيش، باحث في الثقافة الأمازيغية، أهمية الثقافة الشعبية بالمغرب ودورها في المجتمع، مستعرضا لمحة حول عدد من الألعاب الشعبية بمنطقة الريف وخاصة في أيت سعيد إقليم الدريوش (جهة الشرق)، ومنها ألعاب جماعية من قبيل لعبة “كركز”، وألعاب مناسبات مثل “تقرمونت”، وألعاب المهارة والمغامرة ك “تيسوراف”.
ودعا إلى ضرورة إيلاء الاهتمام بالموروث الثقافي وصيانته وخاصة الألعاب الشعبية، والعمل على تكثيف الجهود لتطويرها وتوظيفها في مختلف القطاعات، مشددا على أهمية جرد وتوثيق هذا الموروث الثقافي من أجل صيانة مجموعة من الألعاب التقليدية المعرضة للاندثار.
من جهته، أكد حمدي التامك، فاعل جمعوي في المجال الرياضي، على أهمية المحافظة على الرياضات والألعاب التقليدية وحمايتها من الاندثار، مشيرا إلى أن الجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع تحرص على الاهتمام بهذا التراث على الصعيد الوطني والمحافظة عليه وخاصة بالمناطق الجنوبية للمملكة، مستعرضا بعض الألعاب الشعبية بهذه المناطق، ومنها لعبة “السيك” الأكثر شعبية في الصحراء لاسيما في الأمسيات الرمضانية.
من جانبه، أبرز نائب رئيس الاتحاد الدولي للرياضة للجميع، أحمد الشريف (الإمارات)، أن الثقافة العربية تتميز بثراء وغنى موروثها، وأن معظم الألعاب الشعبية على مستوى الوطن العربي تكاد تكون متشابهة ومتقاربة ومنها بالخصوص، سباقات “القدرة” في الفروسية بالإمارات العربية المتحدة، ورياضة التقاط الأوتاد وهي من رياضات الفروسية العربية، مشيرا إلى أن ارتباط الألعاب التقليدية بالثقافة الشعبية هو ارتباط أزلي بالموروث الشعبي.
وشدد السيد الشريف، وهو رئيس الاتحاد الآسيوي للرياضة للجميع، على أهمية المحافظة على الألعاب الشعبية عبر التوثيق والجرد لاسيما في ظل التحدي الأكبر المتمثل في الثقافات الجديدة في عصر الرقمنة، وتركيز جيل اليوم خاصة الأطفال على الألعاب الالكترونية بدل الألعاب الشعبية التي لا تنقل فقط موروثا شعبيا وإنما تنقل أيضا لغة وحضارة وثقافة وبالتالي، يضيف السيد الشريف، يتعين توثيق هذا الموروث وإقامة مهرجانات ولقاءات منتظمة بين مختلف مكونات المجتمع في المدن والقرى.
من جانبها، أكدت المديرة الإقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، حبيبة أوبعلا، خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة، أن هذا اللقاء الذي تحتضنه مدينة أسا ليس مجرد حدث ثقافي ورياضي عابر بل هو رسالة تبرز مكانة إقليم أسا الزاك كمركز ثقافي وتاريخي، وتعكس التزام المغرب بالحفاظ على تراثه اللامادي والتعريف به على المستوى الدولي. وأبرزت أن أهداف هذه الندوة تتماشى مع الأهداف الاستراتيجية لخارطة الطريق للإصلاح التربوي 2022-2026 ، المتمثلة في ضمان جودة التعلمات، وتعزيز التفتح والمواطنة، وتحقيق إلزامية التعليم. من جهتها، أكدت أبركهم الشرقي، عن المجلس الإقليمي لأسا الزاك، أن اختيار موضوع “الألعاب الشعبية الدولية، تواصل عبر الثقافات وتعايش بين الحضارات” كشعار لمهرجان أسا الدولي للألعاب الشعبية في نسخته الأولى، يأتي اعتبارا لما تمثله الألعاب الشعبية كجزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمجتمعات الصحراوية التي تعكس القيم والتقاليد الراسخة وتشكل رافعة أساسية لتحقيق التنمية بمفهومها الشامل.
وأشارت إلى أن ارتباط الألعاب الشعبية بأهداف التنمية المستدامة تنطلق من كونها وسيلة ناجعة لتعزيز الهوية الثقافية وارتباط الإنسان بمحيطه، مضيفة أن الأنشطة المرتبطة بهذه الألعاب تعمل على ترسيخ قيم التعاون والعمل الجماعي مما يسهم في بناء مجتمع متماسك.
وتم خلال هذه الندوة، التي عرفت حضور عامل إقليم أسا الزاك، يوسف خير، و رئيس الاتحاد الدولي للرياضات للجميع، عيسى محمد عبدالرحيم الرفاعي وهو رئيس الاتحاد البحريني للرياضة للجميع، وكذا منتخبين، ووفود تمثل أزيد من 30 بلدا من مختلف القارات يشاركون في فعاليات النسخة الأولى لمهرجان أسا الدولي للألعاب الشعبية، تكريم كل من السيد الرفاعي، والسيد أحمد الشريف، وهو رئيس الاتحاد الآسيوي للرياضة للجميع، ونزهة بدوان، رئيسة الجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع.
كما تم تكريم عمدة منطقة طوانو بمدينة ريجيو إميليا (إيطاليا)، ليوناردو بيروجي، وكذا كويتو سيكارني، عن اللجنة الأولمبية الإيطالية، بالإضافة إلى محمد أشرف حسين، أخصائي رياضي بالاتحاد المصري للرياضة للجميع، فضلا عن تكريم رئيس جمعية الطلبة الأفارقة بالمغرب، لاسنا طراوري.
كما تم بالمناسبة، توزيع تذكارات على مجموعة من الطلبة الأفارقة بالمغرب المشاركين في فعاليات هذا المهرجان. وتعرف النسخة الأولى لمهرجان أسا الدولي للألعاب الشعبية التي افتتحت فعالياتها مساء اليوم، والتي تنظم تخليدا للذكرى الـ 69 لعيد الاستقلال، مشاركة وفود تمثل أزيد من 30 بلدا، منها بالإضافة إلى المغرب، مصر، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، موريتانيا، السودان، إيطاليا، تشاد، السنغال، الكونغو الديمقراطية، النيجر، نيجيريا، الغابون، بينين، جزر القمر، بوركينا فاصو، الكوت ديفوار، غينيا، غامبيا، رواندا، الطوغو، مالي، كينيا، جنوب السودان، الرأس الأخضر، زامبيا، غينيا بيساو، إفريقيا الوسطى، سيراليون، وسانت لوسي، بالإضافة إلى بلدان أخرى. ويتضمن برنامج هذا المهرجان، الذي ينظم بشراكة مع عمالة إقليم آسا – الزاك، وبتعاون مع المجلس الإقليمي لأسا-الزاك، والوكالة المغربية للتعاون الدولي، تقديم عروض في الألعاب الشعبية، وسباق “كيلومتر السلام والوئام” بمشاركة الوفود الأجنبية والساكنة المحلية، إلى جانب سهرات فنية من التراث المحلي.
ح/م
التعليقات مغلقة.